في وقت أكدت لجنة الانتخابات الرئاسية في مصر أمس المؤشرات الأولية لتصويت المغتربين التي أفادت بفوز وزير الدفاع السابق عبدالفتاح السيسي بأكثر من 94 في المئة من الأصوات، أنهت السلطات استعدادات الاقتراع في الداخل المقرر الأسبوع المقبل، خصوصاً توزيع القضاة على اللجان وطباعة أوراق الاقتراع في مطابع الشرطة. وتوعد وزير الدفاع صدقي صبحي ب «رد حاسم على أي محاولات للمساس بإرادة المصريين». وأعلنت لجنة الانتخابات الرئاسية في مؤتمر صحافي أمس نتائج أولية لاقتراع المغتربين، إذ أوضحت أن إجمالي عدد الحضور وصل إلى نحو 318 ألف ناخب، وأن الأصوات الصحيحة بلغت 313 ألفاً و835، حصل منها السيسي على 296 ألفاً و628 بنسبة 94.5 في المئة، في مقابل 17 ألفاً و207 أصوات بنسبة 5.4 في المئة لمنافسه حمدين صباحي. وكثف السيسي وصباحي نشاطهما قبل دخول مرحلة الصمت الانتخابي صباح السبت، فيما توعد وزير الدفاع ب «التصدي بكل قوة وحسم لأي محاولة للمساس أو التأثير على إرادة المواطنين خلال الاقتراع». وشدد خلال تفقده أنشطة تدريبية لقوات المظلات المشاركة في تأمين الرئاسيات على أن «الجيش لا ينحاز إلى أحد، ويعمل من أجل مصلحة الوطن، ونحن قادرون على حمايتها بأرواحنا». وأكد أن «رجال الجيش والشرطة لن يتهاونوا في حماية الشعب المصري وتوفير المناخ الآمن للمواطنين للإدلاء بأصواتهم، والتصدي بكل قوة وحسم لأي محاولة للمساس بإرادة المواطنين أو التأثير عليها والعبث بمقدرات الوطن». ووجه خطابه إلى أفراد الجيش قائلاً: «أنتم مسؤولون عن تأمين إرادة المصريين وحمايتهم، فلا تدخروا جهداً في أداء هذه المهمة الوطنية السامية... نحن جيش وطني يعمل من أجل مصر ولا ننحاز إلى أحد ونحن قادرون على حمايتها بأرواحنا، ودماؤنا فداء لمصر وشعبها العظيم، فكونوا على عهدي بكم دائماً مثالاً للوطنية والانضباط العالي وحسن الخلق في التعامل مع إخوانكم المصريين». وأفيد بأن لجنة الرئاسة برئاسة القاضي أنور العاصي انتهت من توزيع 15 ألف قاضٍ على أكثر من 14 ألف لجنة فرعية و352 لجنة عامة على مستوى الجمهورية، وفقاً لمحل إقامة القضاة، على أن يتسلم القضاة أوراق وبطاقات التصويت الأحد المقبل، كما تم توزيع اللجان الفرعية وتحديد مقار اللجان والانتهاء من توزيع الناخبين على اللجان. وبدأ أمس توافد أعضاء بعثات المنظمات الإقليمية والدولية لمتابعة الانتخابات الرئاسية. وأوضح الناطق باسم وزارة الخارجية بدر عبدالعاطي أن بعثة الاتحاد الأفريقي التي يترأسها رئيس وزراء موريتانيا السابق محمد الأمين ولد جويج «ستصل خلال ساعات». وأضاف أن البعثة «تتكون من 60 شخصاً بينهم 45 متابعاً من ممثلي الدول الأعضاء من حقوقيين وإعلاميين وعسكريين، إضافة إلى وفد من مؤسسات الاتحاد الأفريقي كمفوضية الاتحاد والبرلمان الأفريقي». وأضاف أن بعثة لمنظمة «كوميسا» ستصل بعضوية 6 من كبار المسؤولين في المنظمة برئاسة وزير التجارة الزامبي السابق عضو لجنة حكماء «كوميسا» فيلكس موتاتي. كما تصل مساء اليوم بعثة «تجمع الساحل والصحراء» بعضوية 14 من كبار السفراء والممثلين الدائمين للبعثات الأفريقية في مقر التجمع. ولفت إلى أن «وفد منظمة الفرانكفونية الدولية يصل إلى القاهرة خلال يومين ويضم 6 أفراد برئاسة وزير حقوق الإنسان السابق في المغرب محمد أوجار». وأشار إلى أن بعثة جامعة الدول العربية وبعثة البرلمان العربي استكملتا استعداداتهما، كما تستكمل بعثة الاتحاد الأوروبي استعداداتها بوصول باقي المتابعين الأوروبيين برئاسة نائب البرلمان الأوروبي ماريو دافيد خلال أيام، لتبدأ مهمتها في متابعة الانتخابات. ورأى أن «هذه المشاركة المهمة من جانب منظمات إقليمية ودولية تعكس حرص الحكومة المصرية على تنظيم انتخابات حرة ونزيهة وشفافة بمتابعة من مختلف المنظمات الحكومية وغير الحكومية الأجنبية، فضلاً عن دعم هذه المنظمات والدول الأعضاء فيها لخريطة الطريق ولهذا الاستحقاق الرئاسي المهم». وعلى صعيد استعدادات المرشحان للرئاسة، يخاطب السيسي عبر «فيديو كونفرانس» اليوم سكان محافظة الدقهلية في دلتا النيل ضمن مؤتمر انتخابي تنظمه حملته. ومن المتوقع أن يخرج السيسي في بيان إلى المصريين مساء الجمعة المقبل سيذاع على التلفزيون الرسمي يدعوهم فيه إلى المشاركة، وهي الخطوة نفسها التي ستتبع مع صباحي في الساعات الأخيرة قبل إغلاق باب الدعاية الانتخابية. وكان السيسي طرح «رؤية» للتعامل مع الأوضاع في مصر بعد جدل في شأن عدم طرحه برنامجاً، تصدرها القضاء على الفقر والأمراض المتوطنة والعشوائيات. حيث أوضح أن رؤيته «تقوم على ثلاثة أهداف محورية هي تحقيق حياة أفضل للمواطنين وتحقيق مستقبل واعد لمصر والأجيال المقبلة من خلال خريطة إدارية واستثمارية جديدة للبلاد والعودة بمصر إلى مكانتها الإقليمية والعالمية من خلال سياسة خارجية رشيدة ومتوازنة». وشدد على «ضرورة بناء نظام اقتصادي يحقق التنمية المستدامة والعدالة والاجتماعية معاً». وهاجم «السياسات الاقتصادية السابقة التي أدت إلى تصاعد الفقر وتراجع الخدمات للمواطنين... ومنحت امتيازات لأصحاب رؤوس الأموال من دون الأخذ في الحسبان أحوال المواطن العادي وحقوقه». وشدد على أهمية البدء الفوري في مشاريع تنمية كبيرة لتحقيق نتائج سريعة وجذب الاستثمارات لإنعاش الاقتصاد من خلال توفير «حوافز حقيقية وبيئة أعمال جاذبة». ووفقاً لرؤية السيسي، فإن «محددات التنمية الاقتصادية لتحقيق حياة أفضل للمصريين تشمل تنفيذ مشاريع لتحفيز الاقتصاد وزيادة معدلات النمو بكل المحافظات ومكافحة البطالة والفقر مع ضمان وصول الدعم إلى مستحقيه وتعظيم الاستفادة من أصول الدولة». ويستهدف السيسي «رفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى سبعة في المئة وخفض معدل البطالة إلى ثمانية في المئة بحلول 2017-2018». وتعهد «خفض نسبة الفقر» من دون تحديد مستويات أو أرقام، كما رأى «ضرورة التزام البنك المركزي باستهداف التضخم كهدف أول... واتباع سياسة سعر الصرف المرنة التي تعمل على احتواء الضغوط التضخمية وفي الوقت نفسه الحفاظ على تنافسية الصادرات المصرية». وقال إن «من الأهداف المرجو تحقيقها اتخاذ خطوات لتحسين بيئة الأعمال في مصر من خلال إجراءات تشمل إصدار القانون الموحد للاستثمار واستصدار قانون الأراضي الموحد وإعادة النظر في تقدير رسوم المرافق». وأوضح أن تنفيذ خططه «لا يقتصر على فترة رئاسية واحدة فقط». وقال في مقدمة الرؤية «كان بإمكاني أن أضع رؤية للسنوات الأربع المقبلة، لكن إدراكاً مني لحجم التحديات وعظم المسؤولية التي نتجت من انعدام التخطيط وترحيل التصدي للمشاكل والتحديات الواضحة... كل هذا فرض عليّ أن أضع رؤية تؤسس لمصر العصرية». وكان وزير الدفاع السابق شارك في مؤتمر عُقد في أحد فنادق القاهرة ونظمته لجنة الشباب في حملته الانتخابية، وتعهد خلاله «إشراك الشباب في التنمية باعتباره أمراً ضرورياً ولا يمكن تجاهله». كما اعتبر أن «مصارحة المسؤول للرأي العام بكل ما يدور في الدولة من تحديات ومشاكل أمر يسهم في شكل أساسي في خلق آليات التعامل مع تلك التحديات». وقال: «احتاج الشباب معي في مختلف المواقع المهمة بالدولة للاعتماد عليهم في شكل أساسي ليكونوا عماد التنمية وجزءاً رئيساً من الخطة الطموحة التي استهدفها لمصر، ولهم فرص حقيقية في تلك الخطة، واحتاج نماذج ناجحة جداً من الشباب في مختلف القطاعات». وشدد على أنه لا يستهدف سوى «العمل الجاد». وأضاف: «ليست لديّ حملة انتخابية بالمعنى المتعارف عليه، وأعتمد في شكل رئيس على الظهير الشعبي والمواطنين الذين طلبوا استدعائي لمهمة إنقاذ الوطن واستجبت إليهم من أجل مصر وخوفي من أن تنهار الدولة مع التجارب التي لا تقدر المسؤولية ولا تعرف حجم التحدي الهائل الذي يقف في طريق هذا البلد ويحول دون عبوره إلى المستقبل». ودافع عن جهاز الشرطة، معتبراً أنه «يبذل جهوداً غير مسبوقة في مواجهة العنف والجريمة ومكافحة الإرهاب، ويحتاج إمكانات مادية وفنية لرفع كفاءته حتى يتمكن من مجابهة حجم التحديات الملقاة على عاتقة». وأكد أن «غياب جهاز الأمن الوطني عن متابعة خريطة الإرهاب والتطرف في مصر خلال الفترة الماضية أحدث مشاكل كبيرة في منظومة الأمن تسببت في ما نراه اليوم من أحداث وأعمال عنف غير مسبوقة». ورأى أن «أحد أهم التحديات التي تواجه مصر أن كتلة كبيرة من الشباب لا تنظر إلى مشاكل مصر إلا في ما يتعلق بالديموقراطية والقضايا السياسية فقط من دون النظر إلى التحديات الأمنية أو تراجع الاقتصاد أو العمل الجاد المخلص وقيمة الوقت الذي نهدره دائماً». وأكد أنه سيعمل «في كل القضايا والمشاكل التي تجابه مصر في شكل متزامن ومتوازن، خصوصاً أن التحديات وصلت إلى مرحلة لا يمكن معها العمل على محور واحد من دون الاهتمام ببقية المحاور». ورأى أن «المواطن يجب أن يشعر بتحسن ملحوظ حتى يصبر ويتشجع لاستكمال طريق التنمية والبناء الذي يتم التخطيط له». في المقابل، يقيم صباحي مؤتمراً جماهيرياً ختامياً غداً الجمعة في حي عابدين في وسط القاهرة. وكان التقى أمس وفداً من جمعية شباب رجال الأعمال أكد خلاله أن «الإصلاح لا يمكن أن يتم في جهاز الحكومة إلا إذا وافق الذين سيطبق عليهم الإصلاح على أن يصبحوا شركاء فيه ويكونوا على وعي بأن هذا الإصلاح ضروري، وأن هناك أفكاراً من نوعية إعادة التأهيل والتدريب وتزويد الكفاءات بضخ دماء جديدة». وأشار إلى أن «الرأسمالية الوطنية جزء أساسي من بناء الوطن وبناء اقتصاده، وما يخدم الوطن هو محاربة الفساد وضمان عمل الاستثمار الخاص والقطاع التعاوني وكذلك القطاع العام من أجل تقدم هذا الوطن». وأكد أنه «من دون شراكة من المجتمع المدني والنقابات والهيئات البرلمانية المنتخبة فلن يكون هناك قرار صحيح تستطيع أي حكومة اتخاذه لتنمية الاقتصاد». على صعيد آخر، أعلنت لجنة تعديل قانون تنظيم الانتخابات التشريعية نسخة مقترحة لمشروع القانون طرحتها للحوار المجتمعى. ويتضمن مشروع القانون أن يكون عدد الأعضاء 630 عضواً، 480 ينتخبهم الشعب عن طريق نظام الانتخاب الفردي، و120 عن طريق القوائم، و30 يجوز لرئيس الجمهورية تعيينهم، ويحق للأحزاب منفردة أو مجتمعة والمستقلين الترشح على كل من المقاعد الفردية والقوائم من دون قيود. ويقضي مشروع القانون بتقسيم البلاد إلى 8 دوائر للقوائم المغلقة المطلقة، وأن تتضمن كل قائمة ما لا يقل عن 3 نساء و3 أقباط واثنين من العمال والفلاحين واثنين من الشباب وواحد من متحدي الإعاقة وأحد المصريين المقيمين في الخارج. وجاء في مشروع القانون أنه لا يجوز الترشح إلا في الموطن الانتخابي الأصلي للمرشح. ووضع مشروع القانون شروطاً في الأعضاء الثلاثين الذين يجوز لرئيس الجمهورية تعيينهم منها «ألا يعيّن عدداً من الأشخاص ذوي الانتماء الحزبي الواحد يؤدي إلى تغيير الأكثرية النيابية في المجلس».