يختتم مساء اليوم (الأحد) تصويت المصريين المغتربين في الانتخابات الرئاسية التي يتنافس فيها وزير الدفاع السابق عبدالفتاح السيسي ومؤسس التيار الشعبي حمدين صباحي، إذ تغلق لجان الاقتراع في التاسعة مساء قبل أن تبدأ عملية فرز الأوراق، وتعلن كل سفارة نتائجها. واستمر أمس توافد الآلاف من المغتربين للإدلاء بأصواتهم في السفارات والقنصليات، وتأكد أن نسب الإقبال تعدت تلك التي حققت في الاستفتاء على الدستور الذي جرى مطلع العام، لكن المؤشرات تشير إلى أنها لن تصل إلى الأعداد التي اقترعت في الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية عام 2012، ويأتي ذلك في وقت استنفرت السلطات المصرية لإنهاء ترتيبات الاقتراع في الداخل الذي يجري منتصف الأسبوع المقبل، وبدأ توافد المراقبين الدوليين المصرح لهم متابعة الانتخابات، كما كثّف السيسي وصباحي من تحركاتهما أملاً بحشد الكتل التصويتية. وكان المصريون المغتربون واصلوا أمس التوافد بكثافة على مقرات السفارات والبعثات الديبلوماسية، وأفيد أن نحو 200 ألف مغترب صوتوا في الاستحقاق قبل يوم واحد من غلق باب الاقتراع، وتتعدى هذه النسبة تلك التي تم تحقيقها في الاستفتاء على الدستور الذي جرى في كانون الثاني (يناير) الماضي، والتي وصلت إلى نحو 100 ألف مقترع في الخارج، ما يرجع إلى إتاحة التصويت هذه المرة من دون تسجيل مسبق، لكنها لم تصل إلى نفس النسبة التي حُققت في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في العام 2012 والتي بلغت نحو 300 ألف مقترع والتي كان يُسمح فيها بالتصويت البريدي والذي تم إلغاؤه في الاستحقاقات الأخيرة لتلافي «التصويت الجماعي». وأكد الناطق باسم الخارجية المصرية السفير بدر عبدالعاطي أن الاقتراع شهد لليوم الثالث على التوالي «كثافة في الحضور حيث شهدت سفارات في الخليج - الإماراتوالكويت والسعودية - طوابير امتدت إلى أمتار خارجها، وتم تدعيم السفارة المصرية في الكويت بموظفين للتغلب على كثافة الحضور»، متوقعاً أيضاً «حضوراً كبيراً للمصريين في أوروبا وأميركا السبت والأحد (العطلات الأسبوعية هناك)». وأكد عبدالعاطي أن الانتخابات تسير في «أجواء هادئة ولا يوجد أي مشاكل في الاقتراع»، وأوضح ل «الحياة» أن السفارات والقنصليات ستغلق الباب أمام الاقتراع مساء اليوم الأحد قبل أن يتم إعلان المؤشرات الأولية للنتائج وتسليمها إلى مندوبي المرشحين، على أن يتم إرسال نتائج اللجان إلى القاهرة لتعلنها لجنة الرئاسيات ضمن النتيجة النهائية للاستحقاق. فيما أكد عضو لجنة الانتخابات الرئاسية المستشار طارق شبل أن إشراف سفراء مصر في الخارج على العملية الانتخابية دون القضاة «لا يبطل عملية الاقتراع لأنه يتماشى مع الدستور»، موضحاً أن «الدستور لم يلزم اللجنة في هذا الشأن بضرورة وجود قضاة للإشراف على انتخابات الخارج على عكس انتخابات الداخل التي لا بد وأن يتواجد قاض في كل لجنة». وقال إن هناك ضمانات لنزاهة الاقتراع وهي وجود مندوبي المرشحين في السفارات والمتابعين أيضاً. وفي موازاة ذلك، استنفرت السلطات المصرية لإنهاء ترتيبات الاقتراع في الداخل الذي يجرى يومي 26 و27 الشهر الجاري، وأكد وزير الداخلية محمد إبراهيم أن رجال الشرطة قادرون على تأمين الاقتراع، وشدد على ضرورة «حشد الطاقات لمواجهة تحديات المرحلة المقبلة وما يتخللها من استحقاقات دستورية تستوجب استنفار الجهود كافة، مع الالتزام التام بالحيادية وعدم التدخل في مجريات العملية الانتخابية». وأوضح خلال حضوره تدريبات لقوات الأمن المركزي أن دور الشرطة هو تأمين المقار الانتخابية ومحيطها من الخارج والطرق المؤدية إليها، وتوفير المناخ الآمن حتى يتمكن المواطنون من الإدلاء بأصواتهم بكل حرية، مشدداً على أنه «ستتم مواجهة أي من صور الخروج على القانون أو أي عمل من شأنه إفساد العملية الانتخابية بكل حسم وحزم»، فيما تعهد قائد القوات الخاصة في الشرطة اللواء مدحت المنشاوي «مواجهة أي محاولة لتعطيل سير الانتخابات الرئاسية أو تعكير صفوها، بكل حسم وقوة، وأي خطة إخوانية لإفساد الانتخابات لن تحدث إلا على جثثنا»، موضحاً أن قوات الجيش والشرطة ستنتشر في كل أنحاء البلاد، لتأمين جميع اللجان والمقار الانتخابية والطرق والمحاور المؤدية إليها، مطالباً المواطنين بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية بكثافة، ومشدداً على أن قواته لن تسمح ل «عناصر تنظيم الإخوان بإعادة البلاد خطوة واحدة للوراء». وأشار إلى إن مهمة قوات العمليات الخاصة خلال الانتخابات تشمل تأمين المنشآت والمؤسسات الحيوية والمهمة، ومواجهة الإرهاب والتصدي للعمليات الإجرامية التي تستهدف تعطيل الانتخابات أو تكدير السلم العام، بالتنسيق مع الجيش. وستبدأ قوات الجيش انتشاراً في المحافظات المصرية مساء الجمعة المقبل، وفقاً لمصدر عسكري مسؤول تحدث إلى «الحياة» موضحاً أن أولى مراحل الانتشار بدأت بالفعل من محافظة الفيوم (جنوبالقاهرة)، مشيراً إلى أن المؤسسة العسكرية أنهت التنسيق مع مسؤولي وزارة الداخلية في شأن تنفيذ خطة التأمين، وتم الانتهاء تماماً من جميع الاستعدادات الأمنية والتأمينية. وقال: «الخطة ترتكز على تأمين المقار الانتخابية ومحيطها من الخارج والطرق المؤدية إليها وتوفير المناخ الآمن حتى يتمكن المواطنون من الإدلاء بأصواتهم بكل حرية»، مشدداً على أنه «سيتم مواجهة أي من صور الخروج على القانون أو أي عمل من شأنه إفساد العملية الانتخابية بكل حسم وحزم»، في تكرار لموقف وزير الداخلية. وأشار المصدر إلى أن الخطة تتضمن مع بدء انتشار القوات «اتخاذ إجراءات تأمينية وتمشيط للقوات في نطاق تواجدها خاصة المناطق والبؤر المشتبه وجود عناصر إجرامية فيها». وعلى الصعيد نفسه وصل إلى القاهرة وفد من الاتحاد الأوروبي برئاسة ماريو ديفيد عضو البرلمان الأوروبي للمشاركة في مراقبة الاقتراع في الداخل. وأفيد أن الوفد الأوروبي سيلتقي خلال زيارته عدداً من كبار المسؤولين في وزارة الخارجية المصرية، إضافة إلى لقاء مسؤولي اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية لتنظيم عمل الوفد الذي يضم نحو 80 مراقباً أوروبياً سيتم استكمال وصولهم في الأيام المقبلة. كما وصل أربعة أعضاء من بعثة الاتحاد الأفريقي لمراقبة الرئاسيات، حيث تضم بعثة الاتحاد الأفريقي أكثر من 50 مراقباً من البرلمانيين والصحافيين وممثلي منظمات المجتمع المدني من مختلف دول الاتحاد لمتابعة الانتخابات في المحافظات المصرية. ومن المقرر أن يصل بقية أعضاء البعثة ضمن مجموعات خلال الأيام المقبلة. السيسي وصباحي في غضون ذلك، كثّف المرشحان على المقعد الرئاسي السيسي وصباحي من تحركاتهما قبل غلق باب الدعاية الانتخابية الجمعة المقبلة تمهيداً لانطلاق الاقتراع. ويجري وزير الدفاع السابق عبدالفتاح السيسي مقابلة تلفزيونية على جزأين تذاع مساء اليوم وغداً يتطرق فيها إلى برنامجه الرئاسي، فيما تعهد مؤسس التيار الشعبي حمدين صباحي «استعادة أهداف الثورة المصرية»، وراهن على من وصفهم ب «حزب الكنبة» للمشاركة في الانتخابات الرئاسية والتصويت لمصلحته. وقال صباحي، في كلمة ألقاها مساء أول من أمس خلال مؤتمر جماهيري في مدينة الإسكندرية الساحلية، إن «الإسكندرية مدينة شهداء الثورة بدءاً من خالد سعيد مروراً بالموجات الثورية المختلفة». وتابع: «كانت الإسكندرية المحافظة التي نلت فيها الأكثرية التصويتية خلال الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الماضية 2012». كما جدد صباحي تعهده تعديل قانون التظاهر الذي هاجمه نشطاء وسياسيون، في حال توليه رئاسة مصر بعد فوزه في الانتخابات، وفي حال خسارته قال إنه سيسعى إلى ممارسة دوره ك «معارض وطني محترم» لتحقيق نفس أهداف برنامجه الانتخابي. من جانبه، دافع نائب رئيس «الدعوة السلفية» الدكتور ياسر برهامي عن دعم الهيئة وحزبها «النور» للمرشح السيسي، عازياً ذلك إلى «الحفاظ على الدولة المصرية، ولأنه الأقدر على إدارة المرحلة»، منبّهاً خلال اجتماع مع أعضاء الحزب في محافظة أسيوط (جنوبالقاهرة) إلى «المخططات التي تتربص بالدولة المصرية لإسقاطها من خلال نشر الفوضى الخلاقة»، لافتاً إلى أنه تم تقسيم عدد من الدول العربية أو هي على أعتاب التقسيم الفعلي مثل السودان وسورية وليبيا والعراق، وقال: «إن المتربصين يحاولون الآن إسقاط مصر». وأضاف برهامي: «مصر هي قلب العالم الإسلامي والعالم العربي، والجيش المصري كان ولا يزال أقوى الجيوش العربية، والآن هو الجيش العربي الوحيد الباقي، فلذلك لا بد من الحفاظ عليه، لأنه إذا وقع ستقع مصر وكل من حولها في أسرع وقت ممكن». واعترض برهامي على خيار المقاطعة، مشدداً على أنها تهدف إلى إظهار أن النظام الحالي نظام غير شرعي، وهذا يؤدي إلى استمرار محاولة انهيار الدولة، وأنه «لا يتصور أحد أن تستمر الدولة هكذا بغير قيادة». وقال: «المحافظة على كيان الدولة قوي وألا يتم محاربة العمل الإسلامي هما خيارنا، ما كان يفعله الإخوان من محاولات لإفشال الدولة ومؤسساتها والقضاء على الدولة، ويزعمون أن هذا هو انتصار للإسلام، هو كذب محض». من جانبه أعرب «مركز كارتر الدولي» عن قلقه من السياق السياسي والقانوني المقيّد الذي يحيط بالعملية الانتخابية في مصر، لافتاً إلى عدم وجود بيئة حقيقية للتنافس، وأن الاستقطاب السياسي الحاد يهدد المرحلة الانتقالية. وقال الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر في بيان أصدره المركز: «أشعر بقلق بالغ من أن يكون الانتقال الديموقراطي في مصر قد تعثر»، ودعا كارتر رئيس مصر القادم إلى أن يتخذ خطوات فورية لتعزيز الحوار والتسوية السياسية لضمان إمكانية مشاركة كل ألوان الطيف السياسي بفاعلية في الحياة السياسية. كما طالب ب «الإلغاء الفوري لقانون التظاهر الذي يقيّد بشدة التجمعات العامة والمسيرات بما في ذلك الحملات الانتخابية، وإطلاق سراح السجناء المحبوسين بمقتضى هذا القانون، وضمان الحقوق الأساسية والانتخابية للمتهمين بما في ذلك الحق في محاكمة عادلة». وشدد المركز على أهمية أن يكون قانون الانتخابات البرلمانية المقبلة معبّراً عن عملية إدراج سياسي واسعة، وأن يحمي الحقوق السياسية الأساسية المنصوص عليها في الدستور، ويشجع على تقوية الأحزاب ووجود سلطة تشريعية نابضة بالحياة.