تنتظر من بعض المسؤولين الجدد التحمس للتغيير، وإعادة ترتيب الأوراق، وتأمل المكان برؤية، وعدم الاستعجال في إصدار القرارات، والتجنب المبدئي لمعضلة الاستمتاع بالتوقيع على التعاميم، والتقارير والخطابات بسرعة لافتة، وأركز على «متعة الإمضاء» كواحدة من أكثر الأشياء التي يمارسها المسؤولون من دون مرور جيد على ما يكتب بالأعلى والاعتماد الكلي على تأشيرة المسؤول الأدنى. يقال في الخبر الغريب إن رئيس هيئة مكةالمكرمة الجديد قام في أول يوم من تولي منصبه بإحالة نجل رئيس الهيئة السابق إلى التحقيق بدعوى تكرار استئذانه وتغيبه عن العمل، مع تعجبي لمفردة تكرار، ويبدو أن الابن أو أباه مسببان سابقان لصداع شديد لم يمكن العلاج من أسبابه إلا بمجرد إقالة الأب وخلو الجو إلا من الابن في ظل قدوم رئيس يبدو أنه يوقع سريعاً. أقسم لكم أني لا أعرف لا الجديد المتحمس ولا القديم المغادر، لكن علامات استغراب تضرب في رأسي بقوة: هل توقفت مشكلات الهيئة وخريطة عملها المقبلة، وانحصر تفكير رئيسها الغاضب في الإطاحة برأس ابن سَلَفِه، والذهاب به إلى طاولات التحقيق وساعات المكاشفة كأول القرارات؟ هل يحسب ذلك نجاحاً من نجاحاته لكونه يرضي الذين وضعوا على طاولته في أول يوم مباشرة بيانات الحضور والانصراف وشكاوى التذمر التي لم يتمكن الجبناء من إعلانها ساعة كان الأب على طاولة الرئيس لكي يستمر مشروع النفاق وتتواصل علاقات الكذب والخداع؟ هل يذهب المسؤول إلى كرسيه وهو غاضب ومشحون ومتوتر وبمعية حالات احتقان وإرضاء لفئة على حساب فئة، أو فرداً للعضلات لحظة جلوسه على الكرسي وشعوره أن العضلات جاء وقت وساعة فردها؟ هل تبنى رئيس الهيئة «شعار» دقت ساعة الحساب... حان وقت العمل على فرد بعينه؟ أم أن هناك من المحيطين بالرئيس من تبنى هذا الشعار بشكل عاجل، ليحاول تصفية الحسابات على الطريقة التي يراها وبالكيفية التي خطط لها بمجرد ذهاب الرئيس الذي كان محط خلاف واختلاف مع الكثيرين من أفراد مجتمعنا الحبيب الذين يحب ألا يختلف معهم أحد وبالأصح «وارحمتاه على من يختلف معهم». إن كان الرئيس قام بالإمضاء على قرار الإحالة للتحقيق وهو مقتنع بالمحتوى فقد استعجل ووضع نفسه في دائرة الاتهام بأنه حاقد وناقم ومعبأ بطريقة غريبة على سَلَفِه المُقَال، وإن لم يعلم بالمحتوى ومضى نزولاً عند رغبة الأجساد القريبة منه - طالما كان رئيساً - فقد أخطأ في التوقيت لا في التصرف وفقد شيئاً من حضوره الشخصي وتوازنه في معالجة الخلافات والأخطاء، وإن كان قَدِمَ للمكان واضعاً نصب عينيه وفي حقيبة نشاطاته إقصاء الابن المهمل لعلاج خلافات فكرية مع الأب فذلك محزن ومقلق، وإن سُئلت ماذا يفعل لقلت: «ليجعل أول أيامه تعزيزاً للأمر بالمعروف ومن ثم نهياً عن المنكر لا العكس، وِيؤجل شيئاً من حماسته إلى وقت تكون فيه المساحة غير قابلة لأن تدخلها الشكوك والتأويلات، وليحاول أن يبادر إلى قرارات فعالة وعلاجات ناجحة ويضع العقاب خطوة متأخرة استناداً على مسمى كرسيه الفاخر». [email protected]