طغت الهموم الأمنية في لبنان والقلق على أوضاع اللبنانيين في ساحل العاج على همّ التأخر في تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة أمس، واحتل تجدد تمرد السجناء في السجن المركزي في بلدة رومية القريبة من العاصمة بيروت صدارة الاهتمام، خصوصاً انه شمل قيام أهالي السجناء بتحركات ميدانية سواء قرب مبنى السجن أم في مناطق أخرى تضامناً مع السجناء الذين طرحوا مطالب تتعلق بتحسين أوضاعهم، أو بإصدار قانون عفو عنهم، أو محاكمة الموقوفين منهم منذ زمن طويل... وصولاً الى عدم منعهم من حيازة هواتف نقالة يزوّدهم بها أقارب لهم. وفيما كان رئيس الجمهورية ميشال سليمان يرأس بعيد ظهر امس اجتماعاً لمجلس الدفاع الأعلى في حضور رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري والوزراء المختصين، من اجل البحث في خطة لإجلاء الرعايا اللبنانيين من ساحل العاج، كان شغب سجناء في رومية يتصاعد، إذ تمكنوا من تحطيم أبواب عدد من الزنزانات وخرج بعضهم الى الباحتين الداخليتين للمبنيين اللذين شهدا انطلاق التمرد وأحرقوا فيهما فرشاً وأمتعة وطاولت النيران مستودعاً للمازوت يُستخدم في مشغل السجن، واضطرت القوى الأمنية الى استقدام مروحية مخصصة لإطفاء الحرائق حلّقت مرتين فوق السجن لإهماد الحرائق. وكان بعض أهالي السجناء وأقاربهم الذين قدموا الى مدخل السجن ومنعوا من دخوله في إطار الزيارة الروتينية للسجناء، قد اصطدموا مرات عدة مع القوى الأمنية المولجة الحراسة، فحصلت عمليات كر وفر بينهم وبين قوة مكافحة الشغب، بعد ان رشقوها بالحجارة وقطعوا الطريق العام قرب السجن، بعدما حاولت إبعادهم عن مداخله وفتح الطريق. وشهد سجن جب جنين في البقاع الغربي اعتصاماً للسجناء تضامناً مع زملائهم في السجن المركزي. وعقد وزير الداخلية زياد بارود مؤتمراً صحافياً بعد ترؤسه اجتماعاً لمجلس الأمن المركزي من اجل معالجة تجدد التمرد في سجن رومية أول من أمس، إثر هدوء السجناء بعد تمردهم يومَي السبت والأحد الماضيين، وأعلن تضامنه مع بعض مطالبهم، شارحاً الخطوات المتخذة في هذا الشأن، لكنه قال: «أرفض استعمال السجناء كوقود في أي رسالة سياسية»، في إشارة منه الى استغلال أطراف سياسيين أوضاع السجون لتشجيع التمرد وانتقاد الوزارة. وأوضح بارود ان سجن رومية يتسع لحوالى 1500 سجين فيما هو يضم الآن زهاء 3700 سجين، وأن بينهم 721 محكوماً فقط. وأشارت المعلومات الى ان بين المحكومين بضع مئات ممن عليهم أحكام مالية وغرامات لا يملكون قيمتها... وإذ أبدى بارود استعداده لتحمّل المسؤولية، دعا الى الكف عن المزايدات على الداخلية. وبينما سعت القيادات الأمنية الى وقف التمرد عبر التفاوض مع السجناء طوال النهار من دون نتيجة، نفَّذت فرقة الفهود في قوى الأمن ومغاوير الجيش اقتحاماً للأقسام التي تمرّد فيها السجناء من اجل إعادة الهدوء الى السجن. وذكرت معلومات ليلاً ان بعض الجرحى سقط اثناء العملية، وشوهدت سيارات إسعاف تغادر السجن ناقلة إياهم للمعالجة. على الصعيد السياسي راوحت اتصالات الرئيس المكلف تأليف الحكومة نجيب ميقاتي لإزالة عقد الأسماء والحقائب، مكانَها، واجتمع ميقاتي صباح أمس مع الرئيس سليمان بعيداً من الأضواء. وقالت مصادر مواكبة لجهود التأليف، إن «حزب الله» يبذل جهوده مع رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون لتليين موقفه من بعض المطالب، لافتة الى ان من نتائجها عدم تطرق عون الى الموضوع الحكومي في تصريحه أمس بعد ان غمز من قناة ميقاتي السبت الماضي. وفيما رأت أوساط مراقبة ان حملة الانتقادات ضد ميقاتي من بعض أطراف الأكثرية الجديدة هي للضغط عليه ليحقق مطالبها التوزيرية، أو لتغطية توجهات سورية بعدم استعجال تأليف الحكومة بسبب الأوضاع الإقليمية، فإن مصادر قوى حليفة لدمشق أكدت في المقابل أنها متأكدة من رغبة دمشق في تسريع تأليف الحكومة، وأن جهود «حزب الله» يفترض ان تثمر قريباً.