واصلت موجة الغبار والأتربة، فرض سيطرتها على أجواء محافظة حفر الباطن، لليوم الثاني على التوالي، متسببةً في وقوع خمس حوادث، أسفر عنها وفاة شخص واحد، وإصابة أربعة آخرين بإصابات «خفيفة». فيما عرقلت وصول مئات الموظفين إلى مقار أعمالهم، وبخاصة أنها بدأت في الخامسة صباحاً.وكان وقع العاصفة أكثر وطأة على طلاب المدارس، فعلى رغم خطوة وزارة التربية والتعليم، بإسناد مسؤولية تعطيل الدراسة في حال سوء الأحوال وتردي الطقس، إلى مديري المدارس، إلا ان بعضهم تردد في استخدام هذه الصلاحية في اليومين الماضيين. واكتفى آخرون بتعليق الدراسة «جزئياً»، بإلزام المعلمين بالحضور، وصرف الطلاب. فيما أصر بعض المدارس على بقاء الطلاب، على رغم ظروف الطقس «السيئة». والمجازفة بتعريض حياتهم للخطر. وعاش الطلاب أوضاعاً «سيئة»، ما حدا بأولياء أمورهم، إلى المطالبة بأن «يضطلع مدير التربية والتعليم، باتخاذ قرار تعليق الدراسة، خصوصاً أن بعض المديرين والمديرات يفتقدون إلى الجرأة في اتخاذ مثل هذا القرار، ويكون أولادنا هم الضحايا لهذا التردد». وقالت مريم عبدالله، وهي أم لطالبات يدرسن في المرحلتين الابتدائية والثانوية: «ذهبت لإيصال بناتي إلى المدرسة، فأخبرنا حارس المدرسة الثانوية أن المديرة علقت الدراسة، وأمرت بصرف الطالبات. فيما مديرة المدرسة الابتدائية، التي يلاصق مبناها مبنى الثانوية، رفضت بشكل قاطع أن تعلق الدراسة، أو أن تسمح للطالبات بالعودة، مصرةً على أن تتواصل الحصص. وبررت قرارها بعدم تلقيها تعميماً من مكتب الإشراف التربوي، بصرف الطالبات، وأن خروجهن سيكون على مسؤوليتها، وهي لن تتحمل ذلك». ودفع تباين مواقف مديري ومديرات المدارس، إلى قيام مدير التربية والتعليم عبد العزيز النصار، بإصدار تعميم، طالب فيه بتفعيل الصلاحيات الممنوحة لهم من وزير التربية والتعليم، في «تعليق الدراسة، وفق ضوابط وشروط محددة، حفاظاً على المصلحة التعليمية والتربوية، والحرص على صحة الطلاب والطالبات وسلامتهم». وقال النصار، في تصريح ل «الحياة»: «تلقينا استفسارات عدة، حول تعليق الدراسة في هذه الأجواء، وبخاصة أن محافظة حفر الباطن متباعدة المراكز، إذ تمتد على مسافة تصل إلى 350 كيلومتراً. وتتعرض إلى أحول جوية غير مستقرة، من غبار وعواصف رملية. ولا يمكننا تعليق الدراسة في كل الأحوال الجوية»، داعياً إلى أن «يلقى الموضوع اهتمام وعناية مديري ومديرات المدارس، في التعامل مع سوء الأحوال الجوية». وتتعرض حفر الباطن لموجة «شديدة» من الغبار والأتربة منذ مطلع الأسبوع الجاري، وعلى مدار اليوم، مخلفة وراءها عدداً من الحوادث وشللاً في حركة السير، وانعداماً للرؤية، فأضحى منظر السيارات المكسوة بالأتربة جراء الغبار، منظراً مألوفاً، فضلاً عن الضغط الذي تخلفه على المستشفيات والمراكز الصحية، بسبب زيادة عدد المصابين بالأمراض التنفسية، إذ اكتظت بالمراجعين والمرضى. واستقبلت المراكز الصحية والمستشفيات في حفر الباطن والمراكز والقرى التابعة لها، مئات المرضى، قُدمت لهم الإسعافات اللازمة. بدوره، حذر مدير مرور حفر الباطن المقدم ضيف الله الجبلي، قائدي المركبات، من مخاطر عدم الالتزام في أنظمة السير، أثناء تقلبات الطقس، مطالباً بأخذ «الحذر والحيطة»، مضيفاً أن «العاصفة أسفرت عن خمس حوادث، نتج عنها وفاة شخص واحد، وأربع إصابات خفيفة». وتدفع حفر الباطن «ضريبة باهظة» لموقعها الجغرافي بين صحراء الدهناء والصمان، وما تجرفه الرياح الجنوبية الآتية من العراق. إذ لا يكاد يمر يومان من دون أن يشن الغبار غارة على المدينة. ولا يخلو منزل من مصاب بأحد أمراض الجهاز التنفسي. ما دفع الأهالي إلى المطالبة بإيجاد حلول، لعل أبرزها تكثيف التشجير حول النطاق العمراني للمدينة، بحيث تُشكل أطواق من الأشجار حولها.