في ظروف ووقائع سياسية واقتصادية مختلفة عن التي واكبت حملته الأولى العام 2007، دشّن الرئيس الأميركي باراك أوباما حملته لولاية ثانية العام 2012، ليكون أول المرشحين فيها، ولأسباب تتعلّق بالتواصل وجمع التبرعات ولاستكمال شعار «التغيير» الذي أوصله الى البيت الأبيض في 2008. وفي مشهد يتناقض مع صورة أوباما من مدينة سبرينغ فيلد (ولاية ايلينوي) العام 2007، حيث كان دخوله متواضعاً الى السباق الرئاسي للديموقراطيين، يعود أوباما الآن، ولكن من الباب العريض الى الحملة الرئاسية الثانية والأخيرة، له في مناخ سياسي متبدّل وتحديات جعلت الشعار الجديد للحملة «صون التقدم الذي أُحرِز» بدل «تغيير يمكن أن نؤمن به». وقال أوباما في بيان: «اليوم قدمنا الوثائق لإطلاق حملتنا للعام 2012، ومن اجل صون التقدم الذي أُحرِز وتحقيق مزيد، علينا أيضاً ان نبدأ بتحضير أنفسنا للعام 2012، حتى قبل أن يأتي الوقت الذي سأنخرط فيه فعلياً في الحملة». وأضاف: «سأحتاج إليكم لوضع خطتنا وإجراء حملة أشمل، أي أن تكون أكثر تركيزاً وأكثر إبداعاً من كل ما بنيناه». ويستهدف الإعلان المبكّر، قبل 20 شهراً من الانتخابات، إتاحة جمع التبرعات وبدء الجهود التنظيمية للحملة، وسط تحديات ضخمة أبرزها أرقام البطالة (8.8 في المئة) وحربا العراق وأفغانستان والتدخل العسكري في ليبيا، وصراع مع الكونغرس في شأن الموازنة وتعافٍ بطيء للاقتصاد. وفي رسالة الكترونية الى اكثر من 13 مليون مناصر للديموقراطيين، قال أوباما: «أدركنا دوماً أن تحقيق تغيير دائم لن يأتي سريعاً ولا سهلاً، لكن هدف ترك علامة فارقة دائمة في بلادنا لم يتعلّق أبداً بشخص واحد، وهذا لن ينجح إلا إذا عملنا معاً». وأضاف: «لذلك، على رغم أنني أركّز على العمل الذي انتخبتموني للقيام به، وأن السباق قد لا يبلغ سرعته القصوى قبل سنة أو أكثر، يجب أن نبدأ اليوم بوضع أسس حملتنا». وعلى غرار حملته الأولى، اختار أوباما معقله السياسي شيكاغو مقراً لحملته الجديدة التي ستضمّ شخصيات عملت معه قبل وصوله الى البيت البيض، وبينها المدير السابق لحملته ديفيد بلوف والمخطط السياسي الاستراتيجي ديفيد أكسلرود. ويقود الحملة جيم ميسينا الذي أدى دوراً بارزاً في وصول أوباما الى الرئاسة، وبدأ قبل شهور حشد المتبرعين، وسط تكهنات بجمع نحو بليون دولار، بعدما جمعت حملة أوباما في انتخابات 2008 تبرعات قياسية بلغت 750 مليون دولار. وفيما يُستبعد أن يواجه أوباما أي منافسة في الحزب الديموقراطي، يُتوقع بحلول حزيران (يونيو) المقبل، اتضاح صورة الانتخابات التمهيدية لدى الجمهوريين والأسماء المرجحة لمنافسة الرئيس الأميركي. ويتصدر هذه المجموعة الآن الحاكم السابق لولاية ماساتشوستس ميت رومني، والمرشحة السابقة لمنصب نائب الرئيس سارة بايلن، ووجوه أخرى بينها مايك هاكابي ونيوت غينغريتش والحاكم السابق لولاية مينيسوتا، تيم بولنتي. كما أعلن رجل الأعمال المعروف دونالد ترامب احتمال ترشحه. وبخلاف العام 2008، حين ساعدت أخطاء الرئيس السابق جورج بوش الديموقراطيين، تسير هذه الحملة على إيقاع مختلف ويتحكم بها رصيد أوباما. وعكس استطلاع أجرته صحيفة «واشنطن بوست» وشبكة «أي بي سي» أمس، تأييد 51 في المئة لأوباما ومعارضة 45 في المئة لأدائه. وستفرض التطورات الداخلية، وأبرزها الموازنة السنوية والوضع الاقتصادي، نفسها بقوة على الحملة، فيما يُتوقع أن تكون للقضايا الخارجية حصة أقل في تحديد هوية الفائز بالرئاسة عام 2012.