خمسة أعوام قضاها الشاب السعودي محمد فهد يعمل في إحدى الإدارات الحكومية قبل أن يقرر السفر إلى كندا لإكمال دراسته الجامعية، بعدما تم قبوله في برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي. محمد فهد (28 سنةً) عمل في وظيفة حكومية بعد انتهائه من الدراسة الثانوية، واستمر فيها خمسة أعوام، لم يدر في باله يوماً إكمال مسيرته التعليمية، إلى أن شاهد زملاءه يتوافدون على مبنى وزارة التعليم العالي للالتحاق ببرنامج الابتعاث الخارجي الذي أعلن عنه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز قبل ستة أعوام. يقول محمد: «تخرجت في الثانوية العامة قبل تسعة أعوام، والتحقت بوظيفة حكومية، ولم يكن من أولوياتي الحصول على شهادة بكالوريوس. لكن مع مرور الوقت، وعندما أعلن عن برنامج الابتعاث الخارجي، أصبحت أفكر ليل نهار في إكمال الدراسة الجامعية في الخارج، وبالفعل تقدمت إلى وزارة التعليم العالي، وقبلت في البرنامج، ما دفعني إلى تقديم استقالتي من الوظيفة». ويضيف: «توجهت إلى كندا، وعندما وصلت هناك وجدت عدداً من زملائي في المرحلة الثانوية والمتوسطة ملتحقين بجامعات كندية للحصول على شهادة البكالوريوس». ويشير محمد إلى أن برنامج الابتعاث «شجع سعوديين منقطعين عن الدراسة الجامعية على العودة مرة أخرى الى مقاعد الجامعات وهي ثقافة بدأت تنتشر في شكل كبير بين الموظفين السعوديين، وكثيرون منهم تخلوا عن وظائفهم بهدف مواصلة التعليم، والحصول على شهادات عليا». واللافت أن الملتحقين بالبعثات ليسوا من فئة عمرية معينة، كما أن برنامج الابتعاث لا يشترط عمراً محدداً لقبول الراغبين بالانتساب اليه، إذ تكفي الرغبة في مواصلة التعليم ليحق لأي مواطن التقديم للالتحاق ببرنامج الابتعاث. ويؤكد محمد أنه التقى سعوديين تجاوزت أعمارهم 40 سنةً يدرسون في كندا بعدما توقفوا عن الدراسة أعواماً طويلة. ولا يختلف حال محمد عن سلطان الذي طارد أقسام القبول في جهات حكومية عدة، من أجل الحصول على وظيفة، لكنه بقي عاطلاً من العمل سبع سنوات بعد تخرجه في الثانوية، واليوم التحق بالابتعاث بعدما وجد الفرصة متاحة له. ويرى سلطان أن التفكير في التعلم طموح مشروع لكل شخص، «لكن عدداً من الأشخاص قد تعيقه الظروف عن مواصلة دراسته، وبعد أن يتحسن وضعه المعيشي يبدأ بالتفكير في الحصول على الشهادة». ويؤكد أنه قرر التقدم إلى برنامج الابتعاث، بعد تعثر فرصة حصوله على وظيفة حكومية، وفرصة القبول في الجامعات السعودية أسوةً بغيره، لافتاً إلى أن عدداً كبير من المواطنين، خصوصاً الذين تقل أعمارهم عن 35 سنةً، رجع إلى الدراسة مجدداً. اتجاه السعوديين في وقت متأخر للدراسة انتشر في الأعوام الأخيرة، إذ كان عدد كبير منهم يترك مقاعد الدراسة بحثاً عن الوظيفة، بغية مساعدة ذويه. لكن سرعان ما تبدل الوضع، بترك العمل لمواصلة التعليم حتى لو كان في دول بعيدة. وكانت وزارة التعليم العالي اشترطت على المتقدمين للابتعاث أن يكون المتقدم سعودي الجنسية، ولا يشغل وظيفة حكومية، وهذا ما أجبر مواطنين على تقديم استقالاتهم، وتتم الدراسة بالانتظام، والتفرغ والإقامة في بلد الدراسة. ومنح برنامج خادم الحرمين الشريفين الفرصة لعشرات الآلاف من المواطنين لإكمال دراستهم في أي من الدرجات العلمية في دول غربية وشرقية متقدمة، إذ يتجاوز عدد المبتعثين وفق آخر إحصاء 106 آلاف مبتعث، ينتشر معظمهم في الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة واستراليا وفرنسا وكندا ونيوزيلندا واليابان وبعض الدول العربية.