دعا وكيل وزارة الثقافة والإعلام السابق أستاذ الأنثروبولوجيا في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور أبوبكر باقادر إلى استثمار كتب التراجم وقواميس السير الذاتية، واصفاً إياها بالمنجم المعرفي الغنيّ للتعريف بالشخصيات والمدن، ومصدراً للدراسات الاجتماعية والتاريخية، وقال: «إن الحضارة العربية والإسلامية زاخرة بالتراجم بأنواعها المختلفة» وإنها باعتبارها مناجم بيانات تعدّ «إرثاً استمر إلى القرن العشرين، وتوسّع» حتى أصبح ينظر إليها في العصر الحديث على أنها «استمارات مبوبة»، يُسمّيها الغربيون بقواميس التراجم. جاء ذلك في محاضرة ألقاها في خميسية حمد الجاسر صباح الخميس الماضي بعنوان: «دراسة كتب التراجم»، أدارها رئيس قسم اللغة العربية بجامعة الملك سعود الدكتور صالح الغامدي، وبدأها باقادر بتعريف التراجم، معدداً ركائزها من سير وتراجم، وعلوم أنساق ومعارف ومفاهيم تقدمها التراجم للعلوم، يمكن دراسة التشكّلات الاجتماعية من خلالها، والإفادة منها في سياقها الاجتماعي والتاريخي. وأشار إلى أن قراءة الاسم بوصفه مادة للبحث والتقصي، تحمل دلالاتها الخاصة سواء لمهنة أو لمكانة أو غير ذلك. وأوضح أن الكتابة التاريخية وكتابة السير تعكس الواقع بشكل كبير لكاتب التراجم، كما أن الصورة تختلف عند النظر إلى هذه التراجم باعتبارها مصدر بيانات، مُشدّداً على أهمية شموليَّة حياة الناس في دراسة التاريخ، وإعادة النظر في هذه الكتابة؛ فالتاريخ يدرس من حيث مضامينه وواقعه، وينبغي ألّا يُخصّص للشخصيات فقط، ولفت إلى أن العلوم الإنسانية التي ظهرت أخيراً فتحت آفاقاً واسعة أمام المؤرخين. وكشف باقادر في محاضرته عن دراسة تاريخية واجتماعية يقوم بها مع مجموعة من الباحثين منذ سنوات لإعادة دراسة تاريخ مكة ستخلص إلى 6 مجلدات، موضحاً أن الفريق انتهى من تسجيل وإدخال بيانات كثير من التراجم كأرقام للحاسب الآلي تضم 29 متغيّراً تمكننا من دراسة مكة بوصفها مدينة عالمة، ومن دراسة العلوم التي اضطلع بها علماؤها، متزامنة مع مراحلها التاريخية، ومن دراسة تأثيرهم ودورهم السياسي، إضافة إلى دراسة الأسر التي قطنتها، ومتى برزت وأفلت، ومن دراسة الإرث والوقف ومجالات الثروة، ودراسة تحوّلاتها الديموغرافية، وتركيبتها الاجتماعية، ومجتمعها التعليمي، وذلك لإجابة عن الأسئلة الراهنة التي تتطلب أجوبة ملحّة اليوم.