أمرت محكمة جنائية خاصة في إسطنبول امس، باعتقال الصحافيين أحمد شيق ونديم شنار على ذمة قضية الانتماء إلى تنظيم «أرغينيكون» الانقلابي. وأتى قرار قاضي التحقيق صادماً للأوساط الصحافية التركية التي توقّعت أن يفرج القاضي عنهما بعد أخذ أقوالهما أو على الأقل محاكمتهما من دون اعتقال، خصوصاً بعد تسريب عريضة الاتهام والأسئلة التي وُجهت إليهما، والتي تظهر أن لا علاقة مباشرة بينهما وبين الانقلابيين. وأوردت صحيفتا «أكشام» و»طرف» جزءاً مهماً من عريضة الاتهام، يفيد بأن توقيف شنار وشيق أتى بعد ورود اسميهما في رسالة بريد إلكتروني أرسلها مجهول إلى الصحافي سونار يالتشن الذي اعتُقل الشهر الماضي. وتطلب الرسالة من يالتشن الاتصال بشيق وشنار من أجل ضمهما إلى التنظيم ودعوتهما إلى التحريض في كتاباتهما ضد حكومة «حزب العدالة والتنمية». وكان يالتشن نفى علمه بهذه الرسالة وطلب تقرير خبير للتأكد من أن الرسالة لم تصل إلى جهاز كومبيوتره من خلال فيروس، وأن من أرسلها كان يقصد أن يكتشفها الأمن خلال التفتيش من دون أن ينتبه إليها يالتشن. ولم تكشف التحقيقات عن مصدر تلك الرسالة، علما أن محامي يالتشن أكدوا أنه حتى إذا ثبتت صدقية الرسالة، فإن ذلك لا يُعتبر دليلاً قوياً على انتماء موكلهم إلى «أرغينيكون»، خصوصاً أن ما تتضمنه من تعليمات لا تحضّ على العنف أو تجاوز القانون، بل تدخل في إطار الدعاية الصحافية المعارضة. وفي المحصلة، فإن كلّ هذه المعطيات لا تمسّ بشيق وشنار، لأنهما على غير صلة بيالتشن. وفي هذا الإطار، اتسعت رقعة الانتقادات لحملة الاعتقالات المتواصلة بين الصحافيين، إذ نفّذ عشرات الصحافيين اعتصاماً أمام المحكمة التي أصدرت أوامر الاعتقال في إسطنبول، كما أضرب عدد من كتّاب الزوايا اليومية عن كتابة مقالاتهم، تضامناً مع زملائهم المعتقلين وانتقاداً لما وصفوه ب «مناخ الرعب المحيط بالصحافيين وكتاب الرأي». وأعلن «اتحاد الصحافيين الأتراك» أن آلاف الصحافيين ملاحقون قضائياً، مشيراً إلى أن 60 منهم معتقلون الآن بسبب كتاباتهم. وانضم إلى الإعلاميين المحتجين فهمي كورو، الصحافي المعروف بقربه من رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان، والذي حذّر من أن تدفع الحكومة في الانتخابات الاشتراعية المقررة في حزيران (يونيو) المقبل، ثمن هذه التصرفات، مشيراً إلى أن حملات الاعتقال العشوائية والتي «تحمل رائحة الانتقام»، هزّت ثقة الشارع في صدقية محاكمة الانقلابيين، والقضاء في شكل عام. كما انضم الرئيس عبد الله غل إلى المحذرين من مغبة ما يحدث، إذ قال أن الاعتقالات الأخيرة من شأنها إحداث «مشهد قاتم يلقي بظلاله على ما تحققه تركيا من نجاحات في سياساتها الخارجية ونضوج في سياساتها الداخلية، والذي يشيد به الجميع. أنا قلق في هذا الشأن». وقال: «حين أتابع التطوّرات، أشعر بحصول تطوّرات لا يقبلها الضمير العام». وطلب غل من المحققين والقضاء أن يكونوا «أكثر دقة وحذراً» في إصدار أوامر الاعتقال والتفتيش، وأن تُحسم تلك القضايا في سرعة ومن دون تأخير.