لم يكن سهلاً على ثريا سليمان، ان تجلس على «كرسي الاعتراف»، بصفتها «مجهولة نسب». لكن هذه الفتاة العشرينية، تجاوزت حاجز «العيب»، لتقف أمام مئات الحاضرات في «منتدى الفتاة»، الذي أقامته جمعية «بناء الخيرية لرعاية الأيتام» في المنطقة الشرقية لتؤكد أهمية «الالتفات إلى نفس اليتيم، وروحه، وطموحه، وعلاقاته الاجتماعية، وكيفية إعانته على رسم صورة لمستقبله منذ الطفولة، وسبل تنمية شخصيته بجوانبها كافة»، محذرة من «اقتصار التعامل مع اليتيم فيما يتعلق في نفقاته فقط». وقالت: «إن المأكل والملبس لا ينفعنا في شيء، طالما أن هناك نظرة سوداوية تلقي بظلالها علينا». وأبدت مجموعة من مجهولات النسب، اللاتي أطلق عليهن «ذوات الظروف الخاصة»، أسفهن على ما يواجهنه من «قسوة في التعامل، ونظرة سيئة من جانب المجتمع»، لمجرد كونهن من «مجهولات النسب»، مطالبات بأهمية أن «يغير المجتمع من نظرته تجاه الأيتام، تحقيقاً لكرامتهم، وصوناً لهم»، مرددات عبارة «لا ذنب لنا، فهذا قدرنا». وعبرت ثريا، عما يجول في خاطرها، وخواطر زميلاتها، قائلة: «لا يجب إبلاغ اليتيم بحقيقة وضعه، إلا بعد إكماله 10 سنوات من عمره، وقبل بلوغ عامه ال13»، مشترطة أن «يراعى في الاعتبار الكيفية التي سيتم إبلاغ اليتيم بحقيقة وضعه، ومن الذي سيقوم بنقل الواقع إليه في شكل لا يمس في كرامته، أو يتلاعب في نفسيته. فهذا قد تنجم عنه مشكلات نفسية وحالات مستعصية، تدخلنا في دوامة البحث والتفكير اللا متناهي». وناشدت أم لمياء، وهي إحدى الأمهات الحاضنات، المسؤولين ب «الالتفات إلى مستقبل هذه الفئة»، مفترضة أنه «لا بد من تمليك اليتيم أو اليتيمة، مسكناً خاصاً يسجل رسمياً بأسمائهم، كي يكون سبباً في ضمان استقرارهم، خصوصاً أن اليتيم المُحتضن لا يرث من الأسرة الحاضنة، وفقاً للشرع». بدورها، طالبت مسؤولة الوثائق الرسمية في قسم رعاية الأيتام عضو لجنة استلام الأطفال من ذوي الظروف الخاصة، فطيم الحريقي، إدارة الأحوال المدنية ب «الاستعجال في إدراج وثائق ذوي الظروف الخاصة، واختصار إجراءاتها، التي تستغرق وقتاً طويلاً». وأكدت نائب مدير مكتب الإشراف الاجتماعي في المنطقة الشرقية هدى الملحم، ان حاجات اليتيم «لا تقتصر على المأكل والمشرب والسكن فقط»، منوهة بأن الأيتام «في حاجة ماسة إلى اليد التي ترعاهم، رعاية تتلمس مشاعرهم وحاجاتهم العاطفية والنفسية، حتى يستطيعوا الاعتماد على أنفسهم مستقبلاً». وشرحت الملحم، دور مكتب الإشراف الذي «يسير ضمن خطط مدروسة في التعامل مع الأيتام، من الناحية العلاجية. فيما يتضمن دوره الوقائي توعية الفتيات في المدارس الثانوية والجامعات»، مؤكدة أن مسؤولية اليتيم هي «مسؤولية المجتمع ككل، ولا تقتصر على جهة معينة». وأقيم «منتدى الفتاة» كأولى الفعاليات التي تنظمها جمعية «بناء الخيرية لرعاية الأيتام»، برعاية أمير المنطقة الشرقية الأمير محمد بن فهد، بمناسبة «يوم اليتم العالمي»، الذي يصادف أواخر شهر آذار (مارس) من كل عام. وتضمن المنتدى فعاليات عدة، منها محاضرة بعنوان «أمسية مركبات النجاح»، قدمتها المدربة نورة عبد الرحمن. وتحدثت فيها عن قيادات الحياة والمرونة في التعامل مع الحياة، وصولاً إلى النجاح والتوافق الاجتماعي مع المجتمع بشرائحه كافة. وألقت الفتاة نورة عبد الحميد، قصيدة عن الأم، استثارت فيها مشاعر الأمهات الحاضرات، وبدت فيها موهبة مهارة الإلقاء واضحة وجلية. كما عرضت الفتيات بعض منتجاتهن الفنية والمهارية، منها لوحات الرسم، وتزيين الكيك، وتجهيز باقة الورد، وخلطات العطور، التي نالت إعجاب الحاضرات.