كثّفت قوى معارضة مصرية، خصوصاً الائتلافات الشبابية، أمس تحركاتها للحشد لتظاهرة «مليونية إنقاذ الثورة» المقررة اليوم التي ستغيب عنها جماعة «الإخوان المسلمين»، فيما أعلن جهاز الكسب غير المشروع إيفاد لجنة قضائية إلى دول عدة لاستعادة الأموال العامة التي يُشتبه أن بعض رموز النظام السابق نهبوها. ولم تفلح الخطوات التي اتخذها المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير البلاد والحكومة الانتقالية، وعلى رأسها إصدار «الإعلان الدستوري» المنظم للفترة الانتقالية وتغيير قيادات الصحف المملوكة للدولة، في وقف دعوة التظاهر التي وجهتها ثماني حركات، أبرزها «الجمعية الوطنية للتغيير» التي يتزعمها المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي و «ائتلاف شباب الثورة» و «شباب 6 أبريل» و «كلنا خالد سعيد». وتأتي الدعوة إلى هذه التظاهرة تحت شعار «عايزين حقنا، فلوسنا ودمنا»، احتجاجاً على «التباطؤ في القصاص من قتلة الثوار»، وللمطالبة باسترداد «الأموال المنهوبة» ومحاكمة رموز النظام السابق، وعلى رأسهم الرئيس السابق حسني مبارك ونجله جمال والأمين العام للحزب الحاكم المتهم بالتورط في قتل متظاهرين صفوت الشريف ورئيس مجلس الشعب فتحي سرور ورئيس ديوان الرئاسة زكريا عزمي. ودعت «الجمعية الوطنية للتغيير» إلى «تظاهرات سلمية حاشدة» في مختلف المحافظات «لمتابعة تنفيذ أهم الأهداف التي قامت من أجلها الثورة، وأهمها حل وتفكيك بؤر الفساد ممثلة في الحزب الوطني (الحاكم سابقاً) والمجالس المحلية والمحافظين، ومحاكمة اللصوص الذين نهبوا ثروات البلاد واستردادها إلى الخزينة العامة للدولة، ووضع جدول زمني للتجاوب مع المطالب الفئوية العادلة، بدل فرض مشروع قانون لتجريم التظاهر والاعتصام». في غضون ذلك، أعلن مساعد وزير العدل لشؤون جهاز الكسب غير المشروع رئيس اللجنة القضائية التي شكلها الجيش لاسترداد الأموال المنهوبة من مصر المستشار عاصم الجوهري، أن «بعض أعضاء اللجنة سيتوجهون خلال أيام إلى بريطانيا وسويسرا وبعض الدول الأوروبية لمتابعة خطوات تجميد الأرصدة المصرفية لمبارك ومسؤولي حكمه». وأشار إلى أن اللجنة «ستبذل قصارى جهدها بغية إعادة تلك الأموال إلى البلاد وفقاً لأحكام اتفاق الأممالمتحدة لمكافحة الفساد، وستتخذ إجراءات لكشف سرية الحسابات الخاصة بمبارك وكبار المسؤولين طبقاً للقوانين الداخلية في الدول المعنية، لمنع التعامل عليها حتى يتم استردادها إلى مصر». وأكد أن «مصر لديها من الأسانيد القانونية والمستندات التي تثبت حقها وشعبها في هذه الأموال». وكانت الحكومة بادرت بإطلاق «حوار وطني» بدأت أولى جلساته مساء أول من أمس، وسط تباين لافت في وجهات النظر بين المشاركين. وشارك في الجلسة الأولى رئيس الوزراء عصام شرف ونحو 150 شخصية عامة وسياسية، بينها نائب رئيس الحكومة لشؤون الحوار الوطني الدكتور يحيى الجمل والأمين العام للجامعة العربية المرشح للرئاسة عمرو موسى ومنافسه المستشار هشام البسطويسي وممثلو أحزاب وجماعة «الإخوان». وغاب عن اللقاء ممثلو «ائتلاف شباب الثورة» الذين رفضوا تلبية دعوة وجهت إليهم للمشاركة، إضافة إلى مرشحي الرئاسة الدكتور محمد البرادعي وأيمن نور وحمدين صباحي. وأشاد المنسق العام ل «الجمعية الوطنية للتغيير» عبدالجليل مصطفى الذي شارك في الجلسة ب «شفافية الحوار»، معتبراً أنها تؤكد «أننا نسير في الطريق الصحيح». وقال ل «الحياة» إن «النقاش حول كل المطالب هو الطريقة المثلى للخروج بمصر من الفترة الانتقالية الحالية إلى برّ الأمان»، مشيراً إلى أن «الرغبة الحقيقة لدى جميع الأطراف في خدمة البلاد هي الهدف الوحيد الذي يجمعهم في الوقت الحالي». وأوضح رئيس المكتب السياسي ل «الإخوان» الدكتور عصام العريان الذي شارك في الجلسة أن «الهدف من الحوار هو حصول توافق وطني على عقد اجتماعي جديد، يعد بمثابة خلفية تستند إليها الجمعية التأسيسية التي سينتخبها البرلمان لوضع دستور جديد». وقال ل «الحياة» إن «الحوار لا يقف عند المحور السياسي، إنما يشمل كل المحاور الاجتماعية والاقتصادية أيضاً». وأشار إلى أن «من المقرر أن تستمر جلسات الحوار التشاورية إلى العاشر من الشهر الجاري، للاستماع إلى مجموعات مختلفة من القوى والتيارات السياسية قبل الاتفاق على اختيار 160 شخصية تضطلع بالحوار الوطني مع الحكومة، والاتفاق على آليات متابعة الحوار وكيفية مشاركة الشعب في جزء من المحاور». أما عمرو موسى، فقال خلال اللقاء إنه يفضل «أن تكون الدولة التي نسعى إلى بنائها دولة رئاسية، وليست برلمانية، ولو لمدة تتراوح بين 10 و15 عاماً»، مشيراً إلى أن «النظام السابق لم يفرز أحزاباً قوية»، فيما شددت الكاتبة سكينة فؤاد على «ضرورة تمثيل أهالي سيناء في الحوار باعتبار أنهم جزء لا يتجزأ من الدولة». وحذرت أيضاً من «عدم وجود ضمان للحد من تحركات أعضاء الحزب الوطني السابقين للقيام بالثورة المضادة». وأكد نائب رئيس الوزراء لشؤون الحوار أن «الهدف من الحوار الوطني هو الخروج برؤية توافقية لمستقبل البلاد»، مشيراً إلى أن «الحوار لن يقتصر على الشخصيات التي حضرت أولى الجلسات، وإنما سيكون ممتداً ليشمل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني التي لم تُدع، وسيستمر الحوار حتى نتوصل في النهاية إلى رؤية توافقية». وطالب القيادي السابق في «الإخوان» الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح ب «تشكيل مجلس رئاسي مدني يضم مجموعة من القضاة ورجال السياسة وممثلاً عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، إلى حين وضع دستور جديد للبلاد»، وهي الدعوة التي لاقت ترحيب عدد كبير من الحضور. وفي وقت شدد المستشار هشام البسطويسي على «ضرورة وجود تمثيل للفلاحين في الحوار الوطني»، مشيراً إلى «أهمية أن يكون الحوار الوطني شاملاً كل فئات المجتمع حتى تخرج نتائجه بالصورة التي يتوافق عليها الجميع»، رفض الدكتور حسن نافعة مبدأ الحوار مع عناصر «النظام البائد»، مطالباً ب «ضرورة محاكمتهم وإقصاء من تبقى منهم على رأس السلطة، لأن الثورة قامت للتخلص منهم، وليس للحوار معهم».