تتجه العلاقة بين الحكومة العراقية وحكومة كردستان إلى التهدئة، مع اقتراب تطبيق اتفاق على انتشار القوات الاتحادية في معبر المثلث الحدودي العراقي- السوري- التركي (معبر فيشخابور)، لكن علاقات الأحزاب الكردية الداخلية تتجه إلى التصعيد، خصوصاً بعد الاتهامات ب «الخيانة العظمى» التي وجهها رئيس الإقليم مسعود بارزاني إلى خصومه، واعتبرها أنصاره إيعازاً بالتحرك فاقتحموا البرلمان، وهاجموا بعض مراكز الأحزاب المعارضة وأحرقوها واعتدوا على نواب وصحافيين. وعلى رغم خروج بارزاني من المشهد الرسمي في الإقليم فلا توقعات بتراجع تأثيره، خصوصاً أن حزبه «الديموقراطي الكردستاني» يتمتع بنفوذ سياسي واقتصادي واسع وتحكمه علاقات متماسكة مركزها العائلة التي سيكون قطباها في الشهور المقبلة رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني، ابن أخي مسعود، ورئيس «مجلس الأمن» مسرور بارزاني ابنه (للمزيد). إلى ذلك، نقلت مصادر موثوق فيها عن مسؤولين في القوات العراقية و «البيشمركة»، قولهم إن المحادثات بين الطرفين «مستمرة للتوصل إلى اتفاق على نشر قوات مشتركة في بلدات المحمودية وشيخان وسحيلة والقوش وخازر وفايدة والكوير ومقلوب، وكلها يتبع إدارياً محافظة نينوى، إضافة إلى نشرها في معبر فيشخابور»، حيث تسعى بغداد وأنقرة إلى افتتاح منفذ بين البلدين. وانعكست الأجواء الإيجابية بين الطرفين على الموقف الإيراني، وأعلن رئيس هيئة الأركان العامة الجنرال محمد باقري، أن بلاده «ستزيل القيود الحدودية مع إقليم كردستان خلال الأيام المقبلة»، بعد إغلاقها عقب الاستفتاء على الانفصال الذي جرى في الخامس والعشرين من أيلول (سبتمبر). ودعت الخارجية الأميركية أمس، بغداد وأربيل إلى حل الخلافات بينهما بموجب الدستور العراقي، وأشادت في بيان بقرار بارزاني التنحي ودعت «الحكومة العراقية وحكومة كردستان بإدارتها الجديدة إلى العمل لتسوية القضايا العالقة في إطار الدستور». وأضافت أن «بارزاني شخصية تاريخية وقائد شجاع لشعبه في معركتنا المشتركة» ضد «داعش». وفي مقابل الأجواء الإيجابية، تبدو العلاقات بين القوى والشخصيات السياسية في إقليم كردستان سلبية تماماً، خصوصاً بعد اتهام بارزاني في خطاب التنحي أول من أمس، خصومَه السياسيين الأكراد ب «الخيانة العظمى»، وإقدام عشرات من أنصاره على اقتحام مبنى برلمان الإقليم واحتجاز النواب داخله، وحرق مقرات حزبَي «الاتحاد الوطني» و «التغيير» في بلدة زاخو التابعة لمحافظة دهوك. وواصل مناصروه صباح أمس احتجاجهم أمام مبنى البرلمان بعدما كانوا اقتحموه ليل الأحد واعتدوا بالعصي على مراسلي قنوات فضائية معارضة، منها فضائيتا «إن آر تي» و «كي أن أن»، وعلى النائب رابون معروف الناطق باسم حركة «الجيل الجديد» التي تشكلت أخيراً بقيادة رجل الأعمال شاسوار عبدالواحد، واتهمه المهاجمون ب «التشهير بالبيشمركة وبارزاني». وحذر «الاتحاد الإسلامي الكردستاني» من أن «الإقليم يواجه أخطاراً كبيرة وتهديداً داخلياً»، فيما دعا زعيم «الجماعة الإسلامية» علي بايبر أنصاره «إلى تشكيل حزام أمني حول منزله، خوفاً من تعرضه لاعتداءات». في بغداد، قال رئيس الوزراء حيدر العبادي في بيان، إنه يتابع «عن كثب الأحداث في الإقليم، وما حصل من اعتداءات ومحاولات إحداث فوضى واضطرابات، ما يضر بمواطنينا وبالوضع العام». وعلمت «الحياة» أن العلاقات بين قادة حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» مازالت متوترة، بسبب تضارب في مواقفهم من تداعيات الاستفتاء، وتحدثت مصادر في الحزب عن جهود لتوحيد صفوفه، خصوصاً بعد تنحي بارزاني، والاستعداد للانتخابات المقرر إجراؤها بعد ثمانية شهور، على أن يتضمن الحل عقد مؤتمر لاختيار أمين عام جديد وهيئة سياسية.