أكد رئيس كردستان مسعود بارزاني أمس تنحيه عن منصبه والعودة إلى صفوف «البيشمركة مقاتلاً ومناضلاً»، واتهم «المنافسين الذين سلموا كركوك إلى القوات الإتحادية بالخيانة العظمى»، وذلك في إشارة إلى قادة في «حزب الإتحاد الوطني» الذي كان يتزعمه الرئيس الراحل جلال طالباني، فيما أعلن الجيش العراقي التوصل إلى اتفاق مع القوات الكردية على «انسحابها إلى حدود ما قبل عام 2003 وتسلمه معبر فيشخابور»، عند الحدود التركية، وبقيت هناك بعض النقاط العالقة. إلى ذلك، اقتحم محتجون امس مبنى برلمان الإقليم في أربيل، خلال التصويت على تنحي بارزاني ، وهاجم اشخاص بالهراوات مراسلي قناة «إن آر تي» وأحد نواب كتلة «الجيل الجديد»، ما دعا جهاز مكافحة الإرهاب الى السيطرة على الموقف. وأكد بارزاني، في كلمة متلفزة وجهها أمس إلى الأكراد بعد إعلان تنحيه أن «نية الإقليم كانت طيبة عند اجراء الإستفتاء. ولم نكن ننوي الذهاب الى اعلان الإستقلال مباشرة»، وأضاف أن «الحكومة في بغداد كان لديها برنامج جاهز لضرب كردستان واستخدمت الإستفتاء ذريعة». وأعرب عن خيبة أمله من الولاياتالمتحدة والمجتمع الدولي وقال: «كنا ننتظر منهما تقدير جهود ودماء الشعب الكردي، وكنا ننتظر ذلك من بغداد لتعاوننا معها في الحرب على داعش، لكنها أجلت معركة الحويجة كي تهاجم كركوك». واعتبر ما حصل في المحافظة: «خيانة قومية عظمى. (.... ) كنا مستعدين (للقتال) لولا الخيانة التي عرقلت تنفيذ خططنا للإستقلال»، في اشارة الى الاتفاق الذي ابرمه عدد من قادة «الإتحاد الوطني الكردستاني» مع الحكومة الإتحادية. وزاد: «ان الحوار هو خيارنا مع بغداد منذ بداية الازمة. لكن لن نسمح بكسر إرادتنا». وطالب برلمان الإقليم بتوزيع صلاحياته على السلطتين التشريعية والتنفيذية، بعد انتهاء ولايته أول الشهر المقبل. وشكل قراره فرصة لاستعادة الحوار الداخلي بين الأكراد، والبدء بمفاوضات جادة مع بغداد. وقال بارزاني في رسالة وجهها الى البرلمان امس انه لن يمدد ولايته التي تنتهي في الاول من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، واضاف: «طالبت بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في 1-11-2017، بناءً على القرار 128 الصادر في 12-7-2017، ولكن لأسباب سياسية وأمنية وتقنية وعدم وجود مرشح للمنصب، أوقفت المفوضية العليا الإستعدادات للإستحقاق». وزاد «يجب عدم تعديل قانون الرئاسة في الإقليم، أو اطالة مدتها، لذا من الضروري ان يعقد البرلمان جلساته واجتماعاته في اقرب وقت لملء الفراغ القانوني الذي قد يحدث في سلطات الرئيس، وحل هذا الموضوع بشكل كامل». وتابع: «انا كمسعود بارزاني سأبقى مقاتلا في البيشمركة، وساكون وسط جماهير الشعب ووسط عناصر القوات الأعزاء، وسأستمر في الكفاح والنضال لنيل حقوق الشعب الكردي والمحافظة على مكتسباته». وأصبح مسعود بارزاني (مواليد 1946) رئيساً للإقليم في انتخابات»المجلس الوطني الكردستاني، في حزيران (يونيو) 2005، ثم سعى الى تغيير النظام الإنتخابي في آب (أغسطس) 2009 ليكون انتخاب الرئيس مباشراً وحصل على الولاية الثانية التي انتهت في ايلول (سبتمبر) 2013، حين مدد ولايته عامين، ثم قرر تعطيل البرلمان الذي استأنف جلساته مع اقتراب نهاية دورته وعمر الرئاسة والحكومة، بالتزامن مع الإستفتاء على الإنفصال في 25 ايلول (سبتمبر) الماضي. وشهدت جلسة البرلمان الكردي التي حضرتها كل القوى السياسية، تبادل اتهامات، فحمّل المعارضون بارزاني مسؤولية تداعيات الإستفتاء الذي أصر على إجرائه رغم الرفض الداخلي والإقليمي والدولي، وفقد بعده الإقليم نفوذه في المناطق المتنازع عليها وحقول النفط التي يديرها منذ سنوات لصالح السلطة الإتحادية التي تطالب ايضاً بادارة المنافذ الحدودية والمطارات. وقال رئيس اركان الجيش العراقي عثمان الغانمي إن «الإجتماع الأمني (مع مسؤولين أكراد) تناول محورين: الأول الحدود الإدارية للمحافظات لعام 2003 والعودة إليها»، وبموجبه تطلب القوات العراقية الانتشار في المناطق التي كانت تسيطر عليها قبل الغزو الأميركي، «والمحور الآخر هو الحدود الدولية وإعادة نشر القوات في المنافذ» وأكد أن الجانبين «اتفقا على بعض النقاط، ولم يتم البت ببعض النقاط الأخرى» في انتظار التشاور مع قادة كردستان. وأكد الغانمي أن «اهم نقطة اتفقنا عليها هي انسحاب البيشمركة الى حدود ما قبل عام 2003». ويرى مطلعون ان تخلي بارزاني عن رئاسة الإقليم مجرد اجراء تكتيكي فقرار حزبه «الديموقراطي الكردستاني» الذي يسيطر على معظم المؤسسات الأمنية والمالية والسياسية في الاقليم سيستمر في يده.