تمكن مسلحو تنظيم «القاعدة» أمس من السيطرة لفترة وجيزة على مدينة جعار في محافظة أبين بجنوب اليمن بعد مواجهات عنيفة مع الجيش، في حين قتل سبعة جنود يمنيين وأصيب 6 آخرون على الأقل في هجوم على نقطة أمنية في مأرب شنه مسلحون يعتقد انهم ينتمون إلى التنظيم الإرهابي. وأكدت مصادر متطابقة ل «الحياة» أن اشتباكات عنيفة دارت بين قوات الجيش ومسلحي «القاعدة» في جعار، وأشارت إلى أن المسلحين حاولوا اقتحام القصر الرئاسي ومقر الإذاعة في المدينة بعد محاصرتهما، غير أنهم انسحبوا منها لاحقاً بعدما أرسلت السلطات تعزيزات عسكرية وقصف الطيران الحربي مواقع المسلحين. ودارت اشتباكات عنيفة بين الجانبين بعد احتلال مسلحي «القاعدة» عدداً من المباني الحكومية في وسط المدينة. وقال شهود ل «الحياة» إن المواجهات التي استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والقذائف الصاروخية أسفرت عن سقوط عدد من القتلى والجرحى من الجانبين. وأشار هؤلاء إلى أن المسلحين استولوا على عربتين للجيش وأسلحة وذخائر، في حين انتشرت وحدات تابعة للجيش وقوات أمنية في محيط المدينة قبل أن تشن هجمات على مواقع المسلحين. وفي الإطار نفسه، قالت مصادر محلية في محافظة مأرب إن مسلحين يرجح انهم من «القاعدة» هاجموا نقطة للشرطة العسكرية على الطريق العام الذي يربط بين العاصمة صنعاء ومحافظة مأرب ما أدى إلى مقتل 7 جنود وإصابة ستة آخرين بجروح معظمهم في حال خطرة. وذكرت المصادر أن المهاجمين أحرقوا سيارة عسكرية واستولوا على سيارتين أخريين خلال العملية التي قادها مسؤول «القاعدة» في مأرب غائض الشبواني الذي كانت السلطات اليمنية حاولت مراراً القبض عليه أو قتله. وفي الأسبوع الماضي، قتل ستة جنود في كمين نصبه مقاتلو «القاعدة» بمدينة لودر في أبين بينما أعلنت السلطات اليمنية مقتل 3 أشخاص من «القاعدة» في الهجوم، واعتقال ستة من عناصره. وتأتي هجمات «القاعدة» في وقت يسود التوتر في الكثير من المحافظات اليمنية التي تشهد حركة اعتصامات واحتجاجات واسعة للمطالبة بإسقاط النظام. وكان الرئيس اليمني علي عبدالله صالح أكد في مقابلة تلفزيونية ليل السبت - الأحد استعداده لتسليم السلطة شرط أن يكون ذلك بصورة «مشرفة» وعبر صناديق الاقتراع، وهو الأمر الذي اعتبرته أحزاب المعارضة اليمنية مناورة سياسية هدفها التشبث بالسلطة. وقال معاون للواء على محسن صالح الأحمر ان المفاوضات بشأن انتقال السلطة توقفت ولا يتوقع استئنافها فورا. واضاف «توقفت مساء السبت». وسئل عما اذا كان يتوقع أن تستأنف فقال ان «ذلك غير وارد قطعيا حتى الان». وأكد متحدث باسم تحالف المعارضة الرئيسي في اليمن أن المحادثات توقفت. وكان الرئيس أجرى ثلاث جولات من المفاوضات مع زعماء المعارضة المنضوية في تكتل «اللقاء المشترك»، في منزل نائب رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، من دون أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق محدد في شأن خيارات تسليم السلطة وإدارة المرحلة الانتقالية. وقالت مصادر مطلعة ل «الحياة» إن علي صالح لم يتنصل من مبادرته المتعلقة بالتخلي عن السلطة في أي وقت، ولكن وفق أسس سليمة ومن دون خضوع لأجندة الانقلابات على الشرعية الدستورية وبحيث يتجنب اليمن الانزلاق في الفوضى والحروب الأهلية في حين تصر أحزاب المعارضة على أن يرحل الرئيس فوراً. ولفتت المصادر نفسها إلى أن واشنطن لا تزال حذرة في اتخاذ موقف واضح ومحدد من خيارات الخروج باليمن من الأزمة الراهنة، بعدما شجعت الرئيس على قبول مبدأ ترك السلطة بضمانات الخروج المشرف وعبر مفاوضات مع أطراف المعارضة التي لا تزال تبرر مطالبها برحيل صالح فوراً بانحيازها الكامل لمطالب المحتجين المرابطين في ساحات الاعتصام في صنعاء والمحافظات الأخرى. وأشارت المصادر إلى أن التظاهرة المليونية التي خرجت الجمعة في صنعاء تأييداً للرئيس زادت من تعقيد الأزمة، خصوصاً أن أحزاب المعارضة لم تكن تتوقع مثل هذا الحشد. وفي واشنطن، أعلن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس الأحد أن سقوط الرئيس اليمني علي عبدالله صالح وتسلم حكومة «موثوقة أكثر» مكانه سيطرح «مشكلة فعلية» للولايات المتحدة في مكافحة تنظيم القاعدة. وقال غيتس في برنامج على شبكة «ايه بي سي» الأميركية «إذا سقطت هذه الحكومة وإذا حلت محلها حكومة تكون موثوقة أكثر، فسنواجه تحديات إضافية في اليمن، ما من شك في ذلك. إنها مشكلة فعلية». وأضاف أن «الجناح الأكثر نشاطاً وقد يكون الأكثر عنفاً في القاعدة يتحرك انطلاقاً من اليمن ونحن نتعاون مع الرئيس صالح وأجهزة الأمن اليمنية في مكافحة الإرهاب».