أحكمت القوات العراقية سيطرتها على كل محافظة كركوك، بعد دخولها امس منطقة التون كوبري، وهي آخر نقطة قرب محافظة أربيل بعد اشتباكات محدودة مع قوات «البيشمركة» التي انسحبت الى داخل كردستان المحددة عام1991. وقال القيادي في «الحشد الشعبي» كريم النوري ل» الحياة»، ان «العبادي أمر القطعات العسكرية بعدم تخطي هذه الحدود». وشدد قائد العمليات المشتركة الفريق عبد الأمير يار الله في تصريحات متلفزة على ان «التون كوبري جزء من كركوك والمناطق المتنازع عليها ولا نوايا لدينا للتقدم باتجاه مناطق اخرى»، فيما دعا المرجع الشيعي علي السيستاني الجيش إلى المحافظة على الأكراد في مناطقهم. وبات الجيش على بعد 40 كلم فقط من وسط اربيل التي اكد محافظها نوزاد هادي خلال مؤتمر صحافي امس عدم وجود مخاطر على المحافظة. وأضاف أن الدفاع عن حدود المحافظة «شرف تقوم به البيشمركة ونطمئن الاهالي إلى أن المدينة آمنة، فما حدث اليوم في التون كوبري كان داخل حدود كركوك». وتابع: «اليوم لا مخاطر امنية او عسكرية مطلقاً على البعثات الديبلوماسية والنازحين ومدينة السلام»، ورأى ان» التفاوض والحوار هو الحل الامثل». ودعا وسائل الإعلام الكردية والفضائيات إلى «عدم تأجيج الوضع بما لا يخدم شعب كردستان وخلق حالة عدم استقرار في أربيل وكردستان»، وزاد ان «رسالتنا رسالة سلام في ما بيننا وكذلك مع الآخرين، وستتوقف الاشتباكات قريباً وليطمئن الجميع». وأوضح أن «كل الأسلحة الأميركية أعطيت لقوات الجيش والحشد الشعبي مثلما أعطيت لقوات البيشمركة كانت لمقاتلة داعش الارهابي وليس لمقاتلة بعضنا بعضاً كما حصل في كركوك»، مؤكداً ان «ذلك خطأ سياسي». إلى ذلك، قال الناطق باسم المكتب السياسي لحزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» سعدي أحمد بيره ان «الاستفتاء في الإقليم كان سبب الاحداث في اقليم كردستان»، وأضاف: «كان هناك حوار بين الدول الإقليمية، خصوصاً العراق وايران وتركيا لإجبار القوات الكردية على الانسحاب من المناطق المتنازع عليها ومناطق النفط». وتابع ان «من كان مع الاستفتاء يقوم الآن بأعمال سيئة ويتملص من المسؤولية». وقال ان «رزكار علي، عضو المكتب السياسي في الاتحاد الوطني سيكون محافظاً جديدا لكركوك، اضافة الى اسناد الملف الأمني الى العميد خطاب عمر وهو من البيشمركة القدامى، كما أن ادارة المدينة سيتم تنظيمها بالتنسيق بين الاتحاد الوطني والاطراف التركمانية». ورحب السيستاني بانتشار الجيش والشرطة الاتحادية في محافظة كركوك والمناطق المتنازع عليها، وأشاد بحسن تصرف الأطراف المختلفة «لإتمام العملية بصورة سلمية»، مطالباً الحكومة الاتحادية بطمأنة المواطنين الأكراد في هذه المناطق، كما دعا القادة الأكراد الى «توحيد صفوفهم والتعاون مع الحكومة لتجاوز الأزمة». ودخلت القوات الاتحادية و «الحشد الشعبي» كركوك الإثنين الماضي بعد انسحاب «البيشمركة» من مواقعها، وواصلت السيطرة على المناطق المتنازع عليها في ديالى وصلاح الدين ونينوى، وسط اشتباكات محدودة مع القوات الكردية. وقال ممثل المرجعية الدينية في كربلاء عبد المهدي الكربلائي خلال خطبة الجمعة امس، إن «الجميع يعلم مستجدات الأيام الأخيرة على الساحة السياسية والامنية وما تم من اعادة انتشار الجيش والشرطة الاتحادية في محافظة كركوك وبعض المناطق الاخرى واذ نعبر عن تقديرنا العالي لحسن تصرف الأطراف المختلفة لإتمام هذه العملية بصورة سلمية وتفادي الاصطدام المسلح بين الإخوة الاعزاء الذين طالما عملوا جنباً الى جنب في مكافحة الإرهاب الداعشي». وأكد ان «هذا الحدث المهم لا ينبغي ان يُحسب انتصاراً لطرف وانكساراً لآخر بل هو انتصار للعراقيين كل العراقيين إذا تم توظيفه لمصلحة البلد من دون المصالح الشخصية أو الفئوية واتخذ منطلقاً لفتح صفحة جديدة يتكاتف فيها الجميع لبناء وطنهم». وأضاف أن «قدر العراقيين بمختلف مكوناتهم من عرب وكرد وتركمان وغيرهم أن يعيشوا بعضاً مع بعض على ربوع هذه الأرض العزيزة وليس أمامهم فرصة لبناء غد أفضل ينعمون فيه بالأمن والاستقرار والرخاء والرفاه إلا مع تضافر جهود الجميع لحل المشاكل المتراكمة عبر السنوات الماضية، مبنية على أسس العدل والإنصاف والمساواة بين جميع العراقيين في الحقوق والواجبات وبناء الثقة بينهم بعيداً من النزعات التسلطية والتعصب الإثني او الطائفي، وذلك بالاحتكام الى الدستور الذي يشكل، على رغم نواقصه العقد الذي حظي بقبول العراقيين في الاستفتاء فلا بد من احترامه». ودعا «القيادات والنخب السياسية إلى العمل على تقوية اللحمة الوطنية على أسس دستورية وتعزيز أواصر المحبة بين مكونات الشعب من خلال تأمين مصالح الكل من دون استثناء والابتعاد عن الانتقام مع الأحداث الأخيرة وتخفيف التوتر في المناطق المشتركة وتسهيل عودة النازحين الى بيوتهم والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة من دون التعدي عليها ولجم أي مظاهر توحي بالعنصرية او الطائفية سواء بنشر مقاطع مصورة او صوتية او رفع لافتات أو إطلاق شعارات او حرق صور او اعلام او غير ذلك». وطالب «الجهات المعنية باتخاذ الإجراءات المناسبة لملاحقة من يقومون بهذه الاعمال اللاأخلاقية التي تضر بالسلم الاهلي والعيش المشترك بين أبناء هذا الوطن وندعو الحكومة الاتحادية الى ان تعمل المزيد لتطمين المواطنين إلى أنها ستوظف كل طاقاتها في سبيل حمايتهم ورعايتهم على وجه المساواة مع بقية العراقيين ولن تنتقص من حقوقهم الدستورية شيئاً». ودعا ممثل السيستاني «القيادات الكردية الكريمة إلى توحيد صفوفهم والعمل على تجاوز الازمة الراهنة عبر التعاون مع الحكومة الاتحادية وفق الأسس الدستورية آملين أن يفضي ذلك الى حلول عادلة ومقنعة للجميع». وكان السيستاني اعلن رفضه استفتاء اقليم كردستان على الانفصال بعد أربعة ايام على تنظيمه في 25 الشهر الماضي، ودعا المسؤولين في إقليم كردستان الى الحوار لحل القضايا الخلافية وفق الدستور، وحذر في حينها من أن «القيام بخطوات التقسيم والانفصال سيؤدي إلى عواقب غير محمودة». إلى ذلك، قال الخطيب في كركوك رعد الصخري (من التيار الصدري) إن «المواطنين الاكراد في المحافظة «بعيدون عمن عاث في المحافظة فساداً»، وقال إن «المحافظة كادت تنهار لولا القوات الأمنية والعقلاء الذين يحرصون على وحدة الأهالي». وأضاف «احذروا من الإشاعات. أنتم، المواطنين الكرد، حالكم حال بقية أهالي كركوك»، ودعا الجميع إلى «منع المظاهر المسلحة داخل المدن وأن يكون السلاح بيد الأجهزة الأمنية».