وجّه الرئيسان الأميركيان السابقان باراك أوباما وجورج بوش الابن، ووزير الخارجية السابق جون كيري، انتقادات عنيفة للرئيس دونالد ترامب، مباشرة أو مواربة، منددين ب «سياسات انقسام» وبالتعصب وإشاعة «فوضى». وقال أوباما: «يجب ألا تكون لدينا سياسات الانقسام القديمة التي شهدناها مرات في الماضي وتعود إلى قرون. بعض السياسات التي نراها الآن، اعتقدنا بأنها انتهت. إنه القرن ال21 لا ال19». وانتقد في شكل غير مباشر طريقة وصول ترامب إلى البيت الأبيض، قائلاً: «إنْ فزت بالحملة عبر إشاعة انقسام بين الناس، فلن تتمكن من حكمهم ولا من توحيدهم. نكون بأفضل حال عندما نحاول النهوض بالجميع، لا عندما نحاول إذلال الناس». أما بوش فنبّه إلى أن «هناك تمادياً في التعصب»، وزاد: «يبدو المشهد السياسي أكثر عرضة لنظريات المؤامرة والفبركات الواضحة. التعصب والاعتقاد بتفوّق العرق الأبيض بأي شكل، يُعدّ طعناً في العقيدة الأميركية». تزامن خطاب الرئيس السابق مع منع ريتشارد سبينسر، وهو شخصية بارزة مدافعة عن نظرية تفوّق العرق الأبيض، من إلقاء كلمة في جامعة فلوريدا. وتابع بوش: «رأينا الوطنية تتشوّه لتصبح عداءً للمهاجرين ونسينا الحيوية التي لطالما جلبتها الهجرة إلى أميركا. شهدنا تدهور خطابنا بسبب القسوة، وفي أوقات معينة، قد يبدو أن العوامل التي تبعدنا من بعضنا بعضاً أقوى من تلك التي تربطنا». وانتقد «العودة إلى النزعات الانعزالية»، مشيراً إلى «تلاشي ثقة» الولاياتالمتحدة بالأسواق الحرة والتجارة الدولية. واتهم روسيا بمحاولة تأليب «الأميركيين ضد بعضهم بعضاً» وب «استغلال الانقسامات في بلادنا». وزاد: «لتجديد بلدنا، علينا فقط تذكّر قيمنا». وندّد كيري بتغريدات ترامب على موقع «تويتر»، قائلاً: «مزيد من الأميركيين يجد أن ظاهرة التغريد منهكة ومدمرة وتقطع شكل الحوار الحقيقي. أعتقد بأنها تسبّب سياسات فوضى وليست جيدة. هذا يُعتبر سابقة، هذا النوع من الرئاسة الفوضوية. لا أذكر شيئاً كهذا في الأزمنة الحديثة». واستنكر تغريدات لترامب تمسّ وزير الخارجية ريكس تيلرسون، معتبراً انها «لا تفيد اطلاقاً، بل تعطي نتائج عكسية». إلى ذلك، تدخل كبير موظفي البيت الابيض جون كيلي، وهو جنرال متقاعد قُتل ابنه في أفغانستان، للدفاع عن ترامب، بعد اتهام الرئيس بأنه كان «عديم الإحساس» لدى اتصاله بأرملة جندي. ولام كيلي نائباً ديموقراطية كشفت أن ترامب قال لأرملة الجندي الذي قُتل في النيجر، أن زوجها «كان مدركاً لما يقدم عليه». وأضاف: «الشيء الوحيد الذي قدرت على فعله لجمع أفكاري هو أن أسير بين أفضل الرجال والنساء على وجه الأرض. ويمكنكم أن تجدوهم دائماً، لأنهم في مقبرة أرلينغتون الوطنية. ذهبت إلى هناك لساعة ونصف الساعة، مشيت بين الشواهد، وبعضهم هناك لأنهم كانوا ينفذون أوامري عندما قُتلوا». أميركا - روسيا في غضون ذلك، أثار مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إي) مايك بومبيو انتقادات بقوله إن أجهزة الاستخبارات في الولاياتالمتحدة خلصت إلى أن «تدخل» روسيا في انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2016 لم يؤثر في نتيجتها. وخلصت وكالات الاستخبارات الأميركية إلى أن موسكو استخدمت وسائل إلكترونية في محاولتها لمساعدة ترامب للفوز بالسباق. لكن بومبيو سُئل هل يمكنه الجزم بأن نتيجة الانتخابات لم تتأثر بالتدخل الروسي، فأجاب «نعم. تقويم أجهزة الاستخبارات هو أن التدخل الروسي لم يؤثر في النتيجة». وأعرب النائب الديموقراطي آدم شيف، وهو عضو في لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، عن «خيبة أمل بالغة» من تصريحات بومبيو، لافتاً إلى أن «أجهزة الاستخبارات لم تتوصّل إلى نتيجة مشابهة ولا يمكنها أن تفعل». وأضاف: «هذه ليست المرة الأولى التي يدلي فيها المدير بتصريحات تقلّل من حجم ما اقترفه الروس، لكنها يجب أن تكون الأخيرة». وأصدرت «سي آي إي» بياناً بدا تراجعاً عمّا قاله بومبيو، إذ ورد فيه: «تقويم الاستخبارات في ما يتعلّق بالتدخل الروسي في الانتخابات لم يتغيّر، والمدير لم يقصد أن يوحي بذلك». في نيويورك، اعتبرت المندوبة الأميركية لدى الأممالمتحدة نيكي هايلي أن موسكو تستخدم التدخل الانتخابي «سلاحاً مفضلاً» لتقويض الديموقراطيات في العالم، وزادت: «هذا نوع من حرب، إذ تضمن أن الديموقراطية تتحوّل عما يرغب فيه الناس. إنهم يفعلون ذلك في كل مكان. علينا محاسبتهم». وأضافت: «لا يمكن لروسيا بالضرورة أن تربح شيئاً. ليست لديهم قوة عسكرية ضخمة بما يكفي، ولا اقتصاد قوي، لذا يحشرون أنفسهم في أي وضع لإثارة فوضى». في المقابل، لفت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أن العلاقات مع واشنطن في حالة يُرثى لها، مشيراً إلى حملة مناهضة لبلاده «تُعتبر سابقة» في الولاياتالمتحدة. وبرّر «عدم القدرة على التكهن بأفعال» ترامب بمواجهته «معارضة قوية جداً داخل البلاد». وأكد أن موسكو ليست قلقة في شأن حشد عسكري أميركي في منطقة البلطيق، معتبراً أن «أكبر خطأ» ارتكبته بلاده تمثّل في «أنها وثقت بالغرب أكثر مما يجب».