يُنصّب دونالد ترامب اليوم رئيساً للولايات المتحدة، في واشنطن التي اتُخذت فيها تدابير أمن استثنائية، تحسباً لأي طارئ، لا سيّما أن مئات الآلاف تدفقوا إلى العاصمة، من مؤيّدي الرئيس المنتخب، ومعارضيه الذين يستعدون لتنظيم تظاهرات احتجاج ضخمة. في وقت يراقب العالم بقلق القرارات التي يمكن ان يتخذها في عهده. وسيدخل ترامب البيت الأبيض، بعدما أسقط استطلاعات الرأي وتوقّعات المحللين، إذ هزم المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون، في معركة صاخبة اعتُبرت سابقة في تاريخ الولاياتالمتحدة، لما شهدته من فضائح وحملات تجريح شخصي. (للمزيد) ترامب (70 سنة) الذي بنى صعوده السياسي على نجاحه في مجال العقارات، ومستنداً إلى أفكار شعبوية أثارت حماسة اليمين وراء شعار «سنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى»، سيخلف باراك أوباما، أول رئيس أسود في تاريخ الولاياتالمتحدة، والذي رفع شعار «نعم نستطيع»، لكنه خرج من البيت الأبيض بحصيلة ملتبسة، وإن بشعبية تُعتبر سابقة (60 في المئة)، بسبب إنجازات اقتصادية داخلية، وسحبه القوات الأميركية من العراق، ونأيه عن الفضائح، عكس سلفيه جورج بوش الابن وبيل كلينتون. ووصل ترامب إلى واشنطن مع زوجته في طائرة الرئاسة، التي حطّت في قاعدة أندروز الجوية، علماً أن الاحتفالات بدأت أمس بتنصيبه الرئيس ال45 للولايات المتحدة. وتوجّه ترامب ونائبه مايك بنس إلى مقبرة الجندي المجهول في أرلينغتون أمس، وعادا منها إلى النصب التذكاري لأبراهام لينكولن، حيث شاركا في تجمّع ضخم لأنصارهما، غاب عنه نجوم بارزون في الغناء وفي هوليوود. وشكر الرئيس لمؤيّديه اليوم «الجميل والتاريخي». ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عنه قوله، واصفاً الحركة التي حملته إلى الحكم: «لم نرَ شيئاً مشابهاً منذ أندرو جاكسون»، مقارناً نفسه مع الرئيس الشعبوي الذي انتُخب عام 1828. وسيستضيف أوباما، للمرة الأخيرة في البيت الأبيض، ويتناولان قهوة الصباح، قبل توجّههما في السيارة ذاتها، مع زوجتيهما، إلى باحة الكونغرس حيث سيلقي ترامب خطاباً بعد أدائه القسم الدستوري أمام رئيس المحكمة العليا القاضي الأعلى جون روبرتس. وسيحمل خطاب ترامب أبعاد سياستيه، الداخلية والخارجية، على رغم أن غالبية تعييناته تبقى عالقة في الكونغرس، بينها وزير الخزانة ستيفن مانوشن الذي مثل أمام مجلس الشيوخ أمس، متعهداً تطبيق كل العقوبات المفروضة على روسيا، إلا إذا توصلت إلى اتفاق مع الولاياتالمتحدة. وكان شون سبيسر، الناطق باسم ترامب، اتهم الديموقراطيين بممارسة «تكتيك التأخير» لعرقلة تثبيت مرشحين لمناصب حكومية، بينهم إلين تشاو وزيرة للنقل، وبن كارسون وزيراً للإسكان ونيكي هايلي مندوبة لدى الأممالمتحدة، علماً أن بنس أشار إلى أن التعاون الذي أبداه أوباما ونائبه جوزف بايدن «يجعل كل أميركي فخوراً». وأعلن تشاك شومر، زعيم الديموقراطيين في مجلس الشيوخ، أن المجلس سيصوّت اليوم على تعيين الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس وزيراً للدفاع، والجنرال المتقاعد جون كيلي وزيراً للأمن الداخلي. ويُرجّح تثبيت الرجلين بسهولة. وأشار إلى أن المجلس سيبدأ مناقشة ترشيح مايك بومبيو، وهو سيناتور جمهوري، لقيادة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي). وقال سبيسر إن الرئيس الأميركي المنتخب طلب من 50 موظفاً حكومياً في مناصب حساسة، البقاء في مناصبهم في إدارته، بينهم روبرت ورك، نائب وزير الدفاع، وبريت ماكغورك، المبعوث الأميركي لمواجهة تنظيم «داعش». وعمل ماكغورك في إدارتَي أوباما وبوش، وهو من الشخصيات المقربة من الحكومة العراقية ومن إقليم كردستان. وعيّن ترامب أمس آخر أعضاء إدارته، وهو حاكم جورجيا سوني بيردو، وزيراً للزراعة، فيما تبقى مناصب من الدرجة الثانية شاغرة في وزارات. ودعا سبيسر مراسلين إلى «انتظار إعلان» سيصدر في شأن نقل الولاياتالمتحدة سفارتها لدى إسرائيل، من تل أبيب إلى القدس، علماً أن ترامب كان تعهد ذلك خلال حملته الانتخابية. وقال سبيسر: «أوضح الرئيس بجلاء أن إسرائيل لم تحصل على الاهتمام أو الاحترام الذي تستحقه، في السنوات الثماني الماضية. ويعتزم أن يظهر فعلاً احترامه لإسرائيل وأهميتها في الشرق الأوسط». وسيقاطع ثلث النواب الديموقراطيين احتفال التنصيب الذي ستتشارك فيه هيلاري كلينتون وزوجها الرئيس السابق بيل كلينتون، والذي رجّحت السلطات أن يحضره 900 ألف شخص. وخصصت أجهزة الأمن أكثر من 28 ألفاً من أفرادها وعناصر الأجهزة السرية، لحماية المناسبة، وأغلقت مداخل العاصمة ووضعت سوراً حديدياً على جادة بنسلفانيا التي سيستقلّها موكب الرئيس اليوم، من مبنى الكابيتول إلى البيت الأبيض. وأشار وزير الأمن الداخلي جيه جونسون إلى أن «لا تهديد موثوقاً محدداً» يستهدف احتفال التنصيب اليوم، مستدركاً أن تدابير الأمن ستُشدد في شكل استثنائي، لإحباط هجمات بشاحنة، كما حدث في نيس وبرلين. وأضاف أن المناطق التي ستكون محظورة على المركبات، ستشهد «تحصينات إضافية»، باستخدام شاحنات محملة رملاً، وعربات مدرعة. وأفادت وكالة «أسوشييتد برس» بأن إيغور شوفالوف، نائب رئيس الوزراء الروسي، اعتبر أن ترامب لا يمكن أن ينجح إلا إذا «تعاون» مع موسكو، ودعاه إلى حضور منتدى رائد للاستثمار في بلاده، لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين الجانبين.