أثار الاتفاق الذي وقعته مجموعة «أم بي سي» و«اتحاد الإذاعة والتلفزيون» ردود فعل واسعة في مصر، لناحية توقيته والمكاسب التي سيحصل عليها الطرفان، خصوصاً أنه «يشمل العديد من الجوانب الإعلامية، منها الجانب البرامجي، وما يفتحه من بابٍ حول تبادل بعض ال «فورمات» و«الصِيَغ» البرامجية التي يمتلكها الطرفان لجهة حقوق الملكية الفكرية». وفيما أبدى بعضهم تأييده للاتفاق وتوقع أن يصبّ لصالح الطرفين والإعلام العربي، هاجمه آخرون لا سيما الفضائيات الخاصة المصرية التي اعتبرت أن التوقيت يثير الريبة ويطرح الشكوك. «الحياة» سألت أهل الاختصاص عن أبعاد هذا الاتفاق ولماذا كل هذا الهجوم عليه في الإعلام المصري. عميد كلية الإعلام في جامعة القاهرة حسن عماد رحّب بالاتفاق، مؤكداًِ أنه يصب إيجاباً لمصلحة التلفزيون المصري وشبكة «أم بي سي». وأشار إلى أن الإعلام دائماً ما يعتمد على التحالفات والكائنات الكبيرة، وهو ما يحدث في كل دول العالم. وأضاف: «الاتفاق يصبّ في مصلحة الطرفين اللذين يبحث كل منهما عن قصور يحاول أن يعوّضه لدى الطرف الآخر، وهو ما يؤهل الاتفاق ليكون جيداً وله منفعة بناء على تبادل الخبرات. فالتلفزيون المصري ذو الإمكانات الضخمة يحتاج إلى عملية تسويق واتفاق مصالح، وأيضاً تحتاج «أم بي سي» من التلفزيون المصري، المحتوى والكوادر الكثيرة التي يمتلكها». ورأى عماد أن نجاح الاتفاق سيعمل على الارتقاء بالصورة والمضمون في الإعلام المصري إذا أمكن البحث عن تسويق بعض البرامج وجذب الجمهور، وقد يساهم في تآكل كثير من الفضائيات في الإعلام المصري بناء على قاعدة أن الكائنات الكبرى تستطيع أن تلتهم الصغرى إذا اتحدت وتعاونت كما يحدث في أميركا وأوروبا. وفي السياق ذاته، اتفقت الناقدة الإعلامية والفنية ماجدة موريس مع الدكتور حسن عماد، في أن الاتفاق يأتي في إطار المصالح المشتركة التي يحتاجها كل جانب من الآخر. وقالت: «التعاون بين الطرفين سيكون مثمراً، خصوصاً أن «أم بي سي» من الشبكات الفضائية الرائدة التي انطلقت مع البث الفضائي». وأضافت: «هناك برامج تنتجها «أم بي سي» ليست موجودة في التلفزيون المصري، كما سيكون التعاون مثمراً في الدراما في ظل قلة الإنتاج التي يعاني منها التلفزيون منذ فترة والتي أثرت بسبب الاضطرابات التي تعاني منها مصر بعد الثورة، في كثير من الأكفاء العاملين به». واعتبرت موريس أن هذا الاتفاق تحرص كثير من الفضائيات المصرية على تفعليه مثلما يحدث بين قنوات «أون تي في» المصرية والتلفزيون الألماني و «بي بي سي» البريطانية. وأوضحت أن هناك اتجاهاً حاسماً لدى «أم بي سي مصر» في أن تكون قناة ترفيه من الدرجة الأولى تلبي طموحات المجتمع المصري الذي أصبح يحتاج إليها في هذا الوقت. في المقابل اعتبر أستاذ الإعلام في جامعة القاهرة صفوت العالم أن «توقيت الاتفاق غير ملائم ومريب في الوقت ذاته»، مبدياً معارضته له جملة وتفصيلاً. وقال ل«الحياة»: «عندما اطلعت على البيان الذي وزع للإعلام، توقفت عند أكثر من جملة فيه، واعتبرت أن هناك ازدواجية في الاتفاق، في وقت ستترك وزيرة الإعلام المصرية درية شرف الدين منصبها خلال أسابيع، ولن تستطيع أن تلزم القائمين على الإعلام، بما جاء في بنود الاتفاق من وصايا وبنود». وعلى رغم اتجاه كثير من الفضائيات الخاصة إلى ترويج برامج المنوعات اللبنانية والعالمية أيضاً، إلا أن صفوت العالم، اعتبر أن البرامج التي ستعمل «أم بي سي» على نشرها في التلفزيون المصري لن تتناسب مع الجمهور المصري مثل الدراما الهندية وبعض البرامج المنوعة التي لا يعرفها المجتمع المصري، بحسب وصفه. ورأى رئيس «اتحاد الإذاعة والتلفزيون» السابق سامي الشريف، أن من حق الاتحاد توقيع اتفاقات مع جهات مكافئة له، لكن الاتفاق الأخير لم يعرف شروطه أو الهدف منه. وقال: «الملاحظات العامة أن الاتحاد يمثل دولة كبيرة مثل مصر ويضم 23 قناة و17 إذاعة، ولهذا من الغريب أن يوقع اتفاقاً مع قناة سعودية خاصة، والسؤال يطرح نفسه ما الذي يقدمه الاتفاق؟ وما المقابل؟». وأضاف: «ما نتخوف منه هو حصول «أم بي سي» على تراث التلفزيون المصري والأرشيف الإذاعي الأغلى في العالم، والمسألة هنا تتعلق بالأمن القومي المصري، أما لو كان الهدف منه التدريب وتبادل الخبرات، فالقنوات الخاصة المصرية أولى بذلك». وأوضح الشريف أنه ضد توجيه أي اتهامات لوزيرة الإعلام في مصر أو أي مسؤول في شبكة قنوات «أم بي سي». وتمنى ضرورة وجود شفافية، منتقداً ما وصفه بالتعتيم الإعلامي الذي يتبناه الطرفان، وفقاً لرأيه. وفي سؤال حول اتفاق التلفزيون المصري مع «بي بي سي» البريطانية التي لم تسبب حالة الجدل التي سببها الاتفاق الأخير، قال الشريف: «اتفاق «بي بي سي» مع التلفزيون المصري ينص على تدريب العاملين والتبادل المشترك على مستوى البرامج، من دون التأثير في الإعلانات، وعندما تدرب «بي بي سي» فأهلاً بذلك، فالشبكة لها تاريخ وخبرات». وأشار إلى أن الاتفاق سيؤثر سلباً في سوق الإعلانات في مصر، بخاصة في رمضان، ما سبّب حالة من الغضب لدى الفضائيات الخاصة. أما رئيس قناة «أم بي سي مصر» محمد عبدالمتعال فاكتفى بالتعليق: «شبكة «أم بي سي» حريصة على توطيد التعاون مع الإعلام المصري، وهي شريك فعّال لصناعة الإعلام من جهة، ومع صناع الإعلام من جهة أخرى بما يعود بالنفع على المتلقي المصري من الخدمة الإعلامية المتنوعة والمتميزة».