شكّل المقاتلون الأكراد العمود الفقري ل «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) الذين خاضوا معارك تحرير المدينة من «داعش». وتشكّلت تلك القوات من فصائل عربية وكردية في تشرين الأول (أكتوبر) 2015، بهدف مواجهة التنظيم. وأثبتت منذ ذلك الحين فعاليتها وتمكّنت من طرده من مناطق واسعة في شمال سورية. وتعدّ «قسد» الحليف الأساسي للتحالف الدولي بقيادة واشنطن. وهي تتلقى منه دعماً بالغارات الجوية والتسليح والمستشارين، ما عزّز قدرتها على محاربة التنظيم المتطرف. وشكل هذا التحالف مع واشنطن عامل توتر كبير مع أنقرة التي لم تتردد في استهداف هذه القوات. وجاء تشكيل «قسد»، التي تضم نحو 30 ألف عنصر بينهم خمسة آلاف عربي إضافة إلى مقاتلين سريان وتركمان، بعدما تمكنت الوحدات الكردية بدعم أميركي من تحقيق انتصارات عدة على حساب «داعش»، أبرزها طردهم من مدينة كوباني (عين العرب) ومدينة تل أبيض الحدودية مع تركيا عام 2015. إلا أن هذا التقدم أثار توتراً مع فصائل «الجيش السوري الحر» التي اتهمت الأكراد بممارسة «التهجير القسري» بحق السكان العرب. كما أثار الدور المتزايد ل «قسد» مخاوف أنقرة التي تعد «وحدات حماية الشعب الكردية» منظمة «إرهابية» وامتداداً لحزب العمال الكردستاني. ومع طرد «داعش»، بدأت التساؤلات حول من سيحكم الرقة. ففيما تعتبر السلطات السورية أن الرقة ستدار من قبل السلطة المركزية في دمشق، ترى «قسد» أنها بالتعاون مع العناصر العربية التي حاربت معها أحق بإدارة المحافظة. وهو توجه تدعمه أميركا. وقال روبرت جونز نائب قائد «التحالف الدولي» لمحاربة «داعش»، إن التحالف «جاد بدعم مجلس الرقة المدني الموجود في عين عيسى، هو المجلس الذي سيدير الرقة، وسيحصل على ما يحتاج ليساهم بإعادة دورة الحياة إلى طبيعتها في المناطق المحررة من داعش». وتمّ الإعلان عن تشكيل «مجلس الرقة المدني» في نيسان (أبريل) 2017 برئاسة عربية- كردية مشتركة في بلدة عين عيسى شمال مدينة الرقة. ويرى المجلس المدني أنه الجهة الوحيدة المخوّلة بإدارة محافظة الرقة. وأوضح طلال سلو، أنهم سلموا فعلياً إدارة بعض البلدات المحيطة بمدينة الرقة إلى المجلس بعدما تم طرد عناصر «داعش» منها. ولم يلق الإعلان عن المجلس المدني حماسة لدى السلطات السورية أو المعارضة الممثلة بالائتلاف السوري المعارض. ويرى الائتلاف أن المجلس المدني مجرد واجهة ل «وحدات حماية الشعب الكردية»، ويخشى ضم المحافظة لاحقاً إلى الفيديرالية التي تم الإعلان عنها في شمال سورية أخيراً. وعلى رغم أن طرد التنظيم يعد مكسباً كبيراً، إلا أن هناك مخاوف من أن الخلافات حول من سيدير الرقة يمكن أن يعرقل جهود التسوية السياسية وإعادة الأعمار.