خطت «قوات سورية الديموقراطية»، وهي عبارة عن تحالف كردي - عربي مدعوم من الأميركيين، خطوة جديدة أمس نحو ترتيب أوضاع مدينة الرقة استعداداً لمرحلة ما بعد طرد تنظيم «داعش» منها، وأعلنت تشكيل «مجلس مدني» لإدارتها، في خطوة ربما تزيد غضب تركيا التي ترفض مشاركة الأكراد في تحرير هذه المدينة التي تُعتبر بمثابة عاصمة ل «داعش» في شمال شرقي سورية. وجاء الإعلان عن تشكيل المجلس المدني في وقت واصلت «قوات سورية الديموقراطية» هجومها على مدينة الطبقة في إطار خطة «عزل الرقة» ثم تحريرها، وهي الخطة التي بدأت مرحلتها الرابعة أخيراً وتمثلت في إنزال مظلي على الضفة الجنوبية لنهر الفرات سمح لعناصر التحالف الكردي - العربي، المدعوم بجنود من القوات الخاصة الأميركية، بالتقدم نحو الطبقة بعد السيطرة على مطارها العسكري. وتقع الطبقة على بعد نحو 40 كلم غرب الرقة، لكنها على الضفة المقابلة من نهر الفرات. ووزعت «قوات سورية الديموقراطية» تقريراً مصوراً أمس عن تقدم عناصرها داخل الطبقة وسيطرتهم على مقر الإذاعة فيها، كما وزّعت مشاهد لتمشيط قرية كبش الغربي التي تقع شمال غربي مدينة الرقة. ويوحي هذا التقدم بأن تحالف «سورية الديموقراطية» يحاول تضييق الخناق من الجنوب والغرب على مدينة الرقة، علماً أنه يحاول أيضاً تطويقها من الشرق ونجح فعلاً في الأسابيع الماضية في الوصول إلى ضفاف الفرات شرق الرقة وقطع الطريق الرئيسي الذي يصل بينها وبين مدينة دير الزور المعقل الآخر ل «داعش» في شرق سورية. وما زال التنظيم قادراً على استخدام طرق فرعية أخرى تربط بين معقليه، لكنها تتناقص يوماً بعد يوم. وتمكن التحالف المدعوم من الأميركيين أيضاً من قطع كافة الجسور التي تربط بين ضفتي الفرات في الرقة، ما جعل تنقل المدنيين وعناصر «داعش» محصوراً بقوارب صغيرة تُبحر بين ضفتي النهر. وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن اشتباكات عنيفة دارت صباح أمس بين «قوات سورية الديموقراطية»، مدعمة بغارات لطائرات التحالف الدولي، من جهة، وتنظيم «داعش»، من جهة أخرى، على محور قرية عايد الكبير بريف الرقة، إثر «هجوم معاكس» شنّه التنظيم «في محاولة للتقدم واستعادة السيطرة على مناطق خسرها قبل أيام». وتزامن ذلك مع إعلان تحالف «سورية الديموقراطية» - الذي يضم «وحدات حماية الشعب» الكردية - تشكيل «مجلس مدني» لإدارة الرقة بعد انتزاع السيطرة عليها من «داعش». وقال التحالف في بيان إن لجنة تحضيرية عقدت «لقاءات مع أهالي ووجهاء عشائر مدينة الرقة لمعرفة آرائهم حول كيفية إدارة مدينة الرقة». وقال الناطق باسم «قوات سورية الديموقراطية» العميد طلال سلو في كلمة خلال الاجتماع التأسيسي ل «مجلس الرقة المدني»: «نتعهد بمواصلة ما قطعناه على أنفسنا في تحرير مدينة الرقة ومحاربة الإرهاب وإزالة الغمامة السوداء عن شعبنا الأبي خلال حملتنا، حملة غضب الفرات، والتي بدأت تطرق أبواب المدينة تبشيراً بتحريرها». وتابع في الكلمة التي وُزّعت على موقع «قوات سورية الديموقراطية» على شبكة الانترنت: «إننا مستمرون بالسير على خطى شهدائنا للوصول إلى الهدف المنشود في تحرير شعبنا العظيم يداً بيد بتعاون أهلنا وقوات التحالف الدولي والمحافظة على أمن المنطقة واستقرارها». وبعدما هنأ أهالي الرقة بتأسيس مجلسهم المدني، قال: «نحن على ثقة تامة في قدرة المجلس على تحمّل مهماته وواجباته لخدمة أهلنا في الرقة لا سيما بعد الجهود الجبارة التي بذلت إلى الآن من قبل لجان هذا المجلس تجاه أهلهم في القرى والبلدات المحررة وذلك بعد تسلّمها لتلك القرى المحررة من قواتنا، قوات سورية الديموقراطية، خلال المراحل الثلاث الماضية (من حملة «غضب الفرات»)». وختم قائلاً إن «تحرير مدينة الرقة سيكون ضربة قاصمة وقاتلة للإرهاب الداعشي المقيت وداعميه». وكانت «رويترز» ذكرت الشهر الماضي أن الجناح العسكري ل «قوات سورية الديموقراطية» يساعد في تشكيل مجلس مدني لإدارة المدينة التي تمثّل قاعدة عمليات «داعش» في سورية. ولاحظت الوكالة أن مدى سيطرة الأكراد في مستقبل الرقة قضية حساسة بالنسبة إلى سكان المدينة وبالنسبة إلى تركيا التي تحارب تمرداً كردياً على أراضيها منذ ثلاثة عقود وتخشى تنامي سطوة «وحدات حماية الشعب» الكردية عبر الحدود في شمال سورية. وتقول الولاياتالمتحدة إنه لم يتم بعد اتخاذ قرار بشأن توقيت وكيفية انتزاع السيطرة على الرقة. لكن «قوات سورية الديموقراطية» تكثّف هجومها قرب المدينة لعزلها والسيطرة عليها في نهاية المطاف فيما تتشكل ملامح الحكم المدني لها. وأوردت شبكة «الدرر الشامية» السورية المعارضة أمس أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أكد الإثنين في أنقرة أن عملية «درع الفرات» التي شنّها الجيش التركي بالاشتراك مع فصائل «الجيش السوري الحر» شمال شرقي حلب، ليست الأخيرة في سورية بل هي الأولى. وكان رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم أكد في وقت سابق انتهاء عملية «درع الفرات»، معتبراً أنها حقّقت أهدافها على صعيد «مكافحة الإرهاب» وأنه سيتم إطلاق عمليات جديدة بأسماء مختلفة في حال دعت الضرورة إلى ذلك. وقالت أنقرة عند إطلاق «درع الفرات» إن هدف العملية محاربة تنظيم «داعش» و «وحدات حماية الشعب» الكردية.