هل عثرت منطقة اليورو أخيراً على الأداة اللازمة لوضع حد لأزمة الدين العام؟ لقد أسفرت قمة رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي، في الساعات الأولى من يوم السبت الماضي عن مفاجأة ضخمة حيث أفلح القادة السبعة عشر في التوصل إلى اتفاق حيال تعزيز ليس فقط الحوكمة الاقتصادية لمنطقة اليورو، بل أيضاً التضامن الاقتصادي بين الدول حيث قبلت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل أخيراً ما كانت تعتبره غير مقبول حتى الآن، من أجل مساعدة البلدان التي تتعرض لهجمات الأسواق المالية بالنجاة من الغرق. وشدد (الرئيس الفرنسي) نيكولا ساركوزي على «الدعوة الى قياس سعة القرارات المتخذة منذ شهر أيار (مايو) من العام الماضي». تم إنقاذ اليونان ثم إرلندا وإنشاء «الصندوق الأوروبي للاستقرار النقدي» الذي يحتوي على 440 بليون يورو، ومن ثم التبني الموقت ثم الدائم لمعاهدة اليورو التي تقيم حوكمة اقتصادية لمنطقة اليورو وتعزز استقرارها... وقال ساركوزي «ومنذ عام ونصف العام، ما كنا لنعتقد أننا سنصل الى كل هذا». لقد أدت فنلندا دور المحفز عبر تنبيه شركائها الى انها دخلت الفترة الانتخابية ولن تتمكن بالتالي من تلبية المزيد من الالتزامات خصوصاً بالنسبة الى المجلس الأوروبي المقبل الذي يُعقد يومي 24 و25 آذار (مارس). وكان يتعين قطع الاجتماع الذي بدأ يوم الجمعة قبيل منتصف الليل من أجل السماح بعقد الاجتماعات الثنائية. وتفاوض ساركوزي ومركل طوال أكثر من ساعة وجهاً لوجه، ما أتاح لهما التوصل الى حل وسط. في الختام، رفعت القدرة الفعلية للاقتراض من الصندوق الأوروبي للاستقرار النقدي الى 440 بليون يورو بعدما كانت 250 بليوناً. وأفضل من ذلك، ستخصص لآلية الاستقرار الأوروبية التي ستحل مكان الصندوق في حزيران (يونيو) 2013، خمسمئة بليون يورو. ووافقت برلين أيضاً على تهيئة المزيد من الوسائل للصندوق ولآلية الاستقرار الأوروبيين: فهاتان الهيئتان قادرتان على أن تلبيا حاجات الدول التي تواجه صعوبات، بدلاً من التزام الدول خطة تقشف صارمة، سواء من خلال الإقراض المباشر لدول تمر في صعوبات على غرار ما جرى مع إرلندا (أما اليونان فقد استفادت من قروض ثنائية)، أو من خلال الشراء المباشر «استثنائياً» الالتزامات المالية للبلد المحتاج. وفي وسعنا رؤية جنين «الالتزام الأوروبي»: سيقرض صندوق الأوروبي للاستقرار النقدي وآلية الاستقرار الأوروبية المال في الأسواق باسم منطقة اليورو لشراء القروض. في المقابل، تواصل المانيا معارضتها إعادة شراء القروض بواسطة الآلية الأوروبية من الأسواق الثانوية، أي أسواق إعادة البيع، على غرار ما يفعل منذ عام المصرف المركزي الأوروبي. عليه، أيدت أكثرية الدول الأعضاء، إضافة الى رئيس المصرف المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه، هذا الحل. ويبدو أن الحكومة الألمانية تقدر أن الأمر ينطوي على هدية تمنح الى المستثمرين الذين يريدون التخلص من التزاماتهم. وتخلت المستشارة أيضاً عن فكرة «معاقبة» البلدان التي تعاني من الصعوبات: ستكون معدلات الفائدة الأوروبية معادلة لما حدده صندوق النقد الدولي. في المقابل وافقت اليونان على تسريع خطة الخصخصة عندها والتي تشمل 50 بليون دولار من الأملاك العامة، ما يساعد على تقليص دينها من 350 بليون يورو إلى 300 بليون. أما إرلندا التي لم تتعاون التعاون الكافي، فلم تحظَ بالمعاملة الطيبة ذاتها. وحبة الكرز فوق الكعكة كانت إعلان تفضيل منطقة اليورو فرض «ضريبة على التحويلات المالية» على مستوى الاتحاد او منطقة اليورو فقط، وفق ما أعلن البرلمان الأوروبي. وهذه طريقة لحمل الأسواق على المشاركة في إعادة ترتيب الوضع المالي في دول الاتحاد. * مراسل، عن «ليبراسيون» الفرنسية، 14/3/2011، إعداد حسام عيتاني