اختار فنزويليون كثيرون شراء تذاكر باصات تقلهم إلى خارج البلاد، عشية تنظيم انتخابات حكام الولايات، ما يعكس قناعتهم بعدم جدوى الاقتراع. وفي محطة للباصات في العاصمة كراكاس، قال الشاب هوسيو (22 سنة) الذي قرر التخلي عن دراسته الهندسة المعمارية للبحث عن فرص جديدة في مكان آخر: «أخشى أن تقع مشكلة تمنعني من الخروج من فنزويلا». وكشف عالم الاجتماع والخبير في مجال الهجرة توماس بايز أن «أكثر من نصف مليون فنزويلي غادروا البلاد خلال السنوات الماضية، أي نحو 8 في المئة من السكان»، مشيراً إلى أن «لا قضية محددة وراء ذلك، لكن الأسباب الأهم هي انعدام الأمن ونقص الغذاء والدواء». وبعدما شكل الأغنياء الموجة الأولى من المهاجرين التي تسببت بها الأزمة الاقتصادية في فنزويلا، يغادر الفقراء الآن كذلك، «من أجل منح انفسهم فرصة لحل مشاكلهم في ظل شعورهم بأن لا حل للأزمة»، كما يقول الباحث الاجتماعي فرانسيسكو كويللو. ووفق دراسة عن الهجرة صدرت العام الماضي، تشكل الولاياتالمتحدة وإسبانيا وإيطاليا الوجهات الرئيسية بالنسبة إلى الشبان الفنزويليين المتعلمين. وفيما ينظر إلى الاقتراع على أنه اختبار لكل من الرئيس نيكولاس مادورو والمعارضة التي فشلت في إطاحته بعد شهور من تظاهرات أوقعت 125 قتيلاً، توقع خبراء أن تؤدي نسبة المشاركة الكبيرة للناخبين في فوز تحالف المعارضة «طاولة الوحدة الديموقراطية» في نحو 20 من الولايات ال23، ما يعني أنها ستكون المرة الأولى منذ عام 2000 التي سيضطر فيها الحزب الاشتراكي الحاكم على إدارة البلاد مع عدد كبير من حكام الولايات المعارضين. لكن الخبراء ذاتهم يستغربون إصرار مادورو على أن الاقتراع «سيعني قبولاً عاماً» بالجمعية التأسيسية التي شكلها في تموز (يوليو) ويسيطر عليها حلفاؤه، لانتزاع السلطة التشريعية من البرلمان الذي تهيمن عليه المعارضة. وأوضح مادورو أن حكام الولايات «يجب أن يؤدوا قسم اليمين الدستورية، ويخضعوا للجمعية التأسيسية» التي ترفض المعارضة الاعتراف بها. إلى ذلك، أبدى صندوق النقد الدولي قلقه الشديد من الأزمة السياسية المستمرة في فنزويلا، محذراً من عدم وجود حل للتراجع الاقتصادي ومعاناة السكان. وأوضح في تقرير عن اقتصادات دول أميركا اللاتينية أنه «بحلول نهاية السنة، سيكون اقتصاد فنزويلا تراجع بنسبة 35 في المئة مقارنة بعام 2014»، محذراً من أن البلاد تسير نحو تضخم مفرط تتزايد فيه الأسعار يومياً في شكل خارج عن السيطرة». ولفت أيضاً إلى أن النقص في السلع والأزمة السياسية «يؤثران سلباً في حد كبير على السكان، والخطر الأساسي على المنطقة يرتبط بالأزمة السياسية ونزوح السكان إلى دول مجاورة». وصرح روبرت رينهاك، نائب مدير إدارة نصف الكرة الغربي في الصندوق، بأن «اللاجئين القادمين من فنزويلا جانب مؤسف للأزمة التي تعتبر في غاية الخطورة، لأنهم يشكلون ضغوطاً على الخدمات الاجتماعية في الدول المجاورة». وأضاف أن «الحكومة الكولومبية تتدبر الأمر بقدر المستطاع، لكن إذا قدِم نصف مليون فنزويلي إلى كولومبيا سيتعين على الحكومة التعاطي مع أمر يسبب مشكلات كثيرة».