لفت مراقبون في إسرائيل إلى أن تعقيب مكتب رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو على المصالحة بين «فتح» و «حماس» جاء «معتدلاً» نسبياً قياساً بمواقفها السابقة من مصالحات تمت في الماضي، وحتى مقارنةً ببيان صادر قبل أسبوع حول الموضوع ذاته حين أعلن نتانياهو في احتفال للمستوطنين بأن إسرائيل «لن نقبل مصالحة مزيفة يتصالح فيها الفلسطينيون على حساب وجودنا». وأشاروا إلى أن البيان مساء أول من أمس لم يخلُ من اللغة الديبلوماسية، بتشديده على أن إسرائيل «ستدرس التطورات ميدانياً وتتحرك طبقاً لها». وجاء في البيان مساء الخميس أن أي مصالحة بين السلطة الفلسطينية و «حماس» يجب أن تتضمن الالتزام بشروط الرباعية الدولية بما فيها قبول الاتفاقات الدولية والاعتراف بإسرائيل وتخلي حركة «حماس» عن سلاحها». وأضاف أن مواصلة حفر الأنفاق في القطاع وإنتاج الصواريخ والمبادأة بعمليات إرهابية ضد إسرائيل تتنافى وشروط الرباعية الدولية وجهود الولاياتالمتحدة لاستئناف عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، و «إسرائيل ستعارض أي مصالحة تخلو من هذه الشروط». وبشكل غير رسمي أضافت إسرائيل شروطاً مثل إعادة جثماني جندييهما المحتجزين لدى «حماس» منذ حرب العام 2104 والمواطنيْن اللذين دخلا القطاع قبل ثلاثة أعوام. وقال موظف كبير في مكتب رئيس الحكومة أن إسرائيل ستظل ترى في «حماس»، طالما لم تتخلَّ عن سلاحها وتواصل دعوتها للقضاء على إسرائيل، مسؤولة عن أي عمل إرهابي ينطلق من القطاع. وتابع أن إسرائيل تؤكد أن السلطة الفلسطينية لن تتيح أي احتمال لنشاطات إرهابية تقوم بها «حماس» من أراضي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربيةوغزة على السواء، في حال تسلمت السلطة المسؤولية عن القطاع أيضاً. وهاجم زعيم المستوطنين وزير التعليم نفتالي بينيت الاتفاق وانتقد ضمنياً رئيس الحكومة على بيانه بقوله إنه «لا حق لنا أخلاقياً بالتأتأة أو الانبطاح، يحظر علينا أن نكون شركاء ضمنياً في إضفاء الشرعية على حركة حماس». في المقابل، اعتبرت وزيرة الخارجية سابقاً النائب في المعارضة تسيبي ليفني تدخل مصر ودخول السلطة الفلسطينية إلى القطاع «فرصة للتغيير»، لكنها أضافت أنه «طالما بقيت حماس حركة إرهابية مسلحة، فإن المصالحة الفلسطينية تمنح الشرعية للحركة وللإرهاب ولا تسيطر عليها». إعلامياً، تصدرت المصالحة عناوين الصحف العبرية واستأثرت باهتمام كبار المعلقين الذين شككوا معظمهم في أن تصمد المصالحة، لكنهم دعوا إسرائيل إلى عدم العمل على إجهاضها أو إعلان موقف معارض لها «كي لا تظهر أمام الرأي العام العالمي كمن ترفض السلام». وكتب أحدهم أنه يجدر بإسرائيل أن تدع الفلسطينيين يجهضون الاتفاق بأنفسهم. ورأى المراسل السياسي في الإذاعة العامة أمير بار شالوم أن إسرائيل تعمّدت لغة حذرة تفادياً لإحراج مصر التي تربطها بها علاقات أمنية وطيدة، «لكنها في الوقت ذاته قالت بوضوح إن هذا الاتفاق لن يمنعها من الرد عسكرياً على أي انتهاك لسيادتها يأتي من قطاع غزة. واتفق معه نظيره في صحيفة «هآرتس» باراك رافيد، الذي أضاف أن لهجة البيان المعتدلة «المفاجئة» موجهة أيضاً للإدارة الأميركية التي سبق لموفدها إلى الشرق الأوسط جيسون غرينبلات أن أعلن قبل أسبوعين أن الولاياتالمتحدة تنتظر مصالحة فلسطينية لتتمكن من استئناف عملية السلام. وزاد أن الحكومة الإسرائيلية تبنت هذه المرة موقف المؤسسة الأمنية الداعم عودة السلطة الفلسطينية للحكم في القطاع حتى إن لم يكن بشكل كامل لأن الأمر يخدم مصالح إسرائيل الأمنية. وحمل معلقون في الشؤون العسكرية على عدم تضمين الاتفاق بنداً واضحاً يقضي بتخلي حركة «حماس» عن سلاحها واعتبروه عدم إقامة شأن لإسرائيل والرباعية الدولية. ورأى المعلق في «يديعوت أحرونوت» أليكس فيشمان أن موافقة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) على الاتفاق مرده رغبته في أن يظهر للولايات المتحدة أنه يسيطر على القطاع، «لكن سيطرته عليه من دون السيطرة على سلاح حماس تُديم حقيقة أنه ليس أكثر من بطة عرجاء». ولفت الكاتب إلى أنه في حال صمد الاتفاق أكثر من ثلاثة أو أربعة أشهر، فإن إسرائيل لن تكون قادرة على التعايش معه لأنه سيلزمها بالتنازل عن سياسة الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، «وهو فصل أتاح لها التهرب من العملية السياسية، بداعي أن «أبو مازن» لا يمثل الشعب الفلسطيني كله ولذلك لا يمكنها تقديم تنازلات».