انتهى البند الأول من الخطة المُعدّة لمواجهة الانقلاب والسلاح مع انتهاء الاحتفال الجماهيري الحاشد لقوى الرابع عشر من آذار وأسدل الستار معها على عملية رص الصفوف وتوحيد الكلمة وتحديد الهدف المنشود وتصويب الصراع القائم، وبالتالي فإن الانتقال إلى البند الثاني من المواجهة السلمية يرتكز على أساسات متعددة تحمل في طياتها معارضة شرسة وخطوات تصعيدية تُحاكي في شكلها ومضمونها كل الثورات التاريخية على الظلم والقهر والاستبداد. «حزب الله» يدرك جيداً أن المعركة الحالية تُدار بحكمة ودهاء وأن الفريق الآخر تلقف سريعاً حجم التحولات في العالم العربي وركب موجة الثورات الشبابية المتلاحقة، بل وأدرك أيضاً أنه أعطى خدمة كبيرة وغير محسوبة عندما أقدم على إقصاء سعد الحريري بهذه الطريقة وبقوة السلاح، ما أدى إلى تحريره من اللغة الديبلوماسية التي يفرضها عليه موقع الرئاسة الثالثة، الأمر الذي منحه قدرة كبيرة على التحرك والرفض وإعادة الزخم إلى صفوف الجماهير «المتململة» والمنضوية ضمن فريق الرابع عشر من آذار... وبخلاف ما يبثه إعلامهم، فإن «حزب الله» يعرف جيداً أن معركة من هذا النوع ستسبب ضرراً كبيراً وأن هامش التحرك لديه في هذه المرحلة يكاد يكون مستحيلاً، خصوصاً أن القرار الاتهامي يقرع الأبواب في ظل ساحة داخلية باتت مهيأة لاتهامه باغتيال الرئيس رفيق الحريري، وبالتالي فإن أي حركة غير محسوبة قد يُقدم عليها «حزب الله» ستضعه في «خانة اليك» وأن الصمت في الوقت الراهن هو أفضل الممكن ولكنه لن يصمت طويلاً. فريق الرابع عشر من آذار يعلم علم اليقين أن أي سلاح سيصوّب الى صدر «حزب الله» سيعطي الحزب مشروعية إضافية وسيرسخ مبدأ العمالة والخيانة وستكون أيضاً معركة عسكرية فاشلة نظراً الى قدرته العسكرية الهائلة. لذا قررت هذه القوى أن تواجه الحزب بتصرفاته وأن تُلقي الضوء على مُمارساته الميليشيوية وتُطلق العنان لوسائل إعلامها وكتّابها ومفكريها بغية تفنيد هذه الممارسات تمهيداً لوضع اليد على الجرح وإظهار حجم الخطر الذي يُمثله هذا السلاح في شكله ومضمونه، وبالتالي فإن معركة السلاح في وجه الأقلام والإعلام والأفكار ستكون معركة خاسرة لن يُقدم عليها «حزب الله».