تحمل أنباء الحصار وحظر التجول المتكرر على بلدة عورتا الفلسطينية، رسالة بالغة الدلالة، ودرساً نتعلمه بسرعة من أهالي عورتا وشقيقاتها من البلدات والقرى التي تقف على خط المواجهة الساخن يومياً مع بلطجية الاحتلال. أما الرسالة فهي ليست من عندنا، إنها من عندهم: الاحتلال والحاخامات ونتانياهو ووسائل الإعلام في إسرائيل. والرسالة تقول نكرهكم أكثر يا فلسطينيين عندما تظهرون رفضكم لجريمة قتل عائلة فوغل في مستوطنة يتمار. هذه المستوطنة التي بنيناها بقوة السلاح على أراضي عورتا. فبدلاً من أن تردوا علينا بمنطق المذبحة بالمذبحة. تشهرون علينا سلاحاً لم يكن معروفاً لدينا عنكم: إنسانيتكم. كيف تتجرأون على القول «لم نفعلها» وتتنصلون منها؟ كيف تجرأون على القول إن دم عائلة فوغل في رقبة الاحتلال ورقبة الحاخامات الذين يحلمون بيوم الخلاص التوراتي في أرض «نظيفة» من الأغيار؟ من يحرضكم على نزع الخوف من قلوبكم؟ أهي مصر 25 يناير التي سلبت منا «كنزنا الإستراتيجي»؟ أم هي تونس بوعزيزي الذي استلهم «انتفاضته» من انتفاضاتكم الفاشلة؟ أم هم شباب الفايسبوك عندكم؟ لن يخدعنا شبابكم. فنحن نعرف، من مخابراتنا الموثوقة، أن حراك شباب الفايسبوك في غزة ورام الله ونابلس وبيت لحم، ضد الانقسام، هو مجرد تمرين لجركم الى مواجهتنا من جديد! أنسيتم ما فعله جيشنا بكم في عملية السور الواقي؟ أنسيتم أننا نحن فقط من يحتكر الحق بالحديث عن آلام الضحية؟ ونسيتم أننا ولأننا ضحايا الحقب الحديدية الأوروبية الغابرة، يحق لنا أن نشعر بالذنب ،»لأننا لم نعاقب الفلسطينيين أكثر، ولأننا لم ندمر مساجد أكثر، ولأننا لم نقتلع أشجار الزيتون أكثر، ولأننا لم نصادر أراضي أكثر! ولأننا لم نقتل منكم أكثر! كما قال حاخامنا الموقر يونا ميتزيغر في مراسم دفن عائلة فوغل. كيف لكم أن تحرمونا من سرد روايتنا في «سي أن أن» و «بي بي سي»؟ وهل تصدقوننا بأننا نبحث، في عورتا، عن «مشبوه» أو مشبوهين بعملية قتل عائلة فوغل؟ إننا نريد إعادتكم الى مربع الخوف الذي بدأناه معكم، بحد سيف داود منذ 44 عاماً؟ فها هو جيشنا المظفر يعاود استئناف لعبته المفضلة التي يسميها وزير جيشنا «القبضة الحديدية» في عورتا. نتانياهو لا يؤمن إلا بمنهج القوة والردع ليبني مشروعه. لماذا الردع؟ تسألون؟ كي نمنعكم من التحرر من الخوف الذي تحاول عورتا تحريضكم عليه عبر الأثير. إن ما يفعله جيشنا في عورتا، هو مناورة لوجستية تسعى لاختبار ما تعلمتموه من ثورات المنطقة.