دبت خلافات حادة في الجماعة الإسلامية بعد أيام قليلة من إطلاق الإسلاميين عبود وطارق الزمر، واتهم مجلس شورى الجماعة قيادات فيها بنقض مبادرة وقف العنف، التي تم بمقتضاها وقف ملاحقة قيادات وأعضاء الجماعة مقابل تخليها عن السلاح بعد سنوات من الصراع مع الدولة، وهو ما نفاه ل «الحياة» قيادي فُصل من الجماعة وقال إن «الأمر لا يعدو كونه محاولة للسيطرة على قيادة الجماعة أو اغتصابها». وكان مجلس شورى الجماعة قرر أمس فصل القيادي صفوت عبد الغني ووقف عضوية الشيخ عصام دربالة. وذكر بيان للمجلس أن الجماعة «أطلقت مبادرتها الشهيرة لوقف العنف ودشنت معها عودتها إلى وسطية الإسلام وواقعيته، وتركت إلى غير رجعة بهذه المبادرة العنف عملاً وفكراً». وأضاف البيان: «اليوم ثبت لدينا بالدليل القاطع سعى قلة من الجماعة إلى العودة الى فكر ما قبل المبادرة، ومحاولة تحويل فكر الآخرين إلى مرحلة ما قبل المبادرة عن طريق عقد لقاءات مع عدد من الإخوة وحضهم على ترك فكر المبادرة ولذا قررنا الآتي فصل الأخ صفوت عبد الغني من الجماعة الإسلامية وكذلك كل من يثبت عليه عودته إلى فكر ما قبل المبادرة ووقف الشيخ عصام دربالة من عضوية مجلس شورى الجماعة الإسلامية لحين التحقيق معه». وأشار البيان إلى أن «الشيخ عبود الزمر أدلى بتصريحات كثيرة هذه الأيام تخالف فكر المبادرة، وهذه الآراء لا تمثل الجماعة الإسلامية لكنها تمثل في المقام الأول أصحابها مع تقديرنا الشخصي لهم، والجماعة الإسلامية غير مسؤولة عن أي أحد يطرح فكراً مخالفاً لفكر المبادرة». ونصحت «الأوفياء من أبناء الجماعة الإسلامية بعدم نقض العهود التي عاهدوا الله عليها». وشكل مجلس الشورى لجنة من القيادات الوسطى لتنفيذ سياسات المرحلة التي يضعها المجلس في المرحلة المقبلة والإعداد لانتخابات حرة نزيهة في المرحلة المقبلة من القاعدة إلى القمة، مشدداً على أن «المبادرة لم تكن صفقة مع نظام، ولم تكن دوراناً حول حكومة، ولكنها دوران حول الشريعة الغراء، وتجارة مع الله في المقام الأول والأخير»، وأن الجماعة الإسلامية «ستظل على عهدها مع الله ثم مع المجتمع وستظل متمسكة بكل سبل الدعوة السلمية فكراً وسلوكاً وستكمل مسيرتها في هداية الخلائق وإصلاح المجتمع». لكن القيادي المفصول صفوت عبد الغني قال ل «الحياة» إن بيان مجلس الشورى باطل تماماً وعار من أي شرعية «لأنه اتخذ من دون إجراء تحقيق، ومن اتخذه 4 فقط من أعضائه ما يعني أن النصاب القانوني غير مكتمل وبالتالي يسقط القرار (...) لا يصح أن يكون متخذ القرار هو الخصم والحكم في آن». وأضاف: «الخلف مرتبط بإعادة الهيكلة، نريد اختيار قيادة الجماعة عبر انتخاب حر مباشر ونرفض السيطرة عليها وهناك أصوات ترفض هذا التوجه بزعم مبررات واهية وتصر على إدارة الأمور على ما هي عليه وترفض المؤسسية، ومن هنا جاءت الخصومة». وقال عبد الغني: «لم نكن أبداً ضد المبادرة، فنحن داعمين لها وأقوى منهم في التوجه السلمي (...) هم لم يكشفوا عن حقيقة الخلاف وأرادوا ترويع الناس منا لكننا نؤكد أننا أشد منهم تمسكاً بفكر ونهج المبادرة». واعتبر أن القرار «ما هو إلا محاولة لقطع الطريق على إعادة هيكلة الجماعة»، موضحاً أنه والمجموعة الداعمة إعادة الهيكلة ستدعو إلى جمعية عمومية لتحديد من المسؤول عن إدارة شؤون الجماعة. ورد منظر الجماعة الإسلامية الرجل الثاني فيها الدكتور ناجح إبراهيم بأن هناك مجموعة داخل الجماعة تريد «تبديل فكر المبادرة، ونحن نرفض ذلك»، وتساءل: «نعود لفكر غير سلمي مع شباب جديد في ظل انفلات أمني، فماذا ستكون النتيجة؟». وقال ل «الحياة»: «هم يقولون نريد الفكر القديم مع عدم استخدام السلاح، لكن هذا الفكر مع الجيل الجديد في ظل الأوضاع الراهنة سيفجر العنف قطعاً، فالفكر المتشدد سيولد تصرفاً متشدداً». وأوضح أن صفوت عبد الغني لم يقف عند حد الكلام فقط بل اتصل بأعوان وجمعهم وأبلغهم بأن المبادرة مرحلة سقطت بسقوط النظام. وأضاف إبراهيم: «المبادرة لم تعقدها الجماعة مع النظام حتى تسقط بسقوطه لكنها عهد مع الله أولاً والتزام تجاه المجتمع (...) هم رؤيتهم مختلفة، فمن غير الممكن أن تتبنى فكراً متشدداً ولا يتولد العنف».