أعلن العراق أمس وفاة الرئيس السابق الزعيم الكردي جلال طالباني عن 84 سنة، تاركاً خلفه انقساماً كردياً يزداد اتساعاً حول الموقف من الاستفتاء على انفصال كردستان، وبدأت السليمانية، معقل الراحل الذي يوصف بأنه «إطفائي الحرائق» تتراجع عنه، في مقابل دعوة أطلقها رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى «إدارة مشتركة لكركوك والمناطق المتنازع عليها على أن تكون لبغداد» السلطة المطلقة في إطار هذه الترتيبات». وفيما قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن أنقرة ستتشدد أكثر في معاقبة كردستان إذا لم تتراجع عن الاستفتاء، أعلن البنك المركزي العراقي أنه أخطر حكومة الإقليم أمس بأنه سيتوقف عن بيع الدولارات الى المصارف الكردية الأربعة الرئيسية، وسيوقف كل التحويلات بالعملة الصعبة إلى المنطقة المتمتعة بحكم ذاتي. وطالباني الذي يعرف عراقياً بأنه «صمام أمان» و «إطفائي الأزمات» تردد اسمه كثيراً خلال الأيام الماضية، خصوصاً وسط انصاره المنقسمين على أنفسهم منذ مرضه قبل سنوات، وحول ما بات يوصف ب « تفرد زعيم الإقليم مسعود بارزاني بالقرار الكردي». وقبل ساعات من إعلان وفاة طالباني، أصدرت زوجته هيرو إبراهيم التي تعد من أبرز قادة «حزب الاتحاد الوطني»، بياناً شديد اللهجة وجته إلى بارزاني ودعته إلى التراجع عن «خطأ الاستفتاء»، واعتبرت المجلس الذي شكله بديلاً ل «مجلس الاستفتاء» على الانفصال، «مجلس قيادة ثورة»، في اشارة الى حكم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. وأخذت عليه عدم الاستماع الى تحذيرات دولية، وقالت إن «الشعب الكردي يدفع ضريبة التحدي الذي أقدم عليه» بارزاني. وسبق بيان ابراهيم، إعلان من القيادي البارز في حزب طالباني برهم صالح انفصاله عن الحزب وتأسيس تيار باسم «الديموقراطية والبناء» لتصحيح مسار الأحزاب في الإقليم. من جهة أخرى، انتقدت حركة «التغيير» «تفرد بارزاني بالقرار» واتهمته بأنه وراء «الأزمة المالية والفراغ القانوني وعدم وجود العدالة الاجتماعية ووضع حياة المواطنين والسلم الاجتماعي على محك خطر كبير، وهذا كله نتيجة السياسة الفاشلة التي مارستها السلطة المحلية على مدى خمس وعشرين سنة». هذه المواقف الكردية، خصوصاً في السليمانية، أخذت تبتعد شيئاً فشيئاً عن مواقف بارزاني المتمسك بالاستفتاء، والمراهن على تفكك الإجماع الإقليمي والدولي على رفضه. وقرر نواب السليمانية من حزبَي «الاتحاد الوطني» و «التغيير» كسر المقاطعة الكردية للبرلمان الاتحادي، على رغم تعرضهم أمس للإهانة، عندما رفض نواب «التحالف» الشيعي، دخولهم إلى قاعة المجلس وطالبوا بتعليق عضويتهم بحجة تصويتهم في «استفتاء غير دستوري». أما خبر وفاة طالباني الذي يحظى باحترام شعبي ورسمي فخلق أجواء من التعاطف مع حزبه ومع معقله في السليمانية، ويتوقع مراقبون أن يتحوّل مجلس عزائه، الذي سيحضره كبار المسؤولين ورجال الدين، إلى ورشة سياسية لإيجاد حل للأزمة التي خلّفها الاستفتاء.