نظم آلاف الأكراد الإيرانيين مسيرات في الشوارع دعماً لاستفتاء الاستقلال الذي أجرته السلطات الكردية في شمال العراق، وتحدوا بذلك استعراضاً للقوة من جانب السلطات الإيرانية التي حلقت طائراتها الحربية في سماء المناطق الكردية. وندد المسؤولون ووسائل إعلام في إيران بالاستفتاء الذي أجري أمس (الإثنين) واعتبروه تهديداً للاستقرار الإقليمي مؤيدين بذلك الضغوط التي فرضتها بغداد وتهديدات إيران وتركيا وتحذيرات المجتمع الدولي من أنه قد يشعل فتيل صراع جديد في الشرق الأوسط. وعلى رغم سنوات القمع الرسمي للمعارضة، راح السكان في عدد من المدن الكردية الرئيسة في شمال غربي إيران يرقصون في حلقات مساء أمس وهم يرددون هتافات الإشادة بالحركات القومية الكردية. وأظهرت مقاطع مصورة نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي قائدي السيارات وهم يطلقون أبواق سياراتهم ابتهاجاً والناس يصفقون في مدينتي مريوان وبانه. وكان كثيرون يرتدون أقنعة حتى لا تتعرف عليهم قوات الأمن. ويعيش في دول المنطقة حوالى 30 مليون كردي ليس لهم دولتهم الخاصة. ويعيش منهم ما بين ثمانية وعشرة ملايين في إيران، وتخشى طهران تنامي الضغوط الانفصالية بين أفراد أقلية لها تاريخ طويل في الكفاح من أجل حقوقها السياسية. وحاول رجال الشرطة المنتشرون السيطرة على الجماهير المبتهجة. وترددت تقارير عن وقوع اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن في مدينتي مهاباد وصنندج. وفي صنندج، رفع المتظاهرون علم كردستان الذي يمثل رمزاً محظوراً لرغبة الأكراد في الاستقلال. وقال عضو في «الحزب الديموقراطي» لكردستان الإيرانية، وهو جماعة مسلحة علمانية تشن هجمات من حين لآخر في إيران، يدعى زاريبار ومن سكان مريوان «هذا الاستفتاء سيشجع الأكراد الإيرانيين على أن يكونوا أكثر تصميماً على المطالبة بحقوقهم». وأضاف زاريبار الذي امتنع عن ذكر اسمه بالكامل «هذا الاستفتاء ليس تهديداً لجيران العراق، لكنه نقطة انطلاق لحل مشكلات الأكراد وخصوصاً في إيران». وأعلنت إيران فرض حظر على الرحلات الجوية المباشرة من وإلى إقليم كردستان العراق أول من أمس بناء على طلب الحكومة المركزية في بغداد، ودعت الدول المجاورة كافة إلى فرض حصار بري على الإقليم شبه المستقل. وحلقت مقاتلات الجيش الإيراني فوق الأقاليم الغربية في إيران في إطار مناورة عسكرية. مطبات على الطريق وعلى رغم أن كثير من أكراد إيران يودون تطبيق نموذج الاستفتاء، فإن طريقهم إلى الحكم الذاتي أو الاستقلال أصعب بكثير في ظل نظام الحكم الحالي. فمنذ عشرات السنين يعمل الحرس الثوري على قمع الاضطرابات في المناطق الكردية، كما أن القضاء المعروف بتشدده أصدر أحكاماً بالسجن مدداً طويلة أو حتى بالإعدام على كثير من الناشطين. وأرسلت إيران قائد الحرس الثوري قاسم سليماني إلى شمال العراق الأسبوع الماضي في محاولة أخيرة لإقناع حكومة إقليم كردستان بالامتناع عن إجراء الاستفتاء، لكنها فشلت. ولم تعلن نتائج الاستفتاء بعد، لكن من المتوقع أن تكون موافقة مدوية على الاستقلال. وبالنسبة إلى الدولة الإيرانية يمثل الاستفتاء على مطلب الأكراد بإقامة دولتهم المستقلة «مؤامرة صهيونية» ترمي إلى زعزعة استقرار المنطقة. وقالت صحيفة «كايهان» التي تربطها صلات وثيقة بالمرشد علي خامنئي «ذلك الرأي أن شعباً راحلاً مشتتاً لن يجد السلام إلا إذا وجد وطناً كان لب الفلسفة وراء قيام إسرائيل». وانتقد رجل الدين الإيراني أبو الفضل نجفي طهراني المعاملة التاريخية للأكراد في المنطقة بأسرها. وقال نجفي الناشط السياسي من طهران «من المؤسف في العراقوإيران وتركيا أن الحكومات المركزية لم تقدم للأكراد وغيرهم من سكان المناطق الحدودية تسهيلات الرعاية والتنمية الاقتصادية التي يستحقونها. ولهذا لا يريد الأكراد حكم أي من الحكومات المركزية».