استبق رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الاستفتاء الذي أجراه إقليم كردستان العراق أمس (الإثنين) واعتبره «غير دستوري»، ورفض التفاوض مع حكومة الإقليم على نتيجته، في حين اتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رئيس الإقليم مسعود بارزاني ب «الخيانة»، وحذر من أن أكراد العراق «سيتضورون جوعاً عندما تمنع تركيا شاحناتها من عبور الحدود». ومن المتوقع أن تكون نتيجة الاستفتاء التصويت ب «نعم» لمصلحة الاستقلال بغالبية مريحة. ويهدف الاستفتاء غير الملزم إلى منح تفويض لرئيس الإقليم لإجراء مفاوضات على الانفصال. وأجرى إقليم كردستان الاستفتاء في تحد للمجتمع الدولي، ووسط رفض من دول الجوار الاعتراف بنتائجه. وقال العبادي في كلمة متلفزة مساء أمس، ان الحكومة المركزية في بغداد لن تجري مفاوضات مع حكومة إقليم كردستان بشأن نتيجة الاستفتاء. وأضاف «نحن غير مستعدون لنتناقش أو نتحاور حول نتائج الاستفتاء لأنه غير دستوري وغير شرعي». وانضم جنود عراقيون إلى القوات التركية في مناورات عسكرية في جنوب شرقي تركيا قرب الحدود مع العراق اليوم، بينما ينسق البلدان خطواتهما للرد على استفتاء بشأن استقلال أكراد العراق. وسارت مجموعة صغيرة من الجنود رافعين العلمين العراقي والتركي، عبر سهل تجرى فيه المناورات التي بدأت الأسبوع الماضي على بعد أربعة كيلومترات من بوابة الخابور الحدودية. واتهم الرئيس التركي رئيس إقليم كردستان ب «الخيانة»، وهدد بغلق خط أنابيب نقل النفط من شمال العراق إلى العالم الخارجي، في تصريحات متلفزة تعد الأكثر حدة بشأن الاستفتاء. وقال أردوغان «حتى اللحظة الأخيرة لم نتوقع أن يرتكب البرزاني خطأ إجراء الاستفتاء لكننا كنا مخطئين فيما يبدو»، مضيفاً أن «قرار الاستفتاء هذا الذي اتخذ دون أي مشاورات يعد خيانة». وفي وقت لاحق، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو إن بلاده ستقيم كل الطلبات التي تقدمت بها الحكومة المركزية العراقية، بما في ذلك إجراء عملية مشتركة مع العراق. وقال في حديث لتلفزيون «24» التركي: «سنقيم طلبات العراق. كل شيء، بما في ذلك العمليات المشتركة، مطروح على الطاولة». وأضاف أن ما من سبب يدعو تركيا لإغلاق معبر الخابور الحدودي مع شمال العراق. من جهتها، أعلنت الولاياتالمتحدة أنها أصيبت ب «خيبة أمل عميقة» بسبب الاستفتاء، وأكدت انه «سيزيد من انعدام الاستقرار والمصاعب» في الإقليم، بينما كررت تركياوإيران رفضها له، وأكدت أنقرة أن أردوغان سيتوجه إلى إيران لبحث المسألة في زيارة يرافقه فيها رئيس الأركان. وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر نويرت ان الحرب ضد تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) «لم تنته، والتنظيمات المتطرفة تسعى إلى استغلال انعدام الاستقرار والخلاف». وأضافت «نعتقد انه يتعين على جميع الأطراف ان ينخرطوا بطريقة بنّاءة في حوار من أجل تحسين مستقبل كل العراقيين»، مشددة على أن «الولاياتالعراقية تدعم عراقاً موحداً وفيديرالياً وديموقراطياً ومزدهراً». من جهتها، أعلنت إيران أن الحدود البرية مع كردستان العراق لا تزال مفتوحة، لتتراجع بذلك عن تصريح سابق للناطق باسم وزارة الخارجية. وجاء في بيان للوزارة انه «في الوقت الراهن، المجال الجوي فقط مغلق بين إيران وهذه المنطقة». وكانت طهران أعلنت الأحد تعليق جميع الرحلات الجوية نحو مطاري أربيل والسليمانية وكل الرحلات التي تنطلق من كردستان العراق وتعبر أجواء إيران. وقال قاسمي ان «إيران متمسكة بوحدة أراضي العراق وسيادته الوطنية وتطوره الديموقراطي. وكل عمل يخالف هذه المبادئ يمكن أن يلحق الضرر بالجميع، وخصوصاً الأكراد». وفي إسرائيل، قال مسؤولان إن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو منع مسؤولي الحكومة من التعليق على الاستفتاء. ورفض وزير إسرائيلي التعليق على الاستفتاء وقال «بيبي (نتانياهو) طلب منا عدم التعليق». وأكد مسؤول آخر صدور هذا القرار وقال إن الموضوع «بالغ الحساسية». ورفضت سورية للمرة الأولى الاستفتاء، وقال وزير الخارجية وليد المعلم: «نحن في سورية لا نعترف إلا بعراق موحد ونرفض أي إجراء يؤدي إلى تجزئة العراق... هذه خطوة مرفوضة ولا نعترف بها، وبالأمس أبلغت وزير الخارجية العراقي هذا الموقف»، بحسب «الوكالة العربية السورية للأنباء» (سانا). من جهته، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش أمس عن قلقه من احتمال أن يسفر الاستفتاء إلى «زعزعة الاستقرار». ودعا بغداد وسلطات إقليم كردستان إلى حل خلافاتهم عبر الحوار. وحض سلطات الإقليم على ضمان أن بعثة الأممالمتحدة في العراق «سيسمح لها بالاستمرار من دون أي عراقيل». قال الناطق باسم جامعة الدول العربية محمود عفيفي، إن أمينها العام أحمد أبو الغيط أعرب عن أسفه إزاء الاستفتاء على الاستقلال الذي نظمته السلطات الكردية. وأضاف أن أبو الغيط يعتقد أنه «لا يزال من الممكن احتواء تداعيات هذا الإجراء إذا ما اتسمت خطوات جميع الأطراف المعنية بالقدر اللازم من الحكمة والمسؤولية والتصرف في إطار مقومات الدولة العراقية». وذكر عفيفي، بحسب ما نقلته «وكالة أنباء الشرق الأوسط»، أن أبو الغيط «يستشعر القلق من قيام بعض الأطراف باستغلال الأزمة في تعميق الانقسامات وتأجيج صراعات جديدة في المنطقة بما يسهم في تقويض الجهود المبذولة للقضاء على الإرهاب». وأشار الكرملين اليوم إلى معارضته لانفصال الأجزاء التي يسيطر عليها الأكراد في شمال العراق قائلا إن موسكو تدعم وحدة أراضي دول المنطقة. وهذه هي أولى تصريحات للكرملين بعدما أظهر استفتاء في إقليم كردستان شبه المستقل في شمال العراق تأييدا قويا للانفصال. وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في مؤتمر عبر الهاتف: «ما زلنا نعتقد أن الحفاظ على وحدة الأراضي والتكامل السياسي لدول المنطقة يعد عاملا حاسما للحفاظ على الاستقرار والأمن في المنطقة ولتسوية العديد من المشكلات الحرجة التي تعاني منها». وأكد بيسكوف كذلك على أن الرئيس فلاديمير بوتين بحث مسألة الاستفتاء في محادثات هاتفية مع زعماء تركياوإيران أمس.