أيدت محكمة في القاهرة أمس قرار النائب العام التحفظ على أموال الرئيس المصري السابق حسني مبارك وعائلته ومنعهم من السفر، فيما عُلم أن مبارك يبحث عن محامين لتمثيله وعائلته أمام القضاء. وأيدت محكمة جنايات القاهرة أمس قرار النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود بالتحفظ على جميع أموال الرئيس السابق وزوجته ونجليه وزوجتيهما وأولادهما القصر وممتلكاتهم جميعاً، في غياب ممثل قانوني لمبارك بعد اعتذار المحامي محمد حمودة الذي مثلهم في الجلسة الماضية. وبرر حمودة تخليه عن موكليه ب «عدم تحقق عدد من الضمانات والشروط» التي كان وضعها وتتعلق «باشتراط عدم تورطهم في قضايا فساد». وحضر محام يدعى سمير الششتاوي الجلسة، وقدم نفسه باعتباره ممثلاً لمبارك وأسرته، غير أن المحكمة تبين لها أنه لا يحمل توكيلاً عنهم، فرفضت السماح له بالمرافعة. ويأتي ذلك في وقت كشف الموظف في الشهر العقاري أحمد مشعل، الذي زار مقر إقامة مبارك في شرم الشيخ لعمل توكيل قانوني للدفاع عنه وأسرته، أن مبارك أطلق لحيته منذ تنحيه. وقال مشعل للتلفزيون الرسمي إنه التقى مبارك وزوجته سوزان وولديه علاء وجمال وزوجتيهما هايدي راسخ وخديجة الجمال، وان الأسرة «رحبت بي في شدة» وبدت «متواضعة». وقضت المحكمة نفسها أمس بتأييد قرار النائب العام بمنع صديق الرئيس السابق رجل الأعمال حسين سالم وعائلته من التصرف في أموالهم، لاتهامه بالتربح من تصدير الغاز إلى إسرائيل، فيما أرجأت المحكمة إلى غد النظر في طلب النائب العام التحفظ على أموال وممتلكات رئيس الوزراء السابق أحمد نظيف ووزير المال السابق يوسف بطرس غالي وآخرين، على خلفية اتهامهم بالتربح والاستيلاء على المال العام. وأرجأت المحكمة أيضاً إلى 3 نيسان (أبريل) المقبل النظر في محاكمة وزير الإسكان السابق أحمد المغربي، والرئيس السابق لمؤسسة «أخبار اليوم» الصحافية محمد عهدي فضلي، ورجل الأعمال ياسين منصور الذي تمكن من الفرار، ورجل الأعمال الإماراتي وحيد متولي يوسف، كما أمرت باستدعاء تسعة شهود إثبات للاستماع إلى شهاداتهم في الجلسة المقبلة، مع استمرار حبس المغربي وفضلي على ذمة القضية. وعقدت الجلسة وسط حراسة مشددة من رجال الجيش والشرطة معاً، واحتشد أمام ساحة المحكمة مئات المتظاهرين الذي رددوا هتافات ضد الفساد والمفسدين، وطالبوا برد الأموال التي سرقت من الشعب، فيما حضر المغربي وفضلي بملابس الحبس الاحتياطي البيضاء ودخلا قفص الاتهام، وما أن انتهت الجلسة حتى أسرعت قوات الشرطة بإخراجهما على الفور إلى سيارات الترحيلات لإعادتهما إلى محبسيهما. إلى ذلك، تسارعت جهود الحكومة الجديدة لمعالجة الأوضاع الأمنية والاقتصادية وإعادة عجلة الانتاج إلى وضعها الطبيعي. وعقد رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف ووزير الداخلية اللواء منصور العيسوي اجتماعاً أمس، ناقش إعادة هيكلة جهاز أمن الدولة الذي سيطر الجيش على مقراته بعدما اقتحمها متظاهرون لوقف إتلاف مستنداته. وأفيد أن اللقاء ناقش أيضاً خطة عودة الشرطة وتحجيم الانفلات الأمني، فيما نُقل عن وزير الداخلية الجديد اللواء منصور العيسوي قوله خلال اجتماع مع مجموعة من الشباب مساء أول من أمس، إن «جهاز الشرطة الجديد أصبح يعمل لمصلحة الثورة، وهو يحمي الشرعية التي هي الآن مع الثورة». وتعهد «تحويل مصر من دولة بوليسية إلى دولة قانون، وعودة الأحوال إلى طبيعتها قريباً». وأضاف: «من الآن لا يوجد قانون طوارئ ولا محاكم أمن دولة طوارئ ولا محاكمات عسكرية للمدنيين». وحضر اللقاء الذي جاء في إطار مشاروات لإعادة هيكلة وبناء وزارة الداخلية وأجهزتها، مجموعة من ممثلي ائتلافات شبابية عدة ورئيس نادي القضاة السابق المستشار زكريا عبدالعزيز ومجموعة من القضاة التابعين لتيار الاستقلال ومساعد وزير الداخلية للعلاقات العامة والإعلام اللواء إبراهيم حماد. وتعهد «إعادة هيكلة جهاز أمن الدولة وتغيير اختصاصاته تماماً، وأن يعمل على حماية الشعب والوطن وليس النظام، في إطار ضمان الحريات». ووعد بإصدار بيان رسمي تعلن فيه الوزارة «احترامها لشهداء الثورة من المتظاهرين والضباط، وإصدار قرار بوقف كل الضباط الذين ارتكبوا جرائم ضد الشعب بعد صدور أحكام ضدهم من القضاء، وتحديد اختصاص وزارة الداخلية في إطار العمل على تحقيق الأمن فقط، وليست لها علاقة بالسياسة والأحزاب والنقابات والانتخابات، إضافة إلى تأكيد احترام الحق في التظاهر السلمي بلا إذن مسبق، على أن يكون دور الشرطة في التظاهرات هو تأمينها منذ بدايتها حتى نهايتها». إلى ذلك، بحث رئيس الحكومة مع وزير التنمية المحلية محسن النعماني، في الرقابة على الأسواق وخطة ضبط أسعار السلع والقضاء على التعديات على أراضي الدولة. واجتمع أمس نائب رئيس الوزراء الدكتور يحيى الجمل مع السفير البريطاني في القاهرة دومينيك آسكويث والسفيرة الأميركية مارغريت سكوبي. وكان شرف أكد أول من أمس أن «الاقتصاد المصري حر، ويسير في الاتجاه السليم»، متعهداً دفع عجلة الإنتاج. وجدد التزام حكومته كل الاتفاقات والمعاهدات التي أبرمتها مصر على كل المستويات. ووجَّه رسالة إلى المصريين في الخارج قائلاً: «لا تخافوا. الاقتصاد المصري سيعود، والدور الذي كنتم تطالبون به جاء (وقته)، وعليكم الوقوف إلى جانب مصر». وأوضح أن «الدعم الخارجي لمصر كبير ولم يقتصر على المصريين في الخارج، وإنما من معظم دول العالم». ووصف ميدان التحرير بأنه «رمز لجميع الأماكن والأسر المصرية، وليس مكاناً فقط»، منبهاً إلى أن «هذه الفترة مهمة وتتطلب تضافر جميع الجهود، سواء من الشعب أو الحكومة، لأننا في فترة استثنائية تتطلب شحذ جميع مواردنا وطاقاتنا». وتأتي اجتماعات شرف ونائبه في وقت تزايدت حدة الاحتجاجات المطلبية في قطاعات عدة في الدولة، وتظاهَرَ أمس مئات الطلاب والأساتذة في الجامعات، مطالبين باقالة عمداء الكليات وإجراء انتخابات طلابية نزيهة، ما دعا وزير التعليم العالي الدكتور عمرو عزت سلامة إلى إعلان أن «الانتخابات الطلابية ستجرى فوراً، كما سيتم إطلاق حرية تشكيل الأسر الطلابية، وإلغاء كل العقوبات التعسفية التى تم توقيعها على عدد من الطلاب». لكنه أشار خلال لقائه وفداً من طلاب الجامعات ظهر أمس، إلى أنه لا يملك صلاحيات إقالة رؤساء الجامعات، وأنه رفع الموضوع برمّته إلى المجلس العسكري ومجلس الوزراء. وأعلن أمس نحو ألفي عامل في «شركة الغزل والنسيج» في مدينة منيا القمح التابعة لمحافظة الشرقية اعتصاماً مفتوحاً، احتجاجاً على عدم مساواتهم بزملائهم وتدنّي رواتبهم، كما تظاهر نحو 1500 من العاملين في قطاع الإسكان أمام مبنى مجلس الوزراء للمطالبة بتطهير القطاع من الفساد. وأكد وزير الإسكان الدكتور فتحي البرادعي، أن مهمته الأولى في الوزارة «ستركز على إعادة ضبط الأمور بعد الفترة المضطربة التي مر بها قطاع الإسكان، ومواجهة أي شكل من أشكال الفساد فيه». وقال إنه «مدرك تماماً لحساسية» منصبه، لافتاً إلى أنه بصدد «إجراء مراجعة شاملة لسياسات الوزارة وتحديد أولوياتها». وقطع أهالي المعتقلين من أبناء سيناء طريق العريش الدولي المؤدي إلى معبر رفح، ومنعوا مرور السيارات المتجهة إليه. والتقى محافظ شمال سيناء اللواء عبدالوهاب مبروك، وفداً من المعتصمين من أهالى المعتقلين، وأكد لهم أن «المحافظة تبذل جهوداً كبيرة مع وزارة الداخلية لسرعة الإفراج عن المعتقلين». وواصل الجيش إجراءاته لإعادة الانضباط إلى الشارع. وعاقبت المحكمة العسكرية 13 شخصاً بالسجن لمدد بين خمس وعشر سنوات بعد إدانتهم بتهم «ارتكاب أعمال السرقة والبلطجة وحيازة أسلحة والتعدي على ممتلكات خاصة وعامة». وواصلت النيابة العسكرية ونيابة أمن الدولة التحقيق مع عشرات من ضباط جهاز مباحث أمن الدولة بتهم مختلفة، بينها حرق وثائق رسمية والتورط في الانفلات الأمني وإطلاق النار على المحتجين.