بعد خسارة سعد الحريري تشكيل الحكومة اللبنانية، نشر بعض الكتّاب السعوديين مقالات تنتقد رد فعل تيار «المستقبل»، و«مظهر أتباعه الذي لم يكن حضارياً»، إذ خرجوا الى الشارع «يهاجمون الغير، يحرقون ويقطعون الطرق». هذا الموقف النقدي لحال الارتباك والضعف التي صبغت تصرفات جماعة «14 آذار»، لم يرُق لمستشار التيار المفكر اللبناني رضوان السيد، وهو كتب مقالاً في صحيفة «الاتحاد» الإماراتية بعنوان «لبنان والليبراليون السعوديون»، عبّر فيه عن انزعاجه، مشيراً، بطريقة، غير مباشرة الى أن السعودية ليس لها سوى التمويل، وعلى كتّابها المباركة والصمت، وهو استعلاء اعتدنا عليه وصبرنا. المفكر والباحث رضوان السيد كتب في مقاله: «لماذا أنا منزعجٌ من بعض الليبراليين السعوديين الذين اتخذوا في الأيام الأخيرة، مواقف سلبية من الحريري وأنصاره (وهم كل أهل السّنة، ونصف المسيحيين على الأقلّ)؟ لأنهم هذه المرة لا يقصدون التهدئة والمسالمة؛ بل يريدون إيهام الناس (ولمصلحة النظام السوري وحزب الله) بأنّ الموقف السعودي منقسمٌ من حولنا نحن أهل السنّة، وحلفاءنا في 14 آذار» . رضوان السيد اعتبر ان السعودية تدير موقفها في لبنان من زاوية مذهبية، وأساء الى دور الرياض العربي والإسلامي، وشوّه صورة السعودية، بهدف تكريس الفكرة المأزومة التي تسعى الحريرية الى إيهام الآخرين بها. تيار «المستقبل» ليس «كل السنّة». هذا اختصار مرفوض، والحريري فشل في تحقيقه، فضلاً عن أن هذا الشعار ينطوي على تهميش لتيارات وطوائف، ويضج بلغة مذهبية وطائفية مفزعة. ربما جاز لنا، نحن السعوديين، من باب المبالغة وإرضاء الذات، ان ندعي اننا «كل السنّة» باعتبار بلادنا مهبط الوحي، وحاضنة قِبلة المسلمين، ومسجد رسول الله، لكن القول إن تيار «المستقبل» هو «كل السنّة» غرور... ووهم سياسي، ولعبة انتخابية مكشوفة. لا شك في أن الاستعداء على المثقفين السعوديين، واستجداء موقف بلادهم بهذا الخطاب المذهبي المتعالي، تشويه لجميع السعوديين. الرياض كانت وما زالت وستبقى تقف من كل الطوائف على مسافة واحدة. تتعامل مع لبنان وليس السنّة، فضلاً عن أن رسم دور السعودية نيابة عنها تدليس يتطلب اعتذاراً يقدمه «تيار المستقبل». الأكيد أن سعد الحريري زجّ الأمة في صراع الطوائف... وهذا جوهر خلافنا معه، وسيبقى.