قالت ميانمار اليوم (الجمعة) إنها لن تسمح لمسؤول أميركي يعتزم زيارة البلاد بالذهاب إلى منطقة سبّب العنف فيها نزوح حوالى 400 ألف من مسلمي الروهينغا، بينما وصفت الأممالمتحدة ما يحدث بأنه «مثال نموذجي على التطهير العرقي». وفر آلاف من الروهينغا من ولاية راخين في غرب ميانمار إلى بنغلادش، هرباً من حملة عسكرية أثارت تساؤلات حول انتقال البلاد إلى الحكم المدني تحت قيادة أونغ سان سو تشي، الحائزة على جائزة «نوبل». وقالت وزارة الخارجية الأميركية ان من المقرر أن يصل نائب مساعد وزير الخارجية باتريك ميرفي إلى ميانمار في مطلع الأسبوع المقبل، لينقل مخاوف واشنطن ويسعى إلى السماح بوصول المزيد من المساعدات إلى منطقة الصراع. وقال مسؤولون في ميانمار إنه سيجتمع مع قيادات الحكومة في العاصمة نايبيتاو ويحضر كلمة توجهها سو تشي للمواطنين. وقال المسؤول المحلي في ولاية راخين تين ماونغ سوي، ان ميرفي سيزور سيتوي، عاصمة الولاية، ويجتمع مع حاكمها، لكن لن يسمح له بزيارة شمال الولاية حيث اندلع الصراع في 25 آب (أغسطس) الماضي. ولدى سؤاله عما إذا كان ميرفي سيذهب إلى منطقة ماونغداو التي تقع في قلب الصراع، أجاب: «غير مسموح». وبعد عبورآلاف اللاجئين الحدود إلى بنغلادش، زادت المخاوف من أزمة إنسانية على جانب ميانمار من الحدود، حيث تفرض السلطات قيوداً مشددة على دخول عمال الإغاثة والصحافيين. وأكدت ميانمار اليوم أنها لا تمنع عمال الإغاثة، لكن ناطقاً باسم الحكومة قال انه قد يكون لدى السلطات على الأرض مخاوف أمنية. وقال مراقبون لحقوق الإنسان وبعض الفارين من الروهينغا، إن الجيش ولجان أمن أهلية من البوذيين في راخين شنوا حملة حرق عمد بهدف إجبار المسلمين على الفرار. وتصاعدت أعمدة الدخان الأسود فوق أراضي ميانمار، بينما قالت منظمات إغاثة دولية إن اللاجئين ما زالوا يتوافدون. ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومجلس الأمن ميانمار إلى وقف العنف، وقال ان أفضل ما يوصف به هو أنه «تطهير عرقي». وترفض ميانمار الاتهامات. وتقول ميانمار ان قوات الأمن تقوم بعمليات للتصدي للمسلحين من جماعة «جيش إنقاذ الروهينغا في أراكان»، والتي أعلنت المسؤولية عن هجمات 25 آب وهجمات مماثلة أصغر حجماً في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وأعلنتها الحكومة تنظيماً إرهابياً، واتهمتها بإشعال الحرائق ومهاجمة المدنيين. ولا يزال قادة الجيش يسيطرون على سياسات الأمن القومي، لكن وجهت انتقادات عديدة إلى سو تشي لعدم إدانتها العنف. وتحظى الحملة على المتمردين الروهينغا بتأييد الرأي العام في ميانمار. وقالت ناطقة باسم مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين، إن الروهينغا الذين يصلون إلى بنغلادش يعانون «أزمة حقيقية، وبعض أصعب الظروف التي شهدناها في أي وضع للاجئين حالياً». وأضافت «في ظل تزايد أعداد اللاجئين يومياً، تناشد المفوضية توفير مبلغ أولي قدره 30 مليون دولار للتعامل مع الوضع الإنساني الطارئ في بنغلادش حتى نهاية العام». من جهتها، أعلنت السلطات في بنغلادش أن الجيش سيعمل على تسهيل وصول المساعدة الإنسانية الى مئات آلاف اللاجئين الروهينغا. ويرى المسؤول في «الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر» مارتن فالر، ان «ما يحصل يحمل على اليأس. انها واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية، وواحدة من أكبر عمليات النزوح الجماعية في المنطقة منذ عقود». وستبدأ حملات تلقيح ضد الحصبة وشلل الاطفال غداً، بحسب ما أعلنت «منظمة الصحة العالمية» و«يونيسيف»، على أن تشمل حوالى 150 ألف لاجىء تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر و15 عاماً. وجاء في تقرير ل «هيومن رايتس ووتش» صدر اليوم وأكد تقريراً سابقاً ل «منظمة العفو الدولية»، ان جيش ميانمار أحرق 62 قرية عن سابق تصور وتصميم. وقال نائب مدير «هيومن رايتس ووتش آسيا» فيل روبرتسون، ان «تحركاتنا الميدانية تؤكد ما كشفته صور الأقمار الصناعية: الجيش مسؤول مباشرة عن حرق قرى للروهينغا على نطاق واسع في شمال راخين». وأضاف «على الأممالمتحدة والبلدان الأعضاء أن يفرضوا بصورة عاجلة تدابير على الحكومة لحملها على وقف هذه الأعمال الوحشية والتوقف عن طرد الروهينغا».