اعلنت رئيسة وزراء ميانمار اونغ سان سو تشي ان «كمّاً هائلاً من الأخبار المضللة» يغذي السخط العالمي على معاملة بلادها اقلية الروهينغا المسلمة في ولاية راخين (غرب)، وذلك بعدما دعت الأممالمتحدة حكومتها الى وضع حد للعنف الذي اندلعت جولته الأخيرة في 25 آب (اغسطس) الماضي، وأجبر حوالى 146 الفاً من الروهينغا على الفرار الى بنغلادش. وزاد السخط العالمي كشف مصدرين في حكومة بنغلادش ان ميانمار تزرع منذ ثلاثة أيام ألغاماً على الحدود من اجل منع عودة الروهينغا الهاربين. واشار المصدران الى ان دكا ستقدم احتجاجاً رسمياً على زرع الألغام، خصوصاً ان اياً منها لم يُزرع منذ التسعينات من القرن العشرين، حين اراد جيش ميانمار منع التعدي على أراض. كما أكد خفر السواحل في بنغلادش ان خمسة اطفال على الأقل قضوا في حادث غرق 3 او 4 مراكب مكتظة بلاجئي الروهينغا في مصب نهر ناف الذي يفصل بين البلاد وولاية راخين، وسط مخاوف من احتمال ارتفاع عدد الضحايا. وتظاهر آلاف الاندونيسيين امام سفارة ميانمار في جاكرتا للمطالبة بوقف العنف ضد الروهينغا، علماً ان الشرطة سبق ان احبطت محاولتين لتفجير سفارة ميانمار، فيما طالبت مصر وايران سلطات ميانمار بتوفير «الحماية اللازمة لمسلمي الروهينغا، ومنع الجرائم الوحشية التي ترتكب في حقهم». اما الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، فأعلن ان بلاده ستقدم عشرة آلاف طن من المساعدات للروهينغا الفارين. وقال في اجتماع لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في أنقرة: «تحدثت مع زعيمة ميانمار أونغ سان سو تشي التي وافقت على مناشدتنا فتح الأبواب لمساعدة النازحين». ولاحقاً، صرح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بأن حلاً دائماً مطلوب لوقف العنف ضد الروهينغا، مشيراً الى انه سيتوجه الى بنغلادش لعقد اجتماعات حول القتال في ميانمار، ويلتقي مع هاربين من العنف. واضطرت وكالات الاغاثة الى وقف توزيع الغذاء في راخين بسبب القتال. وافادت منظمة الأممالمتحدة لرعاية الطفولة «يونيسف» بأنها لا تستطيع حالياً الوصول الى 4 آلاف طفل في بلدتي مونغداو وبوتيدونغ كانت تعالجهم من سوء التغذية. وفي بنغلادش، افادت «يونيسف» بأن 80 في المئة من اللاجئين الواصلين هم من النساء والاطفال، «ما يضع عبئاً كبيراً على المخيمات المكتظة أساساً بأكثر من 400 ألف لاجئ». وأفاد مسؤولون في دكا بأن الحكومة ستعطي دفعة لخطة تهدف الى تطوير جزيرة منعزلة في خليج البنغال كي توفر مأوى موقت لعشرات الآلاف من الروهينغا، علماً ان هذه الخطة كانت واجهت انتقادات من عاملين في مجال الإغاثة لدى اقتراحها عام 2015، قبل أن تطرح مجدداً العام الماضي، مع اصرار بنغلادش على انها تملك بمفردها حق تحديد موقع إيواء اللاجئين. وفي أولى تصريحاتها العلنية منذ هجمات 25 آب، قالت سو تشي الحائزة جائزة نوبل للسلام والتي تواجه حكومتها ادانات دولية متزايدة بسبب روايات عن رد فعل جيش بلادها وارتكاب جنوده عمليات قتل واغتصاب وحرق قرى: «يغذي التعاطف مع الروهينغا كمّ هائل من المعلومات المضللة التي أعدت لخلق مشكلات كثيرة بين مختلف المجموعات وخدمة مصالح الارهابيين». واكدت ان حكومتها «تدافع بأفضل طريقة ممكنة عن جميع السكان في راخين»، علماً ان اعمال العنف الأخيرة في راخين طاولت ايضاً البوذيين والهندوس مع اضطرار حوالى 27 الفاً منهم الى الفرار لاماكن أخرى. وقال البعض ان «مسلحين من الروهينغا قتلوا روهينغا آخرين». وذكّرت سو تشي بأن محمد سيمسك، نائب رئيس الوزراء التركي، سبق ان نشر صور جثث على «تويتر» حُذفت لاحقاً، زُعم خطأً انها لقتلى من الروهينغا، علماً ان مؤيدي الطرفين يدأبون على نشر صور لا تعود الى النزاع من اجل اثارة الانفعالات. وقالت: «هذا النوع من المعلومات الزائفة الذي ابتلي به نائب لرئيس وزراء كان مجرد طرف جبل جليدي ضخم من التضليل». والتقت سو تشي رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الذي قال إنه «يُشارك ميانمار قلقها من عنف المتطرفين في ولاية راخين، علماً ان حكومته تتخذ موقفاً قوياً ضد تدفق حوالى 40 ألفا من الروهينغا الى الهند، وتعهدت الشهر الماضي ترحيلهم جميعاً. ويعتبر محللون ان تصلب سو تشي، على رغم سنوات من ضغط منظمات حقوقية، يهدف الى استرضاء الجيش الذي لا يزال قوياً، وكذلك القومية البوذية المتصاعدة في الدولة الواقعة جنوب شرقي آسيا، حيث يعتبر الروهينغا مهاجرين غير شرعيين من بنغلادش، ولا يُعترف بهم رسمياً مجموعةً اتنية، وتطلَق عليهم تسمية «بنغاليون» للتقليل من شأنهم. وليس لسو تشي سلطة على الجيش الذي يملك سجلاً حافلاً في انتهاكات حقوق الانسان واستخدام القوة المفرطة لمواجهة عمليات تمرد. لكن منتقدين يقولون ان «سو تشي تعتبر احدى الشخصيات القليلة التي تتمتع بشعبية وتملك سلطة اخلاقية لمخالفة التوجه السائد في الأزمة، لكنها تدافع دائماً عن رد الجيش». وفي وقت سابق من السنة الحالية، قال محققو الأممالمتحدة إن «جيش ميانمار استخدم وحشية مدمرة في عمليته الأمنية، ما قد يرقى الى تطهير عرقي للروهينغا». ونفت حكومة سو تشي هذه الاتهامات، ورفضت منح تأشيرات دخول لمسؤولي الأممالمتحدة الذين يحققون في تقارير عن ارتكاب فظائع. وفي رسالة نادرة، أبدى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قلقه من احتمال تحول العنف المستمر منذ أسبوعين في راخين إلى «كارثة إنسانية»، ودعا مجلس الأمن إلى الضغط من أجل ضبط النفس والهدوء، محذراً من أخطار حدوث تطهير عرقي أو زعزعة استقرار المنطقة.