بدت الصحافة الإيطالية في الأيام الأخيرة، أشبه بمرثيات ونحيب كروي، إذ عانت البلاد أسبوعاً أسود بعد خسارة نواديها الثلاثة على أرضهم في دور ثمن النهائي من دوري الأبطال الأوروبي. إنترناسيونالي ميلانو حامل اللقب، سقط أمام بايرن ميونيخ الألماني 0-1، وآي سي ميلان أمام توتنهام هوتسبرز الإنكليزي 0-1 أيضاً، وآ أس روما أمام شاختار دونيتسك الأوكراني 2-3. يُضاف إلى ذلك، خروج نابولي من "أوروبا ليغ"، بخسارته أمام فياريال الإسباني، بعدما كان النادي الإيطالي الوحيد المتبقّي في المسابقة. في انتظار ما ستُسفر عنه مباريات الأياب في دوري الأبطال، حفلت الصحافة الإيطالية بتحليلات حول أسباب هذا الفشل، مشيرة إلى تراجع مستوى الدوري الإيطالي لمصلحة بطولات أخرى، مثل ألمانيا وإنكلترا وفرنسا، على رغم أن ميلان والإنتر ويوفنتوس تُعتبر من بين أغنى 10 أندية في العالم. وإذا كان الإنتر آخر نادٍ إيطالي أحرز لقب "أوروبا ليغ" (كأس الاتحاد الأوروبي سابقاً)، عام 1998، حين كان البرازيلي رونالدو يلعب في صفوفه، ذكّرت الصحافة الإيطالية بأن النوادي الإيطالية أحرزت بين عامي 1990 و1999، 20 لقباً في المسابقات الأوروبية، في مقابل 8 فقط بين عامي 2000 و2010. وأشارت إلى خسارة إيطاليا لموسم 2012-2013، مقعداً في دوري الأبطال لمصلحة ألمانيا. ولعلّ أكثر ما آلم الإيطاليين، خسارة الإنتر أمام بايرن، بعد تسعة شهور فقط على إحراز النادي اللومباردي لقب دوري الأبطال الأوروبي على حساب النادي الألماني. واللافت أن ذلك كان الفوز الثالث لبايرن على الإنتر في ميلانو، في ثلاث مباريات. وعلى رغم وطأة الهزيمة، سعى البرازيلي ليوناردو مدرّب النادي الإيطالي، إلى رفع معنويات لاعبيه، إذ اعتبرها "خسارة غير مُستحَقّة"، حسمها "تفصيل"، مؤكداً: "كلّ شيء لا يزال مفتوحاً، ويُمكننا التأهل" إلى دور ربع النهائي. ورأى أن فوزاً في ميونيخ بنتيجة 0-2 "سيكون أمراً طبيعياً". كما أعرب رئيس النادي ماسيمو موراتي عن ثقته بقدرة فريقه على التأهل، مشيراً إلى الدور الحاسم لغياب المهاجم الأرجنتيني دييغو ميليتو عن صفوف الفريق. لكن للصحافة الإيطالية رأياً مغايراً، إذ اعتبرت أن الأمر يتطلب "معجزة". ودافع موراتي عن الخيارات التكتيكية لليوناردو، لكن بعضهم انتقد المدرّب، على غرار ألبرتو تشيرّوتي الذي كتب في صحيفة "لا غازيتا ديللو سبورت" التي تصدر في ميلانو، أن ليوناردو "يفتقد الخبرة، ولم يصبح بعد مدرباً كبيراً". واعتبر أن المدرب أخطأ في تغيير أسلوب اللعب في تلك المباراة، من 4-3-1-2 الذي اعتمده منذ تسلّمه منصبه، إلى 4-3-2-1، ما جعل المهاجم الكاميروني صامويل إيتو جزيرة معزولة وسط غابة من مدافعي بايرن. تذكّر صحيفة "لا ريبوبليكا" بأن الإنتر حافظ الموسم الماضي، بتشكيلة أساسية كاملة من اللاعبين الأجانب، على "حياة كرة القدم الإيطالية في شكل اصطناعي". لكنها اعتبرت أن الإنتر الحالي "أصبح أكثر عادية" من ذاك الذي قاده المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو. وأشارت إلى أن تلك التشكيلة "كانت كاملة، مصمّمة، عدائية، مدركة لعظمتها"، فيما تجاهد الحالية لاستعادة كلّ تلك الصفات. ويجدر هنا التذكير بأن معدّل عمر لاعبي الإنتر في المبارة ضد بايرن، كان 30 سنة، مع ما يستدعي ذلك من ضرورة البدء بتغيير جلد الفريق، قبل فوات الأوان. كان الإنتر يوحي في نهاية الموسم الماضي، بأنه فريق لا يُقهر، إذ أطاح بتشلسي الإنكليزي بسهولة، ثمّ جرّد برشلونة الإسباني من لقبه، وحرمه حلمه الفوز باللقب على ملعب "سانتياغو برنابيو" الخاص بغريمه الأبدي ريال مدريد، في مباراتين مشهودتين، قدّم النادي الإيطالي في أولهما في ميلانو عرضاً هجومياً رائعاً، وفي الثانية ملحمة دفاعية تاريخية، يجدر تدريسها في معاهد إعداد المدرّبين. لكن الفريق فَقَدَ هذه الهالة هذا الموسم، وتراجع مستوى لاعبيه، ربما في استثناء إيتو الذي يتميّز بروح قتالية قلّ نظيرها. قد تكون "لعنة" مورينيو حلّت على الإنتر، إذ أن كلّ نادٍ يتركه المدرّب البرتغالي، يتّجه نحو الهاوية في موسمه التالي، جاعلاً من المدرّب ضحية. فبعد فترة قصيرة في نادي بنفيكا البرتغالي، درّب مورينيو نادي أونياو ليرييا، لكنه تركه إلى أف سي بورتو منتصف الموسم، ولم يبقَ ماريو رييس خَلَفَه في أونياو ليرييا سوى خمس مباريات، تعادل في إحداها وخسر أربعاً. في بورتو، أحرز مورينيو خلال موسمين الدوري البرتغالي مرتين وكأس البرتغال وكأس الاتحاد الأوروبي ودوري الأبطال الأوروبي. بعد رحيله إلى تشلسي، تعاقب على تدريب بورتو في موسم واحد، الإيطالي جيجي ديل نيري والإسباني فيكتور فرنانديز والبرتغالي جوزيه كوسيرو. وبعدما أُقيل في تشلسي، خَلَفَه الإسرائيلي أفرام غرانت الذي أوصل الفريق إلى نهائي دوري الأبطال وكأس النوادي الإنكليزية المحترفة، لكنه خسر اللقبين، كما حلّ ثانياً في الدوري. وبذلك لم يفز تشلسي بأي لقب، للمرة الأولى في 4 سنوات، بعدما قاده المدرب البرتغالي إلى إحراز 6 ألقاب خلال 3 سنوات. وفي إنترناسيونالي ميلانو الذي قاده الموسم الماضي إلى ثلاثية تاريخية، وإلى الفوز بلقبي الدوري والكأس في موسمه الأول، أقال النادي الإيطالي مدرّبه الإسباني رافاييل بينيتيز على رغم فوزه بكأس العالم للأندية، إذ بدا عاجزاً عن قيادة الفريق الذي فَقَدَ هويته والروح القتالية التي زرعها فيه مورينيو، و"انهمك في الحطّ من قدر مورينيو، علناً وسراً، بدل إعداد الفريق في شكل جيد" كما أوردت صحيفة "كورييري ديلا سيرا". ثم تسلّم تدريبه ليوناردو الذي يوشك أن يفقد لقب دوري الأبطال العزيز على قلب موراتي، بعدما انتظره 45 سنة... ليكن الله في عون ريال مدريد!