أثار تمركز قوات تابعة لمشاة البحرية الأميركية (مارينز) في جزيرة صقلية، تكهنات بضربة محتملة لمعسكرات متشددين في ليبيا، فيما قوبلت الخطوة باستياء وتحفظ من جانب قيادات لثوار 17 فبراير. وقال القائد البارز في «كتيبة 17 فبراير» في بنغازي أحمد أبو قرين ل «الحياة» أمس، إن إعلان الأميركيين نقل قوات تدخل سريع إلى صقلية المقابلة للشواطئ الليبية، لا يعدو كونه «ترهات سياسية لا مبرر لها». وعزا عدم الاستقرار في ليبيا إلى «تدخلات إقليمية من جانب دول لا تريد قيام مؤسسات مدنية وعسكرية في ليبيا». يأتي ذلك غداة إعلان الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ستيف وارين نقل حوالي 200 جندي من «المارينز» من إسبانيا إلى صقلية بصورة موقتة، بسبب «بواعث قلق في شأن اضطرابات في شمال أفريقيا، وتعزيزاً لقدرة الولاياتالمتحدة في الرد على أي أزمة». ونقلت وكالة أنباء «رويترز» عن مصادرها إن «بواعث القلق الأميركية تتركز بشكل مباشر على ليبيا» حيث رفضت جماعات مسلحة وتنظيمات إسلامية، نزع أسلحتها بعد إطاحة نظام معمر القذافي عام 2011. وأفادت تقارير أن القوات الأميركية التي نشرت في صقلية معنية بالاستجابة للأزمات التي تواجه أمن السفارات وهي شكلت بعد الهجوم على المجمع الديبلوماسي الأميركي في بنغازي في 11 أيلول (سبتمبر) 2012 والذي أسفر عن مقتل السفير الأميركي كريس ستيفنز وثلاثة أميركيين آخرين. وأدرج الناطق باسم «البنتاغون» نشر القوات في صقلية في إطار «خطة طارئة لأننا نعتقد أن الوضع الأمني في شمال أفريقيا يتدهور إلى نقطة نشوء تهديدات محتملة». وأكد مسؤولان أميركيان ل»رويترز» وجود «بواعث قلق واسعة النطاق بشأن تدهور الأمن في ليبيا»، ونفيا أن تكون هناك «معلومات محددة عن هجوم وشيك» يشنه متشددون ضد أهداف أميركية أو غربية. ولم تخف قيادات ميدانية للثوار في طرابلس استياءها من تلويح متكرر بالتدخل العسكري الغربي. واعتبرت مصادرها في تصريحات إلى «الحياة» أن هذا التلويح يهدف إلى إثارة فتنة بين الليبيين، من خلال ترويج ادعاءات حول مخاطر واعتداءات محتملة. وأكدت المصادر القريبة من التيار الإسلامي رفض الثوار إخلاء معسكراتهم ومواقعهم، بناء على تهديدات من هذا النوع. في الوقت ذاته، رد الناطق باسم كتيبة 17 فبراير في بنغازي فتحي الزايدي على دعوة الحكومة المستقيلة الكتيبة لإخلاء معسكرها أخيراً. وقال الزايدي ل»الحياة» إن «المعسكر الذي نتمركز فيه لا يخص أي جهة عسكرية نظامية سابقاً وكانت تستخدمه كشافة ليبيا»، موضحاً أن الكتيبة «لم تتلق أي طلب خطي رسمي بذلك». وطالب الناطق السلطات المعنية بإيجاد مكان بديل للكتيبة لنقل معداتها وآلياتها. ورأى أن إخلاء المدن من المظاهر المسلحة يجب أن يعمم وينطبق على الكل، وخص بالذكر كتيبتي «القعقاع» و»الصواعق» المحسوبتين على خصوم التيار الإسلامي. وفي وقت امتنعت السلطات الليبية عن التعليق رسمياً على إعلان الأميركيين تحريك قوات من «المارينز» إلى صقلية، لم يستبعد مصدر مطلع في المؤتمر الوطني العام (البرلمان) توجيه الأميركيين ضربات عسكرية لمواقع في ليبيا أو إقدامهم على خطف مطلوبين ينتمون إلى فصائل متشددة. وقال المصدر إن «قلق الأميركيين تجاه الوضع في ليبيا له ما يبرره، وأصبح يعتريهم ضيق من وهن الحكومة وعجزها أمام الإخلال بالأمن لدرجة خطف ديبلوماسيين لمقايضتهم بمعتقلين، محكومين بجرائم في دول أخرى». وأشار المصدر إلى رفض تونس مبادلة ديبلوماسيَيها المخطوفيَن في ليبيا بمعتقلين لديها ينتمون إلى تنظيم «أنصار الشريعة»، دليلاً على عدم استعداد دول الجوار لتقديم تنازلات إلى متشددين.