يصل البابا فرنسيس بعد غدٍ (الأربعاء) إلى كولومبيا حاملاً رسالة مصالحة إلى بلد يعاني من انقسام عميق بعد اتفاق السلام الذي وقع بين الحكومة وحركة التمرد السابقة وأنهى أقدم نزاع في أميركا اللاتينية. وسيتوقف الحبر الأعظم الأرجنتيني الذي تنتهي رحلته في 11 أيلول (سبتمبر) الجاري في مدن بوغوتا وفيلافيسينسيو وميديين وكارتاهينا. وخلال أربعة أيام سيرأس البابا قداديس ويجري محادثات مع السلطات، لكنه سيستقبل خصوصاً ضحايا وأطرافاً في الحرب الأهلية التي استمرت 50 عاماً. وقال المونسنيور أوكتافيو رويز الأسقف الكولومبي الذي يرافق البابا في رحلته «صحيح أن البابا يصل إلى بلد منقسم جداً، لكنه يعرف أن كل الكولومبيين يتطلعون إلى السلام، إلى سلام تحت شعار التضامن والعدالة». وتأتي هذه الرحلة التي أعلن عنها في آذار (مارس) الماضي، في مرحلة حرجة من تاريخ كولومبيا بعد توقيع اتفاق سلام العام الماضي. ووقّعت الحكومة الكولومبية ومتمرّدو «القوات المسلحة الثورية الكولومبية» (فارك) في 24 حزيران (يونيو) الماضي في هافانا اتفاقاً لوقف نهائي لإطلاق النار ونزع سلاح المتمردين، ما رفع آخر عقبة أمام إبرام اتفاق سلام بعد نصف قرن من القتال. وشاركت أطراف عدة في هذا النزاع وهو الأقدم في أميركا اللاتينية منذ ستينات القرن الماضي. وأودى بحياة 260 ألف شخص، بينما فُقد خلاله 60 ألفاً آخرون، وتسبب بتهجير 6.9 مليون شخص. وتحت شعار «لنقم بالخطوة الأولى»، يأمل البابا الذي عبّر باستمرار عن دعمه لمفاوضات السلام، بإقناع الشعب الكولومبي بنسيان أعمال العنف الماضية والالتزام بشكل فاعل ببناء السلام. وأوضح المونسنيور فابيو سويسكون مسؤول اللجنة المكلفة الإعداد للسفر أن «القيام بالخطوة الأولى يعني الاعتراف بمعاناة الآخرين والصفح عن الذين قاموا بجرحنا والالتقاء من جديد ككولومبيين، وفهم ألم الذين عانوا ومعالجة قلبنا واكتشاف البلد الذي يختبىء وراء الجبال وبناء بلد يعيش بسلام». ويقدم البابا البالغ من العمر 80 سنة وأعلن عن رحلة أخرى تتسم بحساسية كبيرة إلى بورما وبنغلادش، نفسه في كولومبيا على أنه وسيط مستعد لسماع كل الأطراف بعدما اخفق في كانون الأول (ديسمبر) الماضي في تحقيق مصالحة بين الرئيس الكولومبي الحالي خوان مانويل سانتوس وسلفه ألفارو أوريبي الذي يعارض بشدة اتفاق السلام. وكان الحبر الأعظم استقبل كلاً من الرجلين على انفراد في الفاتيكان ثم نظم جلسة مشتركة استمرت 25 دقيقة، لكنه لم يتمكن من إنهاء الخلافات. ويأمل البابا بتنشيط الكاثوليك بإعلانه خلال هذه الرحلة قداسة كاهنين من ضحايا الحرب الأهلية. وتسعى الكنيسة الكاثوليكية التي تواجه تهديد انتشار الكنائس البروتستانتية، إلى استعادة مكانتها خلال هذه الزيارة التي تريد أن تكون إيجابية خصوصاً عبر تبني نشيد يجمع بين موسيقى الراب والبوب والكنسية وكلماته تتحدث عن السلام. وسيلتقي البابا الرئيس سانتوس الحائز جائزة «نوبل» للسلام ومسؤولين كولومبيين آخرين ومن الكنيسة الكولومبية. وستوضع بتصرفه ثلاث سيارات بابوية انتجت في كولومبيا من دون زجاج مصفح لاحترام رغبته في البقاء قريباً من المؤمنين. والبابا فرنسيس اليسوعي سيكرم في مدينة كارتاهينا القديس اليسوعي بيدرو كلافير المدافع الأكبر عن العبيد والشخصية الرمزية للمسيحية في القرن 17. وسيكون البابا فرنسيس ثالث حبر أعظم يزور كولومبيا بعد بولس السادس في عام 1968 ويوحنا بولس الثاني عام 1986.