كارتاهينا (كولومبيا) - أ ف ب، رويترز - افتتحت القمة السادسة للأميركتين أمس في أجواء غريبة غداة سلسلة انفجارات صغيرة تزامنت مع وصول الرئيس باراك أوباما، الذي يريد أن يبحث مع نظرائه في قضايا حساسة مثل المخدرات وكوبا. وباشر قادة منظمة الدول الأميركية أمس لقاءاتهم في مدينة كارتاهينا الساحلية، في هذه القمة المخصصة أصلاً للتكامل الإقليمي وخفض الفقر، في حين أعلنت الشرطة الكولومبية أن قنابل صغيرة انفجرت ليل الجمعة - السبت من دون أن تسبب اصابات أو أضراراً قرب السفارة الأميركية في بوغوتا وفي كارتاهينا، بُعيد وصول أوباما إلى المدينة التي نشر فيها حوالى 20 ألف رجل أمن. ولم تسبب هذه الانفجارات أضراراً أو إصابات، وفق السلطات المعتادة على مواجهة الأزمات في هذا البلد الذي يشهد من نحو نصف قرن نزاعاً مع متمردي القوات المسلحة الثورية الكولومبية ومجموعات مسلحة أخرى. وشهدت الزيارة الأولى التي يقوم بها أوباما إلى كولومبيا حادثاً آخر أطرف، تمثل في سحب عدد من أفراد قوات النخبة المكلفة حمايته (حوالى 12 عنصراً) بسبب «سوء السلوك» بعد تقربهم من مومسات. الا أن كل هذه الحوادث لم توقف الاستعدادات للقمة التي ينوي أن يثير الرئيس الأميركي خلالها مسألة البحث عن وسائل «لزيادة التجارة» في أميركا اللاتينية التي تمتص أصلاً 40 في المئة من صادرات الولاياتالمتحدة. وقد دعاه نظيره الكولومبي خوان مانويل سانتوس إلى التفكير في «الفرص لا في المشاكل»، في هذه المنطقة التي يعيش حوالى نصف سكانها في الفقر. إلا أن موضوعاً آخر يطغى على جدول الأعمال وهو سياسة مكافحة تهريب المخدرات التي تثير جدلاً في أميركا الوسطى، حيث قتل أكثر من 20 ألف شخص في حوادث مرتبطة بعصابات التهريب العام الماضي. وبدعوة من قادة هذه المنطقة، عقد إجتماع مصغّر بين كولومبيا والمكسيك قبل القمة أمس، للتفاهم في مواجهة الولاياتالمتحدة أول دولة مستهلكة للكوكايين في العالم. واستبعد أوباما الاقتراع المثير للجدل بتشريع المخدرات في بلد وظف 8 بلايين دولار منذ العام 2000 لمكافحة تهريب هذه المادة في أميركا اللاتينية. وقال أوباما لمحطة التلفزيون الكولومبية «كاراكول» الخميس الماضي: «لا أعتقد أن تشريع المخدرات هو الرد المناسب لكنني أحترم التحدي الذي تشعر به الحكومات»، داعياً إلى «حوار مثمر» في هذا الشأن. وبما أنه يتطلّع لكسب أصوات الناطقين بالإسبانية البالغ عددهم حوالى 50 مليوناً في الولاياتالمتحدة، في الانتخابات الرئاسية المقررة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، سيسعى الرئيس الأميركي إلى استخدام الديبلوماسية للتطرق إلى قضية كوبا الحساسة. وباستثناء كندا، يأمل المشاركون في أن يسمح أوباما بحضور الجزيرة الشيوعية اجتماعات المنظمة، التي تغيبت عنها منذ تعليق عضويتها عام 1962 حين فرضت واشنطن حظرها الاقتصادي. ويتوقع أن تؤدي مطالبة الأرجنتين بأرخبيل فوكلاند أو المالوين بعد 30 عاماً من حربها ضد بريطانيا، إلى رص الصفوف في مواجهته. وهاتان القضيتان الشائكتان اللتان دفعتا الرئيس الاكوادوري رافاييل كوريا إلى مقاطعة القمة، يمكن أن تحرما الاجتماع من بيان ختامي كما حدث في 2009 تحت ضغط اليسار الراديكالي في أميركا اللاتينية. وقد لا تتاح لأحد ممثلي هذا التيار الرئيسيين الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز هذه المرة فرصة إسماع صوته لأنه بقي في كوبا لمتابعة علاجه ضد السرطان. وهو انتقد الاجتماع واعتبره «عديم الجدوى» لأنه لم توجّه دعوة إلى كوبا بسبب اعتراض الولاياتالمتحدةوكندا. «تنظيم الخلافات» وحض الرئيس الكولومبي واشنطن على التحالف مع جيرانها في أميركا اللاتينية بدلاً من التركيز على صراعات بعيدة مثل أفغانستان. وقال سانتوس قبيل وصول أوباما: «إذا أدركت الولاياتالمتحدة أن مصالحها الاستراتيجية البعيد المدى ليست في أفغانستان أو باكستان ولكن في أميركا اللاتينية ستكون هناك نتائج عظيمة». وحظي أوباما باستقبال حافل في القمة عام 2009، لكن آمال أميركا اللاتينية والتي كان من بينها حدوث تقارب أميركي مع كوبا تبددت إلى حد كبير مع تركيز أوباما على أولويات عالمية أخرى. وتساءل سانتوس في كلمة ألقاها أمام رجال أعمال عشية إنعقاد القمة: «لنحترم خلافاتنا ولكن لنبقى معاً. من كان يتخيل أن فنزويلا وكولومبيا تعملان معاً؟».