كشفت مصادر ل«لحياة» عن وجود ما وصفتها ب«حال ارتباك شديد وتعطل» في الموانئ القطرية، وتعرضها لأزمة لم تشهدها من قبل. وأوضحت المصادر أن السلطات القطرية تمر بأزمة حادة، وبخاصة في ملف إدارتها موانئها، نتيجة لما تعرضت له من مقاطعة الدول الأربع؛ المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين ومصر، لها، ومنعها مرور الطائرات أو السفن القطرية في مياهها الإقليمية، وهو ما تسبب في إرباك حركة الاستيراد والتصدير القطرية، وبخاصة السلع الاستراتيجية. وأشارت المصادر إلى وجود «تلاعب بعدد من الشركات المستوردة للمواد الغذائية في قطر، ما أدى إلى تعطل وارتباك شديد في الموانئ القطرية، فيما لجأت السلطات القطرية أخيراً إلى خفض رسوم المناولة للبضائع في موانئ الدولة، بواقع 50 في المئة من الرسوم المعمول بها، مدة ثلاثة أشهر قابلة للتجديد». واستعرضت المصادر تفاصيل التلاعب، الذي تقوم به شركات استيراد المواد الغذائية، موضحة أن بعض الشركات لجأت إلى حيلة مراوغة لاستغلال الأوضاع التي تمر بها الدوحة من مقاطعة. ولفتت إلى أن «الشركات المستوردة للمواد الغذائية تلجأ إلى بيع شحناتها للتجار في عرض البحر، قبل وصولها إلى الميناء، عوضاً من المستورد الأصلي لها، لتفاجأ إدارة الميناء بوجود جهتين تدعيان ملكيتهما الشحنة، وهو ما يؤدى إلى حدوث نوع من الغضب والارتباك في الموانئ نتيجة هذا السلوك، إضافة إلى تعطل حركة الشحن بسبب توقف سفن الحاويات وعدم تفريغها إلى حين فض النزاع بين المشتري القديم والجديد، إضافة إلى عرقلة عملية الإفراج عن البضائع، ما يؤثر بشكل كبير في حركة السوق». وأضافت المصادر أن السلطات القطرية، بعد تفاقم هذه الظاهرة، قامت ب«تشكيل لجنة مختصة، في شكل عاجل، لوضع قائمة بجميع الشركات المتلاعبة، لتطبيق العقوبات اللازمة بحقها، بيد أن هذه التحركات لم تشكل فارقاً في تمادي هذه الشركات في التلاعب، مستغلة بذلك شُح المواد الغذائية في قطر لجني مزيد من الأرباح والتكسب المادي». وللخروج من الأزمة التي تضرب قطر حالياً نتيجة المقاطعة أوضحت المصادر أن «السلطات القطرية لجأت إلى خفض رسوم المناولة للبضائع بموانئها بواقع 50 في المئة من قيمة الرسوم المعمول بها ثلاثة أشهر قابلة للتجديد، بغرض الخروج من أزمة شُح المواد الغذائية، ولتسهيل عملية الاستيراد». وقالت المصادر ل«الحياة» إن السلطات القطرية تلجأ الآن إلى أربعة خطوط ملاحية رئيسة تتكبد بسببها خسائر فادحة من حيث رفع الكلفة، أو تأخر وصول الشحنات، مشيرة إلى أن «خطوط الملاحة الرئيسة التي تشكل شريان قطر الآن هي: تركيا وإيران وسلطنة عمان والهند». وعن مدى تأثر السوق القطرية بمقاطعة كل من المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين ومصر للدوحة، قالت المصادر: «إن مقاطعة الدول الأربع لقطر أوجدت في الداخل القطري سوقاً موازية، وأدت إلى انتشار حالات كثيرة من الغش، وغلاء في الأسعار، نتيجة توظيف بعض التجار والمستوردين، وغالبهم من غير الجنسية القطرية، هذه الظروف والتلاعب بالسوق المحلية، وبخاصة في قطاع السلع الغذائية، التي تمس المواطنين القطريين في شكل مباشر». ارتفاع أسعار الشحن الجوي وصعوبة الاستيراد كشفت المصادر عن وجود أزمة أخرى تمر بها السوق القطرية الآن، بعيداً عن الأزمات في موانئها، تتعلق هذه المرة بالشحن الجوي. وأوضحت في اتصال مع «الحياة» أمس (الأحد)، أن «قطر تعاني، منذ بدء مقاطعة المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين ومصر وإغلاقها ممراتها المائية والجوية في وجه الملاحة القطرية، من ارتفاع جنوني في أسعار الشحن الجوي، إضافة إلى صعوبات استيراد المواد الاستهلاكية الطازجة، مثل الدواجن أو اللحوم أو منتجات الألبان». وأكدت المصادر «حاجة السوق القطرية إلى هذه المواد الرئيسة لدى المستهلك المحلي، وتضطر للتغلب على وقف شحن بعضها من الدول المقاطعة لقطر، إلى تكبد خسائر فادحة نتيجة الكلفة الباهظة لعملية الشحن». ولفتت إلى أن «الخطوط الجوية القطرية توقفت أخيراً عن شحن الدواجن الطازجة عبر طائراتها، ما شكل أزمة كبيرة في استيراد الدواجن الطازجة من بعض الدول»، وعزت المصادر هذا الامتناع إلى «اشتراط وجود تصريح استيراد مسبق خاص باستيراد الدواجن واللحوم الطازجة تحديداً، تطبيقاً لقرار حكومي بغرض المحافظة على المستهلك المحلي ومنع استيراد هذه المواد من البلدان التي تظهر فيها أمراض، مثل أنفلونزا الطيور أو الحمى القلاعية». وحذرت المصادر من أن «السلطات القطرية لجأت أخيراً إلى تعطيل هذا التصريح، وتم الاكتفاء بإعداد قائمة بالدول المحظور الاستيراد منها فقط، وهو ما يعرض صحة المستهلك في السوق المحلية لقطر إلى الخطر، نتيجة إمكان ظهور هذه الأمراض في دول لا تضمها القائمة القطرية». وأضافت: «طالبت وزارة الاقتصاد القطرية أخيراً الخطوط الجوية القطرية بضرورة البحث عن شركة شحن جوية عالمية لاقتراحها على الموردين، شريطة عدم استغلال الأوضاع الداخلية في قطر لرفع أسعار كلفتها»، مؤكدة أن «السلطات القطرية تعتزم خلال الفترة المقبلة عقد اجتماعات موسعة مع شركات الشحن والجمارك والخدمات اللوجستية المحلية، لبحث أسباب رفع الأسعار، وإيجاد حلول لهذه المشكلة».