نأى الرئيس اللبناني ميشال عون بنفسه عن السجال الداخلي حول اتفاق «حزب الله» ودمشق مع «داعش» على انسحاب من تبقى من مسلحي التنظيم إلى الداخل السوري، وأعلن في كلمة إلى اللبنانيين أمس، «انتصار لبنان على الإرهاب»، وقال: «لا تدعوا أجواء التشنجات السياسية والتجاذبات والتراشق بالتهم التي سادت في الأيام الأخيرة تنسيكم إنجاز الانتصار الذي تحقق». ورد الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصر الله على اعتراض رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على اتفاق الحزب مع «داعش» لنقل مسلحيه إلى دير الزور، «من موقع الأخوة والمحبة»، مشيراً إلى أن الاتفاق قضى بنقل عدد من مسلحي «داعش» وعائلاتهم من أرض سورية إلى أرض سورية، أي من القلمون الغربي السوري إلى دير الزور السورية وليس من أرض لبنانية إلى أرض عراقية، إذ إن غالبيتهم من السوريين. ودخل التحالف الدولي على خط السجال وقصف قافلة الطريق الذي تسلكه قافلة «داعش». وإذ أكد عون أن الجيش اللبناني «أثبت في هذه المعركة النظيفة أنه الجيش القوي، والوحيد الذي استطاع هزيمة داعش وطرده من أرضنا»، أعلن قائد الجيش العماد جوزيف عون «انتهاء عملية فجر الجرود»، شارحاً تفاصيل المعركة وانتهاءها بانسحاب المسلحين ومعرفة مصير العسكريين المخطوفين، الذين قال إنه ينتظر فحوص رفاتهم للتأكد من هوياتهم. وأعلنت قيادة الجيش أن قائده عون تلقى اتصالاً هاتفياً من قائد القيادة الوسطى الأميركية الجنرال جوزف فوتيل، الذي هنّأه بنجاح عملية «فجر الجرود»، وأداء الوحدات التي شاركت فيها، وأكّد له استمرار الدعم الأميركي للجيش اللبناني بالأسلحة والعتاد لتطوير قدراته وتعزيز مهماته. وشكر العماد عون الجنرال فوتيل على اتصاله وتهنئته ومواصلة الدعم الأميركي للجيش اللبناني، وأكّد له أنّه «كان للمساعدات الأميركية للجيش الدور الفاعل والأساس في نجاح هذه العملية». وكان مصدر عسكري أكد ل «الحياة» أن المساعدات الأميركية للجيش مستمرة وسيتسلم قريباً 3 طائرات «سوبر توكانو» ودبابات من الجيش الأميركي. ونقلت وكالة «رويترز» عن الكولونيل رايان ديلون، المتحدث باسم التحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة، أن طائرات للتحالف نفذت ضربات جوية أمس لمنع قافلة تنظيم «داعش» وأسرهم من الوصول إلى شرق سورية كانت قادمة من الحدود اللبنانية السورية بموجب اتفاق الأحد الماضي، قائلاً: «لسنا ملزمين بهذه الاتفاقات». وقال ل «رويترز» عبر الهاتف: «أحدثنا حفرة بالطريق ودمرنا جسراً صغيراً لمنع القافلة من مواصلة التحرك شرقاً»، من دون أن يحدد الموقع بدقة. وأضاف: «من الواضح أنهم مسلحون ويتحركون الى موقع آخر للقتال مجدداً». وقال: «وفقاً لقانون الصراعات المسلحة... سنضربهم متى تسنى لنا ذلك، والضربات المباشرة على القافلة لن تتم إلا إذا أمكن فصل المسلحين عن المدنيين». يذكر أن وصول قافلة «داعش» في الباصات السورية وبمواكبة الجيش السوري إلى منطقة البوكمال السورية في محافظة دير الزور أول من أمس، كان يفترص أن يؤدي إلى تسليم «داعش» جثتي عنصرين ل «حزب الله» وأحد أسراه، وجثة إيراني من الحرس الثوري كان يحارب في سورية، لكن لم يعلن عن حصول التبادل حتى مساء أمس. وكانت المعلومات الرسمية في بيروت، أفادت بأن فحوص ال «دي أن آي» لرفات 8 جثث عائدة للعسكريين الذين خطفهم «داعش» عام 2014، أدت إلى التعرف إلى 6 منهم. ورجحت مصادر أمنية أن يكون تم اكتشاف مكان وجود رفات العسكري الشهيد عباس مدلج الذي كان مسلحو «جبهة النصرة» قتلوه في العام ذاته. وطالب أهالي العسكريين المخطوفين بإعدام الموقوفين من «داعش» في سجن رومية المركزي، والمتهمين بتعذيب أبنائهم وقتلهم. وتنتظر إقامة تشييع رسمي للعسكريين ومأتم وطني. وانتقد رئيس المجلس النيابي نبيه بري السجال الدائر حول نتائج المعركة في الجرود ودافع عن موقف «حزب الله» ودوره في في المعركة، وتساءل عن سبب الحملة على رئيس الحكومة السابق تمام سلام وقائد الجيش السابق العماد جان قهوجي (تحميلهما مسؤولية عدم القيام بعمل عسكري لتحرير العسكريين المخطوفين عام 2014). وتحدث بري وسط حشد شعبي كبير في ضاحية بيروت الجنوبية عصر أمس في الذكرى ال39 لتغييب مؤسس حركة «أمل» الإمام موسى الصدر، فأعلن أن الإمام ورفيقيه الذين تم إخفاؤهم في ليبيا ما زالوا أحياء. وتناول علاقات لبنان العربية قائلاً: «سنمنع أي شرخ في العلاقات مع دولة الكويت التي انحازت دائماً إلى جانب لبنان، أميراً وحكومة ومجلساً، واتصفت بالإعمار مقابل الدمار الذي ألحقته إسرائيل، وأقامت مشروعاتها الملموسة على مساحة لبنان ودعمت ولا تزال إنجاز مشروع الليطاني». ونوه «بما صدر من توضيحات من السيد حسن نصرالله، ومبادرة رئيس الحكومة إلى تأكيد عمق العلاقة بين البلدين، وأكد أن ما يجمع بين لبنانوالكويت هو الكثير الكثير وانحياز كل منهما إلى الآخر»، مذكراً بمشروع الليطاني «الذي كان حلماً حققته الكويت». وكان رد نصرالله على العبادي أكد أن الذين تم نقلهم من عناصر «داعش» ليسوا أعداداً كبيرة، و «أن 310 من المسلحين المهزومين المنكسرين المستسلمين الفاقدين إرادة القتال لن يغيروا شيئاً في معادلة المعركة في دير الزور التي يتواجد فيها كما يقال عشرات الآلاف من العناصر».