مع اقتراب المعارك من الحدود الإدارية لمحافظة دير الزور ووصولها الى مراحل متقدمة في الرقة، واشتداد حدة القصف على تلك المناطق، وتغيير استراتيجية التعامل من جانب تنظيم «داعش» بعد خساراته المتتالية اذ لجأ الى إطلاق النفير العام والتجنيد الإجباري للمدنيين الموجودين في مناطق سيطرته، اضطر الكثير من المدنيين للنزوح الى مناطق أكثر أمناً... فهاموا على وجوههم في كل الاتجاهات، وكانت ارياف الحسكة الأقرب إليهم وهي تحت سيطرة «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) التي أقامت عدداً من المخيمات لإيوائهم. وحدث الأمر ذاته في محافظة الرقة وريفها وفي مناطق جنوب سورية على الحدود الاردنية. طريق هروب النازحين من الموت محفوف بالمخاطر، فأغلب الطرق زرعت بالألغام وطرق البوادي يصعب أن يسير فيها من لا يعرفها جيداً، ما جعل النازحين فريسة للمهربين الذين يتقاضون مبالغ مالية ضخمة لاخراجهم من مناطق سيطرة «داعش» ومن ثم تركهم يواجهون مصيرهم في طرق البادية، والتي قتل عليها كثير منهم بانفجار ألغام او من شدة الحر والعطش كما حدث لعائلة من مدينة المياذين اذ توفيت طفلة رضيعة وأمها. المعاملة السيئة من المشرفين على المخيمات من أعضاء الادارة الذاتية وصعوبات النزوح دفعت الناشطين من أبناء المنطقة إلى إطلاق حملة على وسائل التواصل الاجتماعي تحت مسمى #مخيمات_الموت، مطالبين فيها الأممالمتحدة عبر أمينها العام ومؤسساتها الرسمية بالعمل على مساعدة النازحين وحمايتهم من خلال بيان اطلقوه ووجهوه الى الأمين العام للأمم المتحدة والمؤسسات التابعة لها. محمد حسان الناطق باسم الحملة يقول: «الهدف من إطلاق الحملة هو التنبيه لمعاناة النازحين من مناطق سيطرة التنظيم ولفت الأنظار الى المعاملة السيئة التي يتلقونها في المخيمات، بخاصة تلك التي تقع تحت سلطة قوات سورية الديموقراطية (قسد) ومخيمات الجنوب السوري مثل الركبان والحدلات التي يحاصرها نظام الأسد وتستهدفها طائرات النظام بشكل متكرر. اما أهدافها الاساسية فهي مطالبة الأممالمتحدة بفتح ممرات آمنة للمدنيين ووضع المخيمات تحت رعاية أممية وكذلك تأمين الحماية للنازحين وتأمين حرية التنقل لهم، بخاصة ان معظمهم من ذوي الأمراض المزمنة من كبار السن والأطفال». وحول توزع المخيمات ومعاملة المشرفين عليها تحدثت مديرة الحملة فلك الفرج فقالت: «تتوزع المخيمات على محافظات الحسكة والرقة، وعلى الحدود الاردنية السورية حيث مخيمات الركبان والحدلات والتي لا تجد أي رعاية من أي منظمة او طرف سوى بعض الفصائل الموجودة هناك، ولا تتوافر فيها أدنى مقومات الحياة من ماء وطعام وطبابة، إضافة الى ارتفاع الاسعار نتيجة حصار النظام لها. ويستوعب مخيم الركبان حوالى 68 الف نسمة والحدلات حوالى 5 آلاف نسمة جميعهم نازحون من دير الزور وأرياف حمص والقلمون والبادية». اما في الرقة فهناك مخيم الكرامة ويقطنه حوالى 30 الف نازح، وقد شهد 10 حالات وفاة بسبب انعدام العناية الصحية، ومخيم عين عيسى ويقطنه حوالى 8 آلاف لاجئ وشهد في وقت سابق وفاة عشرة أطفال بسبب انتشار الامراض الوبائية وانعدام الرعاية الصحية، والمخيمان تحت إدارة قوات «قسد». وعلى رغم صعوبة الحياة فيهما فهما أفضل من مخيمات الحسكة. اما مخيمات الحسكة فغالبيتها خارج المدينة هي أقرب في واقعها الى المعتقلات التي تقوم عليها «قوات سورية الديموقراطية» (قسد). وهذه المخيمات هي: رجم الصليبي ويقع في الريف الشمالي للحسكة وفيه ما يقارب 10 آلاف نازح معظمهم من محافظة دير الزور، وهو أول نقطة تصل اليها أفواج الهاربين من الرقة ودير الزور، وقد استهدفهم «داعش» بكمين أدى إلى مقتل37 مدنياً معظمهم نساء وأطفال. ويعاني المخيم نقصاً حاداً في كل الخدمات، لا سيما في المياه الصالحة للشرب والتي يضطر الاهالي إلى شرائها. ومخيم السد او العريشة وعدد النازحين فيه 25 الفاً. وشهد 8 حالات وفاة نتيجة سوء الرعاية الصحية والحر الشديد، وهو يعاني معاناة المخيمات الأخرى. كذلك مخيم الهول (مخيم أقيم أثناء الحرب العراقية) ويقطنه حوالى 10 آلاف نازح. ومخيم مبروكة ويقطنه حوالى 3 آلاف نازح. وهذه المخيمات كلها تعاني من سوء الخدمات إضافة إلى الاستغلال الذي يقوم به بعض المهربين من أجل إخراج النازحين من المخيم، حيث يضطر النازح لدفع مبالغ طائلة لإدارة المخيم او للمهربين. وكذلك لا يسمح لأي نازح في المخيم بالدخول الى مناطق سيطرة الميليشيات الكردية من دون دفع كفالة ووجود كفيل كردي يضمن النازح لإدخاله الحسكة.