دبي - رويترز – يمكن أن تدفع الانتفاضات التي يشهدها العالم العربي المستثمرين إلى تقليص مراكزهم في بعض دول المنطقة في الأجل القصير، في وقت يمكن أن تستفيد أخرى من تحول في تدفقات رأس المال. وتجتاح احتجاجات حاشدة دولاً عربية عدة، وتسببت أسابيع من ضبابية الوضع الآخذ في الاتساع بارتفاع تكاليف التأمين على الديون وعائدات السندات الحكومية في الخليج، أكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم في حين تشهد الأسهم والعملات، ومعظمها مربوط بالدولار، تقلبات. وكشفت المحللة دينا أحمد المتخصصة بوسط أوروبا وشرقها والشرق الأوسط وأفريقيا لدى «بي أن بي باريبا»، أن المنطقة «تتعرّض لدرجة من التدفقات الرأس مالية إلى الخارج»، ورأت أن «من الصعب تقدير حجمها لأن البيانات تأتي متأخرة جداً». وفي ذروة الاضطرابات السياسية في مصر، قُدر حجم التدفقات الرأس مالية الخارجة بما بين 500 مليون دولار وبليون يومياً. لكن لاحظ متعاملون في السوق، أن في الخليج الذي يستفيد من أسعار النفط القوية، «حتى البحرين الصغيرة التي تمرّ في اضطرابات، لم تشهد تدفقات كبيرة إلى الخارج». وأشار كبير الاقتصاديين لدى «اكزوتيكس» في لندن، غابرييل سترن، إلى «خطر محدود لتدفقات متواضعة إلى الخارج»، ملاحظاً ارتفاع عائدات سندات البحرين في شكل طفيف». وقفز عائد السندات الإسلامية للبحرين استحقاق 2014 إلى 3.9 في المئة، وهو أعلى مستوياته منذ أيار (مايو) الماضي، في حين رجّح مصرفيون، أن تؤجل البحرين «إصدار سندات سيادية بقيمة بليون دولار». ولفتت مؤسسة «ماركت»، إلى أن «تكاليف التأمين على ديون البحرين وهي مركز مالي إقليمي ومقر صناديق مشتركة بنحو 10 بلايين دولار، سجلت مستويات مرتفعة جديدة في خلال 18 شهراً، عند 300 نقطة أول من أمس». ودفعت المخاوف من استمرار الاضطرابات والتظاهرات السياسية في البحرين «ستاندرد أند بورز»، إلى خفض تصنيفها الائتماني للدولة. وحتى قطر التي تتمتع بأحد أكبر معدلات نصيب الفرد من الناتج الاقتصادي في العالم، البالغ نحو 75 ألف دولار، والتي لم تشهد احتجاجات، ارتفعت فيها تكاليف التأمين على الديون لمدة خمس سنوات إلى أعلى مستوياتها في خلال سنة عندما سجلت 113 نقطة أول من أمس. وتوقع كبير الاقتصاديين لدى «بنك إتش أس بي سي» في دبي سايمون وليامز، « أن يراجع بعضهم خططه للمنطقة ككل على رغم انصباب مخاوف (المستثمرين) على الدول التي تشهد اضطرابات». وتوقع محللون، «تفاقم الضغوط على العملات في حال استمرت الصدامات الدموية في ليبيا، ومع قيام سفن حربية إيرانية بعبور قناة السويس. لكن الأخطار السياسية المرتفعة في بعض أجزاء العالم العربي وأسعار النفط القوية البالغة نحو 90 دولاراً للبرميل، ربما تدفع أيضاً بعض المستثمرين إلى تحويل استثماراتهم إلى الدول الخليجية الأكثر استقراراً. وأعلن مستثمر سندات مقيم في لندن، أن «وجهة نظرنا تتمثل في أن علاوة سعرية للأخطار السياسية ارتفعت بوضوح في أنحاء المنطقة. لكن نفرق بقوة بين أماكن حيث النظام السياسي أكثر استقراراً بكثير»، وبين دول معرضة لاضطرابات. وقال: «إذا أردت البقاء في الشرق الأوسط، فإنك تنتقل من البحرين مثلاً إلى الإمارات أو إلى قطر لكن لست واثقاً من اضطرارك إلى الانتقال بالكامل». وارتفعت عائدات السندات القياسية لكل من قطر وإمارة أبو ظبي، على رغم بقائهما بمعزل عن الاضطرابات حيث تعيش أعداد السكان الصغيرة في رغد بفضل إيرادات النفط. وأشار مسؤول مصرفي كبير في البحرين، إلى «تلقي بعض الاستفسارات خصوصاً من المستثمرين الأجانب في شأن تحويل الاستثمارات إلى أجزاء أخرى من الخليج».