في اقتداء بالانتفاضة المصرية، قررت المعارضة في اليمن تحويل التظاهرات المتفرقة التي كانت تنظمها في صنعاء ومدن أخرى إلى اعتصام مفتوح في ميدان التحرير في قلب العاصمة، فيما انضم «الحوثيون» إلى هذا التحرك ونظموا للمرة الأولى تظاهرة حاشدة في صعدة (شمال)، في وقت كان الرئيس علي عبدالله صالح يؤكد أن صناديق الاقتراع وحدها يمكن أن تدفعه إلى الرحيل. وقال علي صالح في مؤتمر صحافي امس إن «من يريد أن يسقط النظام فعليه أن يسقطه من خلال صناديق الاقتراع. لا مشكلة عندنا، فالسلطة بالنسبة إلينا «مغرم وليست مغنم»، وأضاف «لن اقبل بضمانة السفارة الأميركية والاتحاد الأوروبي» لما تطالب به المعارضة «فالشعب اليمني هو الضامن لتنفيذ الإصلاحات». وكان الرئيس اليمني تعهد عدم ترشيح نفسه إلى ولاية ثانية مع انتهاء ولايته الحالية في 2013 وبأن لا يورث السلطة إلى أي من أبنائه، ودعا المعارضة إلى حوار فوري مفتوح، لكن هذه ردت بأنه ليس هناك أي ضمان بأنه سينفذ تعهداته وقررت المشاركة في حركة الاحتجاجات التي تتسع يوماً بعد يوم. وتحدث صالح عن حزمة من الإصلاحات قدمها بناء على طلب المعارضة، وقال إن الأخيرة «رفعت سقف مطالبها، وبعضها مطالب غير مقبولة. وعلى سبيل المثال يطالبون برحيل النظام، لكن الشعب يرد عليهم في كل المحافظات ويقول لهم: نعم للإصلاحات السياسية، نعم للإصلاحات القانونية، نعم للإصلاحات الدستورية، لكن لا للانقلابات ولا للانقضاض على السلطة من خلال الغوغائية والفوضى وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة وإزهاق الأرواح». واعتبر ما يحصل في اليمن «مجرد عدوى انتقلت من تونس ومصر وهي أشبه بالإنفلونزا»، مؤكداً انه اصدر تعليماته للأجهزة الأمنية بعدم التعرض للمحتجين. وأكد علي صالح استعداده لإعطاء أحزاب المعارضة في تحالف «اللقاء المشترك» رئاسة الحكومة، لكنه استدرك قائلاً أنهم «لن يستطيعوا إدارتها أسبوعاً». وجدد دعوته المعارضة إلى الحوار وقال «نحن ندعو إلى الحوار وهم يرفضونه ويقولون في بياناتهم لا حوار في ظل البندقية والهراوات. وهذا غير وارد، الهراوات موجودة معهم، مع المتظاهرين الآخرين». وجاءت تصريحات الرئيس في وقت قررت المعارضة الاعتصام المفتوح في وسط صنعاء، على غرار ما يحصل في تعز وعدن، إلى حين تحقيق مطالبها برحيل الرئيس وإصلاح النظام، فيما صدرت فتوى لافتة عن علماء اليمن تحرم الاعتداء على المتظاهرين المسالمين وتعتبر التظاهر شكلاً من أشكال «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر». ومنذ مساء الأحد، بدأ الآلاف يتجمهرون في الباحة أمام جامعة صنعاء في صنعاء ووصل عددهم امس إلى نحو ستة آلاف شخص. وانضم نواب وناشطون ومعارضون إلى الاعتصام بعدما كان الطلاب يشكلون العمود الفقري لهذه التظاهرات. وشكل المعتصمون لجاناً لتنظيم الاعتصام ومنع أي تدخل من مناصري حزب «المؤتمر الشعبي العام» الحاكم الذين كانوا يهاجمون الطلاب بشكل يومي بالحجارة والعصي والهراوات، وحتى بالفؤوس والأسلحة بحسب بعض المتظاهرين. كذلك نظم المعتصمون حملة تبرعات لدعم بقائهم في الساحة التي باتوا يطلقون عليها اسم «ساحة الحرية»، من خلال تأمين المأكل والمشرب والأغطية. وفي عدن، أفادت مصادر طبية وشهود أن متظاهراً قتل وأصيب أربعة آخرون بجروح فجر امس عندما أطلقت قوات الأمن النار على شباب كانوا يحتجون بالقرب من إطارات مشتعلة في مدينة عدن في جنوب اليمن. وبذلك ترتفع حصيلة قتلى الاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام في عدن والتي بدأت الأربعاء الماضي، إلى 12 قتيلاً إضافة إلى عشرات الجرحى. وأفادت المصادر أن آلاف الشبان يعتصمون في محطة الرويشان للنقل العام في حي المنصورة في المدينة منذ ثلاثة أيام، وأن مئات آخرين يعتصمون في حي خور مكسر في المدينة نفسها. أما في تعز، فاستمر المئات في الاعتصام في وسط المدينة رافعين الشعارات نفسها. وأصدر علماء اليمن برئاسة الشيخ عبدالمجيد الزنداني فتوى تحرم الاعتداء على المتظاهرين المسالمين في البلاد وطالبوا بتشكيل حكومة وحدة وطنية موقتة تشرف على إجراء انتخابات نزيهة. واعتبر العلماء المنضوون في «جمعية علماء اليمن» أن التظاهرات السلمية شكل من أشكال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويجب حمايتها. وأكدوا أن «كل اعتداء بالضرب أو القتل على المتظاهرين هو جريمة عمدية لا تسقط بالتقادم»، كما اعتبروا انه «لا يحق لأي تظاهرة أن تتجه إلى مكان التظاهرة الأولى نفسه حتى لا تحصل فتنة». ودعا العلماء إلى «محاسبة كل من باشر بضرب أو قتل المتظاهرين سلماً أو الصحافيين والإعلاميين»، كما حرموا ضرب أو قتل قوات الأمن. وانضم المتمردون «الحوثيون» إلى حركة الاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام، ونظموا تظاهرة ضمت عشرات الآلاف في صعدة. وذكرت مصادر محلية أن المتظاهرين رددوا شعارات تطالب بإسقاط النظام وأكدوا تضامنهم مع المتظاهرين والمعتصمين في صنعاء وعدن.