يشعر الرئيس المصري السابق حسني مبارك بالأمان في شرم الشيخ وحوله حراسه وضباط وجنود الجيش الذين يحيطون المكان ويمنعون «المتطفلين» من الاقتراب منه. أما رجال الرئيس المتهمون بالفساد، والذين أُوقفوا على ذمة تحقيقات النيابة معهم، فإن حالهم أسوأ. ليس فقط لأن الإقامة في سجن «طرة» الشهير لا تمكن مقارنتها بمنتجع شرم الشيخ، لكن أيضاً لأنهم مضطرون للخروج من السجن وركوب سيارات الشرطة لتنقلهم إلى مقر النيابة. وبين السجن ومقر النيابة وحولهما يسمعون السباب والهتافات ضدهم ويرون الحجارة تلاحقهم. وحصلت «الحياة» على معلومات من مصدر موثوق من داخل السجن عن الظروف التي يعيشها الآن وزير الداخلية السابق حبيب العادلي ووزير الإسكان السابق أحمد المغربي ووزير السياحة السابق زهير جرانة وأمين التنظيم السابق في الحزب الوطني أحمد عز. والثلاثة يواجهون تهماً تتعلق بالفساد. وانضم إليهم رئيس مجلس إدارة دار «أخبار اليوم» للصحافة السابق محمد عهدي فضلي. ومعروف أن النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود يحقق في قضايا وتهم أخرى يُنتظر أن توجه إلى العادلي، على رأسها تلك المتعلقة بالانفلات الأمني في 28 كانون الثاني (يناير) الماضي، نتيجة انسحاب الشرطة من موقعها، ما تسبب في وقوع قتلى وجرحى. وأكد المصدر أن الخمسة توجهوا مباشرة من مقر النيابة إلى السجن في سيارات منفصلة بعد صدور قرار حبسهم احتياطياً على ذمة التحقيق، وأنهم جميعاً يلتزمون الصمت إلا العادلي الذي حاول بعدما وصل إلى السجن المزاح مع مسؤول السجن، حيث أدخل أولاً إلى غرفة «المأمور» لإنهاء الإجراءات. وقال للضباط: «مكنتش أعرف إن ضباط السجون بالشياكة دي». وأردف: «لأ لأ... دي السجون بقت هايلة». فردّ أحد الحراس: «أنت منور هنا يا باشا». ووفقاً للمصدر، ارتدى الخمسة ملابس السجناء الموقوفين على ذمة التحقيقات، وهي بيضاء اللون أحضروها معهم، باستثناء فضلي الذي تسلم ملابسه من إدارة السجن. وذكر المصدر أن الخمسة أودعوا زنازين منفصلة، وأن زنزانة العادلي مجاورة تماماً لزنزانة رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى الذي ينتظر حكم محكمة النقض في قضية مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم. ويقضي السجناء الخمسة غالبية وقتهم داخل الزنازين، ويسمح لكل منهم ب «فسحة» لمدة ساعتين يومياً يشغلها العادلي في ممارسة رياضة المشي أمام زنزانته. أما الأربعة الباقون فيجلس كل منهم وحده في ساحة مواجهة للممر المواجه للزنازين. ونفى المصدر المعلومات عن لقاءات بين الخمسة. وأكد أنهم لا يلتقون داخل السجن أبداً، وأنهم اختاروا وقت الفسحة في شكل تبادلي. وفي حين ما زال طلعت مصطفى يأكل طعاماً من الخارج، وغالباً من فندق «فورسيزون» الذي يملكه، فإن الخمسة الآخرين يأكلون من مطعم السجن على نفقتهم الخاصة. وأكد المصدر أن العادلي طلب في اليوم الأول نصف دجاجة مشوية ورزاً في حين طلب عز والمغربي وجرانة لحوماً مشوية وسددوا ثمن الوجبات. وروى أن عز طلب من إدارة السجن تغطية جدران زنزانته بالسيراميك، متعهداً أن يأتي به من مصنع «الجوهرة» الذي يملكه، وأن يسدد نفقات تركيبه، لكن طلبه رفض. وأوضح المصدر أن كل زنزانة فيها سرير صغير وحمام مساحته 40 سنتيمتراً مربعاً. وعلى رغم كل تلك الظروف المريحة نسبياً، إلا أن المعاناة الأكبر للمسؤولين السابقين المعروفين بثرائهم الفاحش تكون عند الذهاب إلى النيابة لحضور التحقيقات معهم. فكل منهم يذهب في سيارة بمفرده وسط حراسة مشددة، مقيد اليدين، وعليه سماع الهتاف الشعبي: «الحزب الوطني فين... الحرامي أهوه» مصحوباً بالحجارة التي تنهال على سيارة الشرطة ذهاباً وإياباً. وتعد إدارة السجن لاستقبال مسؤولين سابقين آخرين في الأيام المقبلة سيعيشون في الظروف نفسها وسيواجهون الهتاف نفسه.