أشرقت 26 شمساًً عقب كارثة 26 كانون الثاني (يناير) الماضي، إلا أن ما خلفته سيول جدة من تآكل في الشوارع وبرك من المياه الراكدة، لايزال ينخر في جسد العروس ويعبس بوجهها الوضاء قبل حين ويكدر صفو الأهالي، حتى ظل البحث عن طرق سليمة تقي سيارات المواطنين الفتك والضرر «بعبعاً» يلازم قادتها. وتسببت كارثة «الأربعاء 2» في تعطيل حياة المواطنين والإضرار بمنازلهم ومركباتهم، وهدر ممتلكاتهم، بل غيبت من أرواحاً عزيزة عليهم، فضلاً عن تكبيد مجموعة كبيرة من الأهالي والمقيمين خسائر عدة في جوانب متفرقة. وأخيراً، أكد أناس متفرقون ل «الحياة» أن مياه تلك السيول لم تنقص منذ ذلك اليوم، بل إن بعضها في ازدياد، ما أدى إلى خسارة الكثير منهم، فبعضهم تعطلت سياراتهم أكثر من مرة خلال ال26 يوماً الماضية والبعض الآخر اضطر إلى تغيير الطرق التي يسير فيها حتى يجنب مركبته التعطل في تلك الشوارع. وعن معاناته المستمرة مع شوارع جدة، قال الشاب فارس أحمد (26 عاماً) ل«الحياة»: «كثيراً ما تعطلت مركبتي بسبب الشوارع المتآكلة، خصوصاً وأنها صغيرة الحجم، ومن السهل جداً تعطل محركها و«إطاراتها» نتيجة احتكاكها المستمر طوال ساعات الذهاب أو العودة بشوارع مكسرة غير صالحة للسير، كما أن تلك الشوارع لا تصلح للسير على الأقدام». وأضاف أن سيارته تعطلت أكثر من مرة خلال ال26 يوماً التي مضت منذ هطول أمطار الأربعاء الأخيرة، مشيراً إلى أن الشوارع كانت سيئة قبل ذلك، لكن ازدادت سوءاًً وتفاقم تآكل أطرافها وتجمع المياه في البؤر التي لم تنته أو تتقلص بعد. وفي السياق ذاته، أبدى فهد العسيري ( رب أسرة 55 عاماً) تذمراً شديداً من حال الشوارع ووضعها الرديء، مؤكداً أنه يعاني من تجمع المياه وتكوين برك كبيرة منها عند تقاطع أحد الشوارع في جدة، وتابع: «على رغم امتلاكي سيارة كبيرة الحجم إلا أن ذلك لا يشكل فرقاً، وجميع المركبات معرضة للخراب في حال تعرض محركها لمياه بشكل متواصل، فما بالنا ونحن نعرضها للمياه كل يوم، وكل يوم يكون عزاؤنا أن تتناقص لكن للأسف أن حجم المياه لا يتغير وهي مياه كثيرة جداً تكاد تشكل بركة، فيما الشارع الآخر الذي أسكنه عوضاً عن ذلك الشارع الذي تملؤه المياه أجده متآكلاً بشكل واضح وتوجد فيه حفر عميقة ومرتفعات عالية، ما يعرض محرك سيارتي للاحتكاك به». أقرت أم محمد وهي سيدة ربة منزل أنها هي الأخرى تعاني كثيراً من تآكل شوارع المدينة الساحلية بعد أحداث الأمطار وتكسرها وتجمع المياه في بعض طرقاتها، وقالت ل«الحياة»: «امتلك سيارة صغيرة بيد أن السائق لا يعرف كيفية السير في شوارع جدة فمن سوء حظنا أن السائق جديد عمل معنا حديثاً وهو على غير دراية بأحوال الطرقات قبل الكارثة فكيف بعدها؟. وأضافت: «فور وصوله هطلت أمطار الأربعاء، وتجمعت المياه في أماكن متفرقة، وتآكل الكثير من الشوارع، ولأن السائق لا يعرف أي طرق مختصرة كان يضطر للسير كل يوم في الطريق نفسه المتآكل لإيصال ابنتي مقر عملها، ونتيجة لذلك تعطلت السيارة أكثر من مرة ما كلفني مبالغ باهظة.