تنطلق غداً فعاليات «مهرجان البستان» اللبناني للموسيقى الكلاسيكية على مسرح إميل بستاني في الثامنة والنصف مساءً بحفلة تضم شلة من كبار العازفين المنفردين في أوروبا، يعملون معاً للمرة الأولى على سبيل التحية لأربعة مؤلفين كلاسيكيين هم دفورجاك التشيكي، كازاندييف المجري، بيتهوفن الألماني وماهلر النمساوي، وذلك انطلاقاً من ثيمة مهرجان السنة: «من الدانوب الى البحر الأسود». ويلحظ المراقب كيف يتجاوز البستان سنوياً مصاعب الأوضاع المتأزمة في لبنان خصوصاً، وفي الشرق الأوسط عموماً، فكأن الفن الراقي، بشارة السلام الدائمة، قادر على قهر قوى العنف والعداء. ففي كل سنة نخشى أن لا يستطيع المهرجان تفتيح وروده في ظلام الظروف القاتمة لكن وروده تفتحت وأرسلت أريجها العطر كما بمعجزة كل سنة. يستمر «البستان» على وتيرة شبه يومية حتى السابع والعشرين من آذار (مارس) المقبل تواكبه الفرقة السمفونية لمدينة تبليسي عاصمة جورجيا بقيادة المايسترو الإيطالي جيانلوكا مارسيانو. في الرابع والعشرين من شباط (فبراير) الجاري يتعرف جمهور «البستان» على عازفة الكلارينيت البلغارية لون مادسون التي اشتهرت عالمياً بأداء مقطوعات موتسارت وتلمان وبرتوك وتشايكوفسكي ويعتبرها النقاد الأوروبيون طليعية الأسلوب، ساحرة الحضور، بالغة الاحتراف. تليها في السادس والعشرين من الشهر الجاري عازفة البيانو الكرواتية مارتينا فيلياك التي حصدت جوائز عالمية في عزفها المنفرد خصوصاً الجائزة المميزة خلال مباراة مدينة كليفلاند عام 2009 حين تكرست نجوميتها وبات من الصعب حجز حفلاتها. وستعزف مارتينا مع فرقة تبليسي الكونشرتو رقم واحد للهنغاري فرانس ليست. وللمرة الرابعة يعود روب فيرمولن الى «البستان» ليقود جوقة فاغنيرية من سبعين منشداً ومنشدة يؤدون مقاطع مرهفة لماندلسن وبرامز وألفريد شنيتكه تحت عنوان «أصوات للإنسانية» في السابع والعشرين من الشهر الجاري. في الغرفة الزجاجية، مطلع الشهر المقبل، يطل عازف القانون اللبناني جيلبير يمين بعد غياب ست سنوات في ألمانيا وأوروبا حيث كان يتابع دراسته الموسيقية ويرافق فرقاً غربية وشرقية خصوصاً الأخت ماري كيروز والموسيقار زاد ملتقى. ويشتهر يمين (30 سنة) بعزفه المستوحى من الأسلوب التركي بالأصابع العشر. واللافت هذه السنة قوة المشاركة المحلية في تعزيز الطابع الكلاسيكي للمهرجان عبر انخراط الفرقة الفيلهارمونية اللبنانية في تقديم مقطوعات ذات حرفية عالية بقيادة جيانلوكا مارسيانو مساء السادس والعشرين من آذار (مارس) في أمسية بعنوان «سهرة في فيينا مع عائلة شتراوس». من جهة أخرى تلعب الجوقات الكنسية دوراً بارزاً وجوالاً يخرج «البستان» من قاعته المركزية الى كاتدرائية القديس جرجيس في ساحة النجمة في بيروت مساء الثاني والعشرين من آذار (مارس) المقبل وفي اليوم التالي في كنيسة مار إلياس الأرثوذوكسية في الرابية، شمال بيروت، حيث تقدم جوقة مدينة صوفيا مقطوعات شرق أوروبية يتمحور موضوعها حول تراتيل السلام الكوني. أمّا العازفون المنفردون الشباب مثل إدوارد كونز وإيليا راشكوفسكي، الفائزان بجائزة جورج إنيسكو فيتوزعون أمسيات الثالث من آذار (مارس) والحادي عشر (أليسون بالسوم وطوم بوستر) والسابع والعشرين مع نينا كوتوفا عازفة التشيلو برفقة الفرقة الفيلهارمونية اللبنانية. إضافةً الى أم``سية أوبرالية في الثاني عشر من الشهر نفسه مع السوبرانو إينفا مولا وعازف البيانو جينك توكيتشي. في اليوم التالي يعود عازف الكمان الشاب فاليري سوكولوف بعد غياب سنتين عن «البستان» برفقة عازفة البيانو كاثرين ستوت التي وصفتها الديلي تلغراف بأنها رائعة العزف، تتدفق شغفاً يملأ الفضاء وهي كثيراً ما ترافق العازف الياباني الشهير يو يوما. لموسيقى الجاز أيضاً دورها في الثالث من الشهر المقبل مع أكثر الفرق الألمانية حضوراً هذه الأيام: «تريوسنس» المؤلفة من برنارد شولر على البيانو وإستيفان إيميغ على الطبول وإينغو سنيست على الغيتار وسوف يقدم هؤلاء سهرتهم في العاشرة والنصف مساءً بعد السهرة الكلاسيكية. وتجدر الإشارة الى أن السهرات الكلاسيكية «الكبرى» تصادف في الرابع من الشهر المقبل حين يتسنى لعشاق ماهلر الإصغاء الى سمفونيته الرابعة المعروفة باسم «المزاجيات» وهي أكثر أعماله صخباً وجنوحاً عاطفياً. وفي اليوم التالي يرافق عازف التشيلو الفرنسي غوتييه كابوسون فرقة تبليسي في أداء الرقصات السلافية لدفورجاك وهي المقطوعات التي أذاعت شهرته في كل أنحاء أوروبا. للإطلاع على كامل برنامج البستان: http://www.albustanfestival.com