عكست التحركات الديبلوماسية تحولات متسارعة في ساحة الحرب السورية، وتوجه القوى الدولية لترتيب الأوضاع «ما بعد خفض التوتر» و «ما بعد داعش»، وبحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أمس الحرب السورية وما بعدها. وطالب نتانياهو موسكو بممارسة نفوذها لضمان خروج كل القوات الإيرانية وحلفائها من سورية بعد انتهاء الحرب. وفي إشارة أخرى إلى التباينات مع إسرائيل حيال سورية، أعلنت موسكو أمس، بالتزامن مع وجود نتانياهو في منتجع سوتشي، بدء عمل مركز المراقبة المشترك في الأردن، المسؤول عن إدارة عمليات الرقابة والتحكم في منطقة خفض التوتر في الجنوب السوري. علماً أن إسرائيل كانت طالبت بإدخال تعديلات جوهرية على الاتفاق، قبل دخوله حيز التنفيذ (للمزيد). وبعد محادثات استمرت ثلاث ساعات بين بوتين ونتانياهو، طغت عليها قضية النفوذ الإيراني المتزايد في سورية، تجنب الكرملين الإشارة إلى موضوع إيران، مكتفياً بالقول في بيان مقتضب إن الطرفين ناقشا العلاقات الثنائية والوضع في الشرق الأوسط. وأوحت سلسلة تغريدات نشرها نتانياهو لاحقاً في «تويتر» بأن التباينات حول إيران سيطرت على اللقاء مع بوتين. وأن زيارة نتانياهو استهدفت أن يكون لإسرائيل صوت في الترتيبات «ما بعد داعش» و «ما بعد الحرب الأهلية» مع دخول مناطق عدة نظام «خفض التوتر». وكشف نتانياهو للصحافيين الإسرائيليين عقب الاجتماع، أنه قال لبوتين إن إسرائيل «ستدافع عن نفسها ضد التهديد الإيراني وتهديدات أخرى بشتى الوسائل». وأوضح أنه حذر بوتين من أن «إيران تحاول لبننة سورية» وتتمدد وتعزز نفوذها عبر الميليشيات الشيعية الموالية لها، مشدداً لبوتين على أهمية «انسحاب كل القوات الإيرانية وقوات حزب الله من سورية لمنع اندلاع حرب في المستقبل». وزاد نتانياهو: «مغادرة القوات الإيرانية وحزب الله وبقية الميليشيات الشيعية يجب أن تكون جزءاً من ترتيبات ما بعد الحرب في سورية». وأكد نتانياهو أنه بادر إلى طلب لقاء بوتين وإرسال وفد أمني إلى واشنطن الأسبوع الماضي «بسبب التغيرات المتسارعة في سورية في الأسابيع الأخيرة مع انهيار داعش». وزاد: «ليس من المبالغة الاعتقاد بأن داعش سيفقد موطئ قدمه في سورية خلال فترة زمنية وجيزة. وسيكون من الأفضل إنهاء الحرب في شكل أسرع ومنع حرب في المستقبل إذا لم تكن إيران في سورية». وتابع: «أوضحت لبوتين أن تعزيز إيران نفوذَها في سورية لن يساعد على الاستقرار في المنطقة. كما قلت له إننا نريد منع حرب مستقبلية في المنطقة، لذلك نحذر منها في شكل مسبق». وشدد نتانياهو على أن هذه التحركات موجهة ضد إسرائيل، «بالتالي لن نقف متفرجين... وسنتحرك عندما نحتاج، ووفق خطوطنا الحمر... فعلنا ذلك في الماضي لم نطلب الإذن من أحد». تزامناً، قالت مصادر في تركيا إن الرئيس رجب طيب أردوغان أبلغ وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس بأن أنقرة تشعر بالقلق إزاء الدعم الأميركي ل «وحدات حماية الشعب الكردية». وأفادت المصادر بأن الجانبين أكدا أهمية الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وذلك في إشارة إلى رفض أنقرة القاطع أي تحركات لأكراد سورية من شأنها تهديد وحدة الأراضي السورية. ونقل عن أردوغان قوله أمس: «مهما كان الثمن، سنقوم بالتدخل الذي تمليه الضرورة» لمنع «إقامة ممر إرهابي في شمال سورية». إلى ذلك، ذكرت «أسوشييتد برس» في تقرير لها أمس، أن آلاف العناصر الموالين لإيران واصلوا تقدمهم شرقاً في البادية السورية ليقرّبوا طهران للمرة الأولى من تحقيق هدفها بالحصول على «ممر أرضي» من أراضيها إلى البحر المتوسط عبر العراق وسورية ولبنان. ويعد هذا الممر «الجائزة الأكبر» لطهران منذ تدخلها في الحرب منذ 6 سنوات، إذ إنه سيسهل حركة العناصر والأسلحة، وسيضعها في موقع يسمح لها بأن تؤدي دوراً أساسياً ومربحاً في عملية إعادة البناء المتوقعة في العراق وسورية.