أثار خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول استراتيجيته في أفغانستان جدلاً، لما تضمّنه من تلويح بتعزيزات عسكرية لحسم المعركة ضد حركة «طالبان»، مع ترك الباب موارباً لتسوية بعيدة المدى مع عناصر في الحركة بعد قلب الميزان العسكري ضدها. وفي وقت قال وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس أمس، إنه في انتظار خطة من هيئة الأركان قبل اتخاذ قرار في شأن حجم التعزيزات، نقلت «واشنطن بوست» عن مصادرها أن الإدارة الأميركية أبلغت الكونغرس عزمها على إرسال أربعة آلاف جندي ينضمون إلى 8400 موجودين في أفغانستان. ورحبت الرئاسة الأفغانية بقرار ترامب، فيما توعدت حركة «طالبان» الأميركيين ب «مقبرة جديدة»، وشككت روسيا بجدوى القرار، ودافعت الصين عن باكستان التي اتهمها الرئيس الأميركي ب «إيواء إرهابيين». ورفض ترامب في خطابه إعطاء تفاصيل عن عدد القوات أو الجدول الزمني لإرسالها إلى أفغانستان، واعتبر أن في ذلك «هدية للأعداء»، مؤكداً أن البيت الأبيض «لن يتدخل في إدارة الجيش الحرب». ورأى الخبير في مجلس العلاقات الخارجية ريتشارد هاس، أن تكليفاً كهذا للجيش فيه «التزام مفتوح بجعل أفغانستان مركزاً للقواعد الأميركية في المدى الأبعد لمحاربة الإرهاب في جنوب آسيا». وقال ترامب: «نحن لا نبني دولاً، نحن نقتل الإرهابيين»، واتهم باكستان بإيوائهم قائلاً: «نحن ندفع لهم البلايين وهم يؤوون إرهابيين يحاربوننا، عليهم تغيير تصرفهم فوراً». وفتح بذلك الباب أمام معاقبة باكستان وزيادة الضغوط عليها، إما بمضاعفة الضربات الجوية على المناطق الحدودية، أو بعقوبات تستهدف شخصيات داخل الاستخبارات الباكستانية. وقال الناطق في مجلس الأمن القومي مايكل أنتون أمس، إن «الرسالة التي نريد إيصالها إلى المسؤولين في باكستان، هي أن الرئيس حذرهم، والولاياتالمتحدة صبرت كثيراً ولوقت طويل، وهم لم يبادرونا بالكثير». وتوقع أنتون «استخدام أدوات الضغوط، وسيعود إليهم تغيير تصرفهم أم لا». وللمرة الأولى، فتح ترامب الباب أمام الهند للمساعدة في شكل أكبر في أفغانستان وفي مجال التنمية والاستقرار. وأيد السيناتور جون ماكين اقتراح زيادة العقوبات على باكستان ودعا إلى «استراتيجية إقليمية» لذلك. وكان لافتاً في الخطاب أيضاً، تأكيد ترامب أنه «بعد الجهد العسكري ربما قد يكون من الممكن التوصل إلى تسوية سياسية تشمل عناصر من طالبان». وأوضح الخبير الدفاعي في معهد «بروكينغز» مايكل أوهانلون ل «الحياة»، أن «من الممكن قبول أن تستلم طالبان مجالس محلية أو يكون لها محافظ إقليمي في منطقة نائية». وردت الحركة ببيان أصدره الناطق باسمها ذبيح الله مجاهد، أعلنت فيه أنه «إذا لم تسحب الولاياتالمتحدة جنودها، فإن أفغانستان ستصبح قريباً مقبرة أخرى لهذه القوة العظمى في القرن الواحد والعشرين». وأضاف البيان: «طالما أن هناك جندياً أميركياً واحداً على أرضنا، وطالما أنهم مستمرون بالحرب ضدنا سنستمر في جهادنا». وأعربت موسكو عن اعتقادها بأن استراتيجية ترامب الجديدة في أفغانستان لن تجلب منافع، فيما دافعت الصين عن حليفتها الاستراتيجية باكستان، وقالت الناطقة باسم الخارجية الصينية هوا شونيينغ، إن إسلام آباد «قدمت تضحيات كبرى وساهمت في حملة مكافحة الإرهاب». ورأت أن «المجموعة الدولية يجب أن تدعم جهود باكستان». تزامن ذلك مع تأكيد وزير الخارجية الباكستاني خواجة محمد آصف، حرص باكستان على «السلام والاستقرار في أفغانستان». ورحبت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير ليين، بالتزام الإدارة الأميركية في أفغانستان، لكنها أكدت أنها لن ترسل تعزيزات عسكرية إلى أفغانستان فوراً استجابة لطلب ترامب، ولن تكون في مقدم الدول التي ستلتزم إرسال تعزيزات.