ذكرت مصادر رسمية أن التصديق على تشكيلة «المجلس الاقتصادي والاجتماعي» سيتم مطلع الأسبوع المقبل في مدينة الدارالبيضاء، الشريان الاقتصادي والتجاري للبلاد، ما يوحي باستكمال إجراءات دستورية تضمنها الدستور المعدل لعام 1996. وعلى رغم أن دعوات تفعيل هذا التوجّه صدرت منذ فترة، كان آخرها حض العاهل المغربي الملك محمد السادس حكومة رئيس الوزراء عباس الفاسي على بلورة القوانين التنظيمية للمجلس الذي يرتدي طابعاً استشارياً للحكومة والبرلمان، فإن تزامن الإعلان عن التصديق عليه ارتبط بتصعيد المواجهات الاجتماعية بين الحكومة والمركزيات النقابية. وفيما تسود مخاوف حيال نهاية فترة السلم الاجتماعي، في ضوء تزايد المطالب الاجتماعية لشرائح واسعة من الفئات المحرومة. التزمت حكومة عباس الفاسي تنفيذ خطة إصلاحات اقتصادية ومالية تحول دون تأثر المواد الاستهلاكية الأساسية، مثل الدقيق والزيت والسكر، بارتفاع أسعارها دولياً، وذلك من خلال ضخ المزيد من الأموال في صندوق الدعم. وخرج حزب الاستقلال الذي يقود الحكومة أمس عن صمته. مؤكداً وجود «لوبيات» تعوق المضي قدماً في مسلسل الإصلاحات. وكتبت «العلم»، صحيفة الحزب، أن بعض الممارسات التي ظهرت في السنوات الأخيرة «أقنعت المغاربة بضرورة التحوط ودفعتهم الى التخوف من أن تنجح بعض الأطراف في معاودة إنتاج مظاهر ماضوية» دفعت البلاد ثمنها غالياً. وذهبت الصحيفة إلى اعتبار الإصلاحات الدستورية إحدى المداخل الرئيسية، مشيرة إلى أن المغرب يسير في الاتجاه الصحيح. بيد أن دعوة شباب على موقع «فايسبوك» إلى تنظيم تظاهرات شعبية الأحد في أرجاء عدة من البلاد، فرّقت المواقف الحزبية والسياسية. ففيما اختارت تنظيمات إسلامية ويسارية أن تدفع بشبابها إلى الواجهة، التزمت غالبية الفاعليات المشاركة في البرلمان موقفاً مغايراً، وضمنها حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي، وكان لافتاً أن جماعة «العدل والإحسان» التي يتزعمها الشيخ عبدالسلام ياسين أذنت للشباب المنتسبين إليها بدعم التظاهرات والمشاركة فيها، إلى جانب تنظيمات حقوقية تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان. وتعتبر المرة الأولى التي يدعو فيها «شباب الفايسبوك» الذين أطلقوا على أنفسهم «حركة 20 فبراير» إلى تظاهرات من هذا النوع، وإن بدا جلياً أن هناك صراعات داخلية وزعت مستشاريهم بين دعاة ممارسة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية في إطار استمرارية الدولة، وبين المنادين بتغيير دستور البلاد. وعلمت «الحياة» في غضون ذلك أن محكمة في سلا، إلى جوار العاصمة الرباط، منحت القيادي في «العدالة والتنمية» جامع المعتصم سراحاً موقتاً إلى جانب أحد رجال الأعمال كان متابعاً في ملفات تطاول سوء تدبير الشؤون المحلية في بلدية سلا. وانتقد «العدالة والتنمية» في شدة اعتقال النائب المعتصم، كونه يشكّل «العقل التنظيمي» في الحملات الانتخابية، فيما دعت فاعليات حقوقية إلى الإفراج عمن يعرفون ب «المعتقلين السياسيين» في ملف «خلية بلعيرج» التي دين أعضاؤها بأحكام سجن وُصفت بأنها قاسية. وذكرت مصادر حزبية أن رئيس الوزراء الفاسي دعا قيادات في الغالبية والمعارضة إلى طرح تصوّرات حول القوانين المنظمة للانتخابات، قبل إعداد الحكومة مشروع قانون بهذا الصدد، ما يشير إلى احتمال العودة إلى نظام الاقتراع الفردي المباشر. وشكلت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية محاور بارزة في اجتماعات الفاسي مع الزعامات السياسية في البلاد.