أجّج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نزاعه مع المستشارة الألمانية أنغيلا مركل، إذ حضّ مواطنيه المقيمين في ألمانيا على الامتناع عن التصويت لحزبها وحليفَيه في الانتخابات النيابية المرتقبة الشهر المقبل، وحرّضهم على «تلقينها درساً» بوصفها «عدوّة» لأنقرة. وشجب وزير الخارجية الألماني زيغمار غابريال، المنتمي إلى الحزب الاشتراكي الديموقراطي، تصريحات أردوغان، معتبراً أنها «تدخّلٌ استثنائي في سيادة بلادنا»، وزاد: «تدخّل أردوغان في الحملة الانتخابية يُظهر أنه يريد تحريض الناس بعضها ضد بعض» قبل الاقتراع في 24 أيلول (سبتمبر) المقبل. وخاطب مواطنيه قائلاً: «لنُظهِر للذين يريدون تحريض بعضنا ضد بعض أننا لن نشارك في هذه اللعبة الشريرة». كما اتهم أتيلا كارابوركلو، الرئيس المشارك للجمعية التركية في ألمانيا، أردوغان ب «السعي إلى تقسيم المجتمع في ألمانيا» و «الإضرار بديموقراطيتها». ويُرجّح ألا تؤثر تصريحات أردوغان في نتائج الانتخابات وفوز مركل بولاية رابعة، إذ إن حزب الاتحاد الديموقراطي المسيحي المحافظ الذي تتزعّمه المستشارة يتقدّم بفارق مريح عن الحزب الاشتراكي الديموقراطي، شريكه في الائتلاف الحاكم ومنافسه الرئيس في الاقتراع. وتدهورت العلاقات بين أنقرةوبرلين في شكل متزايد في الشهور الأخيرة، لا سيّما بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا في تموز (يوليو) 2016، وما تراه ألمانيا جنوحاً استبدادياً لأردوغان وقمعاً منه للمعارضة، إضافة إلى احتجاز أنقرة ناشطين وصحافيين ألماناً اتُهِموا بدعم تنظيمات إرهابية. في المقابل، تتهم تركياألمانيا بتأمين ملاذ آمن لمسلحي «حزب العمال الكردستاني» ولمشبوهين بالانتماء إلى جماعة الداعية المعارض فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير المحاولة الانقلابية، بينهم عادل أوكسوز، الذي تعتبره السلطات «إماماً» لأفراد سلاح الجوّ التركي الذين قصفوا البرلمان ليلة المحاولة الفاشلة، وطلبت رسمياً من برلين توقيفه وتسليمه إليها. وشدد أردوغان أمس على أن تركيا «لا تتحمّل أي مسؤولية» عن خفض التوتر مع ألمانيا، واتهمها بالامتناع عن التزام معايير الاتحاد الأوروبي، إذ «تتخذ من تركيا هدفاً لتجاذبات داخلية فيها». وأضاف: «قدّمتُ لمركل ملفات 4500 إرهابي مطلوب، لكن لم نتلقَ أيّ رد إيجابي حتى الآن، وما زلنا ننتظر». وأشار إلى أن ألمانيا «تشهد انتخابات بعد 25 أو 30 يوماً»، معتبراً أن «الأحزاب فيها تعتقد بأنها ستحصل على أصوات ناخبين بمقدار تهجّمها على تركيا». ولفت إلى أن هناك مليون ناخب من أصل تركي في ألمانيا. وزاد بعد صلاة الجمعة في إسطنبول: «أتوجّه إلى أبناء جلدتي في ألمانيا: لا تدعموا حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي ولا الحزب الاشتراكي الديموقراطي ولا حزب الخضر، كلّها عدوّة لتركيا. ادعموا الأحزاب التي لا تعادي بلادنا، فهذه مسألة كرامة بالنسبة إلى مواطنينا المقيمين هناك». وتابع: «أدعوهم إلى الامتناع عن التصويت لهذه الأحزاب التي انخرطت في مواقف عدائية ومنافية للاحترام ضد تركيا، ولتلقينها درساً في صناديق الاقتراع». في السياق ذاته، حضّ رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم ألمانيا على «ألا تؤوي المشاركين في المحاولة الانقلابية، وألا تتسامح معهم، وأن تعيدهم إلى تركيا لمحاكمتهم». وأضاف: «كما أن ألمانيا دولة قانون، تركيا أيضاً دولة قانون، وسيُحاكَم هؤلاء في إطار القانون وينالون جزاءهم».