أحيا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أزمة ديبلوماسية بين بلاده ودول في الاتحاد الأوروبي، بعد هدوء دام أياماً وتراجع في حدة التصريحات، إذ دعا الناخبين الأتراك في أوروبا إلى تحدي «أحفاد النازيين» والتصويت لمصلحة مشروع يحوّل النظام رئاسياً في بلادهم، أثناء استفتاء مرتقب في 16 نيسان (أبريل) الجاري. وقال: «لن نسمح لثلاث أو خمس دول أوروبية بأن تنال من كرامتنا». وأضاف مخاطباً قادة أوروبيين: «أستثني زعماء في الغرب، لكني أقول أنكم لن تفلحوا في إخضاع الأمّة التركية». وتابع خلال تجمّع في مسقطه مدينة ريزه شمال تركيا: «أدعو جميع الأتراك في أوروبا إلى التصويت بنعم في الاستفتاء، لكي يعطوا رداً مناسباً على أحفاد النازيين وعلى الذين يفرضون قمعاً فاشياً. أثبتوا لهم أن كل محاولاتهم لعرقلتكم عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع، لن تجدي». ووجّه أردوغان تهديداً مبطناً لسويسرا، قائلاً أن سلطاتها «تسمح لتنظيمات إرهابية بالتظاهر ضد تركيا على أرضها»، وزاد: «انتظروا سيأتيكم الردّ». وكرّر وصفه الاتحاد الأوروبي ب «نادٍ مسيحي وملحد»، لافتاً إلى أنه قد يطرح مسألة إعادة العمل بعقوبة الإعدام في استفتاء «إذا تطلّب الأمر». وزاد: «الاتحاد لن يعجبه ذلك، لكنني لا أبالي بما يقوله هانز وجورج وهيلغا، ما يهمني هو ما يقوله حسن وأحمد ومحمد وعائشة وفاطمة. أهتم لما يقوله الله». في غضون ذلك، فجّر زعيم المعارضة كمال كيليجدارأوغلو مفاجأة، بقوله أن محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز (يوليو) الماضي «كانت انقلاباً تحت سيطرة الحكومة». وأردف خلال اجتماع مع رؤساء تحرير صحف وشبكات إخبارية في إسطنبول: «بات لدينا ملف شبه كامل، بالأدلة والبراهين، على أن ما حدث ليلة 15 تموز كان بعلم الحكومة التركية وتحكّمها، وسننشر هذا الملف قريباً بعد استكمال تحقيقاتنا الخاصة». كما أكد أن 120 نائباً موالياً لجماعة الداعية المعارض فتح الله غولن، الذي تتهمه أنقرة بتدبير المحاولة الفاشلة، منضوون في الكتلة البرلمانية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا. وكان كيليجدارأوغلو أعرب عن شكوك في ما حدث خلال المحاولة الانقلابية، لكنها المرة الأولى التي يتحدث فيها عن ملف كامل وجمع أدلة، وعن عزمه على فتح هذا الموضوع ومواجهته الحكومة قريباً. وطالب أردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلدريم كيليجدارأوغلو بكشف ما لديه وعدم «التمثيل والتصنّع»، وخاطب الرئيس زعيم المعارضة قائلاً: «لن تفيدك هذه الألاعيب بعد الاستفتاء وإقرار النظام الرئاسي». وكانت التحقيقات في المحاولة الانقلابية أشارت إلى دور أساسي أداه الأستاذ الجامعي عادل أوكسوز، إذ أشرف على تنفيذ المحاولة، وأوقف آنذاك لكن أُفرِج عنه في شكل مفاجئ وغير مفهوم، ليختفي بعد ذلك تماماً. وأوكسوز هو الذراع اليمنى لغولن في تركيا، لكن الشبهات لم تحمْ حوله قبل المحاولة الانقلابية، إذ عمِل أستاذاً لعلوم الشريعة في جامعة مرمرة بإسطنبول. ولمّح كيليجدارأوغلو أكثر من مرة إلى احتمال أن يكون أوكسوز جاسوساً لجهاز الاستخبارات التركية، اخترق جماعة غولن، مثيراً علامات استفهام كبرى حول دوره ودور الاستخبارات في تلك العملية. وسأل: «أي انقلاب يبدأ التاسعة مساءً ومن على جسر البوسفور؟ هذه خطة لا يضعها عسكري، والحكومة كانت تعلم مسبقاً بمخطط الانقلاب وتابعت سيره». إلى ذلك (رويترز)، أعلنت وزارة الداخلية الألمانية أن 262 ديبلوماسياً وعسكرياً تركياً قدّموا طلبات لجوء في ألمانيا، منذ المحاولة الفاشلة.